قمة السلام في مصر.. رسائل للعالم عن معاناة الفلسطينيين
لم يكن في مقدور مصر أن تكف آذانها وتنعزل عن أداء دورها العربي المشهود تجاه القضايا العربية في المنطقة والتي على رأسها القضية الفلسطينية، والتي تعيش في مرحلة فارقة، منذ بداية طوفان الأقصى يوم 7 أكتوبر الماضي.
ومن هنا حملت مصر لواء وقف التصعيد الفلسطيني الإسرائيلي، وعمدت على الدعوة لقمة عالمية كبيرة يحضرها أغلب زعماء الدول العربية وزعماء العالم والأمم المتحدة.
وفي هذا الصدد، أكدت رئاسة الجمهورية في مصر، أن اجتماع قمة السلام في القاهرة اليوم السبت بحضور قادة ورؤساء حكومات ومبعوثي عدد من الدول الإقليمية والدولية، والذي يأتي للتشاور والنظر في سبل الدفع بجهود احتواء الأزمة المتفاقمة في قطاع غزة، وخفض التصعيد العسكري بين الجانبين الإسرائيلي والفلسطيني الذى راح ضحيته آلاف القتلى من المدنيين الأبرياء.
رئاسة الجمهورية المصرية
وأوضحت رئاسة الجمهورية، أن الدولة المصرية سعت من خلال دعوتها الي هذه القمة، إلى بناء توافق دولى عابر للثقافات والأجناس والأديان والمواقف السياسية، توافق محوره قيم الإنسانية وضميرها الجمعي، ينبذ العنف والإرهاب وقتل النفس بغير حق.
ونوهت بأن يدعو إلى وقف الحرب الدائرة التى راح ضحيتها الآلاف من المدنيين الأبرياء علي الجانبين الفلسطينى والإسرائيلى، يطالب باحترام قواعد القانون الدولى والقانون الدولى الإنسانى.
وأشارت رئاسة الجمهورية المصرية، أنه تم التأكيد خلال الاجتماع على الأهمية القصوى لحماية المدنيين وعدم تعريضهم للمخاطر والتهديدات، ويعطي أولوية خاصة لنفاذ وضمان تدفق المساعدات الإنسانية والإغاثية وإيصالها إلى مستحقيها من أبناء قطاع غزة.
وخلال فعاليات الجلسة الافتتاحية للقمة، ألقى الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي؛ كلمة أمام قمة القاهرة للسلام؛ أدان فيها استهداف أو قتل أو ترويع كل المدنيين المسالمين في غزة ؛ معبر في الوقت ذاته عن دهشته البالغة.. من أن يقف العالم متفرجاً.. على أزمة إنسانية كارثية.. يتعرض لها مليونان ونصف المليون إنسان فلسطيني، في القطاع.
نص الكلمة:
بسم الله الرحمن الرحيم
أصحاب الجلالة والسمو.. ملوك وأمراء ورؤساء الدول والحكومات،
أصحاب المعالي.. السادة رؤساء الوفود،
الحضور الكريم،
نلتقي اليوم بالقاهرة، في أوقاتٍ صعبة.. تمتحن إنسانيتنا، قبل مصالحنا.. تختبر عمق إيماننا، بقيمة الإنسان، وحقه في الحياة.. وتضع المبادئ، التي ندعي أننا نعتنقها، في موضع التساؤل والفحص.
وأقول لكم بصراحة.. إن شعوب العالم كله، وليس فقط شعوب المنطقة.. تترقب بعيون متسعة.. مواقفنا في هذه اللحظة التاريخية الدقيقة، اتصالاً بالتصعيد العسكري الحالي، منذ السابع من أكتوبر الجاري، في إسرائيل والأرض الفلسطينية.
