هدنة غزة وحماية المدنيين.. بلينكن في إسرائيل بين أمل ودعوة
تتبنى الولايات المتحدة الأمريكية، موقفاً واضحاً داعما لإسرائيل منذ اشتعال الصراع مع الفصائل الفلسطينية، وتكررت الزيارات الأمريكية منذ اشتعال الأوضاع في غزة يوم 7 أكتوبر، وفي ظل جهود أمريكية مستمرة لتقديم المساعدة لإسرائيل في مواجهة التصعيد المستمر مع حماس، وصل وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن الخميس إلى تل أبيب، في زيارته الثالثة خلال أقل من شهر، ويجري بلينكن اجتماعات بالقادة الإسرائيليين لمناقشة الهدنة المؤقتة وتعزيز المساعدات الإنسانية لقطاع غزة.
تمديد الهدنة
ويوم الخميس، أعرب بلينكن الذي يزور إسرائيل، عن أمله في تمديد الهدنة مع حركة حماس الفلسطينية التي أتاحت إطلاق سراح رهائن ومعتقلين وتكثيف توصيل المساعدات إلى قطاع غزة، فيما حذر الإسرائيليين في حال استئناف القتال.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية ماثيو ميلر في بيان، إن بلينكن "شدد خلال اجتماعه مع (رئيس الوزراء بنيامين) نتنياهو على ضرورة مراعاة الاحتياجات الإنسانية وحماية المدنيين في جنوب القطاع قبل أي عملية عسكرية هناك".
وجدد وزير الخارجية دعم الولايات المتحدة "لحقّ إسرائيل في الدفاع عن نفسها ضد العنف الإرهابي في إطار احترام القانون الإنساني الدولي"، داعيا الدولة العبرية "إلى اتخاذ جميع التدابير الممكنة لمنع تضرر المدنيين".
وتخشى الولايات المتحدة، الحليف الثابت لإسرائيل والتي تدعم ردها على حركة حماس، من أن يؤدي استئناف القتال وخاصة امتداده إلى جنوب غزة، إلى تضرر مئات الآلاف من المدنيين الذين نزحوا عن منازلهم من شمال القطاع نحو جنوبه.
ولا يخفي الدبلوماسيون الأمريكيون في محادثاتهم الخاصة حقيقة أن زيارات بلينكن المتعاقبة إلى إسرائيل تهدف جزئياً إلى مواصلة الضغط على الحليف الإسرائيلي، دون إملاء سلوك معين في الحرب.
وزير الخارجية الأمريكي حث أيضا القضاء الإسرائيلي على محاسبة "المستوطنين المتطرفين الذين يرتكبون أعمال عنف ضد الفلسطينيين في الضفة الغربية" حيث سجّل تصاعد في مستوى العنف منذ بدء الحرب بغزة في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وتوجه بلينكن إلى رام الله بالضفة الغربية للقاء رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.
وناقش المسؤولان "الحاجة الملحة لاتخاذ إجراءات لتحسين الأمن والحرية للفلسطينيين في الضفة الغربية"، بحسب بيان صادر عن وزارة الخارجية لفت أيضا إلى تأكيد بلينكن التزام واشنطن باتخاذ "تدابير ملموسة" في سبيل قيام دولة فلسطينية.
نتائج
وقال وزير الخارجية الأمريكي في وقت سابق إن الهدنة بين إسرائيل وحماس، المصحوبة بمبادلة رهائن لدى الحركة بمعتقلين فلسطينيين في السجون الإسرائيلية، "تؤتي نتائج"، معربا عن أمله في أن "تستمر".
وصرّح في تل أبيب أثناء لقائه الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتسوغ "لقد عاد رهائن إلى ديارهم، والتأم شملهم مع عائلاتهم"، كما أتاحت الهدنة "وصول المزيد من المساعدات الإنسانية إلى المدنيين الأبرياء في غزة، الذين هم في أمس الحاجة إليها".
وأضاف "هذه العملية تؤتي ثمارها ونأمل أن تستمر".
ودخلت الهدنة في الحرب بين إسرائيل وحماس حيز التنفيذ الجمعة الماضي، وتم تمديدها في اللحظة الأخيرة الخميس يوما واحدا حتى الجمعة، ومن المقرر بموجبها إطلاق سراح رهائن إسرائيليين ومعتقلين فلسطينيين إضافيين.
وهذه الزيارة الثالثة التي يقوم بها بلينكن إلى الشرق الأوسط منذ بدء الحرب في غزة إثر الهجوم غير المسبوق الذي شنته حماس على الأراضي الإسرائيلية وخلف أكثر من 1200 قتيل، معظمهم من المدنيين، وفق السلطات الإسرائيلية.
وردا على الهجوم، تعهدت إسرائيل بـ"القضاء" على حماس، وقامت بقصف غزة بلا هوادة حتى دخلت الهدنة حيز التنفيذ، ووفق حكومة حماس، قُتل في القطاع أكثر من 15 ألف شخص، من بينهم أكثر من 6 آلاف طفل.
تبادل الأسرى
وتتركز جهود الوسطاء الدوليين حالياً (الولايات المتحدة وقطر ومصر) الذين عقدوا على مدى الأسابيع الماضية لقاءات حثيثة من أجل التوصل لاتفاق الهدنة المؤقت وصفقة تبادل الأسرى، الذي أبصر النور يوم الجمعة الفائت، على حث كل من حماس وإسرائيل على توسيع نطاق مفاوضاتهما بشأن ملف الأسرى، والذي اقصر حتى الآن على النساء والأطفال، بحيث يشمل الاتفاق إطلاق سراح رجال وعسكريين إسرائيليين أيضاً، فضلا عن مناقشة تمديد وقف إطلاق النار "لفترة أطول" مع الأخذ في الاعتبار الطلب الإسرائيلي القاضي بأن تطلق حماس ما لا يقل عن 10 أشخاص يومياً.
وأدّى اتفاق الهدنة إلى وقف مؤقت للقتال الذي بدأ في 7 أكتوبر عندما هاجم عناصر من حماس إسرائيل من قطاع غزة، ما أسفر عن مقتل 1200 شخص، معظمهم من المدنيين، واحتجاز حوالى 240 آخرين، وفق السلطات الإسرائيلية.
وأدّت حملة القصف الجوي والبري والبحري الإسرائيلي في غزة إلى مقتل ما يقرب من 16 ألف شخص، معظمهم أيضًا من المدنيين، وحولت أجزاء كبيرة من شمال القطاع إلى أنقاض.