إن مصر تدين، بوضوح كامل، استهداف أو قتل أو ترويع كل المدنيين المسالمين.. وفي الوقت ذاته، تعبر عن دهشتها البالغة.. من أن يقف العالم متفرجاً.. على أزمة إنسانية كارثية.. يتعرض لها مليونان ونصف المليون إنسان فلسطيني، في قطاع غزة.. يُفرَض عليهم عقاب جماعي.. وحصار وتجويع.. وضغوط عنيفة للتهجير القسري.. في ممارسات نبذها العالم المتحضر.. الذي ابرم الاتفاقيات، وأَسَسَّ القانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني، لتجريمها، ومنع تكرارها.. مما يدفعنا لتأكيد دعوتنا، بتوفير الحماية الدولية، للشعب الفلسطيني والمدنيين الأبرياء.
ودعوني أتساءل بصراحة:
أين قيم الحضارة الإنسانية.. التي شيدناها على امتداد الألفيات والقرون؟
أين المساواة بين أرواح البشر.. دون تمييز أو تفرقة.. أو معايير مزدوجة؟
إن مصر، منذ اللحظة الأولى، انخرطت في جهود مضنية.. آناء الليل وأطراف النهار.. لتنسيق وإرسال المساعدات الإنسانية، إلى المحاصرين في غزة.. لم تغلق معبر رفح البري في أي لحظة.. إلا أن القصف الإسرائيلي المتكرر لجانبه الفلسطيني.. حال دون عمله.. وفى هذه الظروف الميدانية القاسية، اتفقتُ مع الرئيس الأمريكي على تشغيل المعبر بشكل مستدام، بإشرافٍ وتنسيق مع الأمم المتحدة، ووكالة "الأونروا"، وجمعية الهلال الأحمر الفلسطيني.. وأن يتم توزيع المساعدات، بإشراف الأمم المتحدة، على السكان، في قطاع غزة.
السادة الحضور،
إن العالم لا يجب أن يقبل، استخدام الضغط الإنساني، للإجبار على التهجير.. وقد أكدت مصر، وتجدد التشديد، على الرفض التام، للتهجير القسري للفلسطينيين، ونزوحهم إلى الأراضي المصرية في سيناء.. إذ أن ذلك، ليس إلا تصفية نهائية للقضية الفلسطينية.. وإنهاءً لحلم الدولة الفلسطينية المستقلة.. وإهداراً لكفاح الشعب الفلسطيني، والشعوب العربية والإسلامية، بل وجميع الأحرار في العالم، على مدار ٧٥ عاماً، هي عمر القضية الفلسطينية.
ويخطئ في فهم طبيعة الشعب الفلسطيني، من يظن، أن هذا الشعب الأبي الصامد، راغب في مغادرة أرضه، حتى لو كانت هذه الأرض، تحت الاحتلال، أو القصف.
كما أؤكد للعالم.. بوضوح ولسان مبين.. وبتعبير صادق، عن إرادة جميع أبناء الشعب المصري.. فرداً فرداً: إن تصفية القضية الفلسطينية، دون حل عادل، لن يحدث.. وفي كل الأحوال.. لن يحدث على حساب مصر.. أبداً.
الحضور الكريم،
هل كُتب على هذه المنطقة، بأن تعيش في هذا الصراع للأبد؟
ألم يأن الوقت، للتعامل مع جِذر مشكلة الشرق الأوسط؟
ألم يأت الحين، لنبذ الأوهام السياسية، بأن الوضع القائم، قابل للاستمرار؟ وضع الاجراءات الأحادية.. والاستيطان.. وتدنيس المقدسات.. وخلع الفلسطينيين من بيوتهم وقُراهم، ومن القدس الشريف؟
إن مصر.. دفعت ثمناً هائلاً من أجل السلام في هذه المنطقة.. بادرت به.. عندما كان صوت الحرب هو الأعلى.. وحافظت عليه وحدها.. عندما كان صوت المزايدات الجوفاء هو الأوحد.. وبقيت شامخة الرأس، تقود منطقتها، نحو التعايش السلمي القائم على العدل.
واليوم.. تقول لكم مصر.. بكلمات ناصحة أمينة: إن حل القضية الفلسطينية، ليس التهجير.. وليس إزاحة شعب بأكمله إلى مناطق أخرى.. بل إن حلها الوحيد، هو العدل، بحصول الفلسطينيين على حقوقهم المشروعة، في تقرير المصير، والعيش بكرامة وأمان، في دولة مستقلة على أرضهم.. مثلهم، مثل باقي شعوب الأرض.
السادة الحضور،
نحن أمام أزمة غير مسبوقة.. تتطلب الانتباه الكامل، للحيلولة دون اتساع رقعة الصراع، بما يهدد استقرار المنطقة، ويهدد السلم والأمن الدوليين.
ولذلك، فقد وجهت لكم الدعوة اليوم، لنناقش معا، ونعمل على التوصل إلى توافق محدد، على خارطة طريق.. تستهدف إنهاء المأساة الإنسانية الحالية، وإحياء مسار السلام، من خلال عدة محاور.. تبدأ بضمان التدفق الكامل والآمن، والسريع والمستدام، للمساعدات الإنسانية لأهل غزة.. وتنتقل فوراً، إلى التفاوض حول التهدئة ووقف إطلاق النار.. ثم البدء العاجل، في مفاوضاتٍ لإحياء عملية السلام، وصولاً لإعمال حل الدولتين، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، التي تعيش جنباً إلى جنب، مع إسرائيل، على أساس مقررات الشرعية الدولية.. مع العمل بجدية على تدعيم السلطة الوطنية الفلسطينية الشرعية، للاضطلاع بمهامها، بشكل كامل، في الأراضي الفلسطينية.
الحضور الكريم،
دعونا نوجه رسالة، لشعوب العالم.. بأن قادته يدركون عِظَم المسئولية.. ويرون بأعينهم، فداحة الكارثة الإنسانية.. ويتألمون من أعماق قلوبهم، لكل طفل برئ، يموت بسبب صراع لا يفهمه.. يأتيه الموت بقذيفة أو قصف.. أو يأتي بطيئاً، لجُرح لا يجد دواءً.. أو لجوع، لا يجد زاداً.
دعونا نوجه رسالة أمل، لشعوب العالم.. بأن غداً، سيكون أفضل من اليوم.
شكراً.. والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته".
وخلال فعاليات القمة، أكد زعماء العرب على أهمية وقف التاصعيد بين الطرفين في أسرع وقت، علاوة على ضرورة إيجاد حل جذري للقضية الفلسطينية.
ومن جانبه، وجه الرئيس الفلسطيني محمود عباس، رسائل نارية إلى إسرائيل والعالم من خلال مشاركته في قمة السلام التي عقدت في القاهرة يوم السبت 21 أكتوبر 2023.
حذّر الرئيس عباس من عمليات طرد وتهجير الفلسطينيين من غزة والقدس والضفة الغربية، واعتبرها جرائم حرب يجب محاسبة مرتكبيها.
أكد الرئيس عباس أن حكومة الاحتلال الإسرائيلي لم تسمع نداءاته لوقف إطلاق النار، وأنها تتحمل المسؤولية الكاملة عن استمرار الحرب.
جدد الرئيس عباس رفضه قتل المدنيين من الجانبين، ودعا إلى وقف فوري للعدوان الإسرائيلي على غزة.
قال الرئيس عباس إن دوامة العنف تتجدد كل فترة بسبب غياب العدالة، وطالب المجتمع الدولي باتخاذ إجراءات رادعة لوقف الاحتلال الإسرائيلي.
أكد الرئيس عباس أن السلام يتحقق بتنفيذ حل الدولتين وإنهاء الاحتلال وحل قضية اللاجئين.
طالب الرئيس عباس مجلس الأمن الدولي بالقيام بمسؤوليته في حماية الشعب الفلسطيني.
أعلن الرئيس عباس أن الفلسطينيين لن يرحلوا عن أرضهم، وسيواصلون النضال من أجل الحرية والاستقلال.
جوتيريش: نجدد الدعوة لوقف إطلاق النار لتحقيق السلام
وبدوره، جدد أنطونيو جوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة، الدعوة لوقف إطلاق النار من أجل تحقيق السلام على أساس حل الدولتين.، مضيفا: حان الوقت لإنهاء هذا الكابوس الذي يهدد الأطفال.