كتبن أسمائهن بالنور.. تعرف على فدائيات المقاومة الفلسطينية
انطلقت عملية طوفان الأقصي في السابع من أكتوبر الماضي لتكشف عن أكبر عملية عسكرية شهدها الجانب الإسرائيلي منذ اندلاع حرب أكتوبر بين إسرائيل ومصر .
ومع تلك الإنتفاضة نتذكر أدوار المقاومة في كافة القطاعات والفئات المختلفة المتمثلة في الشباب والنساء والشيوخ .
ونتناول خلال التقرير التالي أبرز الأدوار التي قامت بها النساء في عمليات المقاومة ضد الإحتلال الإسرائيلي .
ومن هنا تزخر الذاكرة الفلسطينية بالنساء اللاتي تسلحن بالإرادة وتركن خلفهن بصمات واضحة ونجحن في تخطي العديد من الحواجز ليخلدن حضورا ودورا رياديا واضحا عبر صفحات تاريخ الشعب الفلسطيني ومن هؤلاء نذكر:
المقاومة أسماء طوبي
رائدة اعلامية ولدت في مدينة الناصرة سنة 1905كانت عضواً نشطا في "اتحاد المرأة" في مدينة عكا بين عامي 1929-1948، كما كانت عضواً بارزاً في "جمعية الشابات المسيحيات" ورئاسة "جمعية الشابات الأرثوذكسيات".
أذاعت العديد من أحاديثها الإذاعية من المحطات التالية: "الإذاعة الفلسطينية"، و"هنا القدس"، ومحطة "الشرق الأدنى" للإذاعة العربية في يافا بعد 1948، كما أذيعت أحاديثها الشهيرة عبر أثير إذاعة بيروت. كانت تحرر الصفحة النسائية في جريدة "فلسطين" قبل عام 48، وبعدها حررت الصفحة نفسها في جريدة كل شيء، ومجلة الأحد في بيروت، كانت رئيسة الاتحاد النسائي العربي في عكا أواخر عهد الانتداب البريطاني على فلسطين، منحت الوسام اللبناني الرفيع "قسطنطين الأكبر" سنة 1973، لها عدد من المسرحيات والكتب الأدبية الأخرى والأعمال المترجمة، توفيت أسماء طوبي في الناصرة عام 1983. منح اسمها وسام القدس للثقافة والفنون في سنة 1990.
حلوة جقمان
ولدت في بيت لحم عام 1913، ساهمت في تأسيس الاتحاد النسائي العربي العام في بيت لحم، أواخر العام 1947، وانتخبت نائبة لأول رئيسة للاتحاد، السيدة بيروت معلوف، ثم انتخبت رئيسة للاتحاد، وبقيت تشغل هذا الموقع حتى العام 1992.
قامت حلوة جقمان بدور وطني تحريضي، خاصة بعد نكسة عام 1967، فشكلت مع زميلات لها، جمعية سرية، تعمل على تنظيم المظاهرات، والإضرابات، وتحث الناس على مقاومة التهجير؛ ما عرّضها للاعتقال من قبل سلطات الاحتلال الإسرائيلية مرتين.
ساهمت حلوة جقمان من خلال تأسيس جمعية الإسكان الخيرية العام 1960، في بناء 42 وحدة سكنية في بيت لحم، و24 في بيت ساحور، بالإضافة إلى وحدات أخرى قيد البناء.
شاركت حلوة جقمان في مؤتمرات عربية وعالمية، منها مؤتمر الاتحاد النسائي العربي في بيروت، ثم مؤتمر الإسكان في روما، ومؤتمر الاتحاد العام للمرأة الفلسطينية في القدس العام 1965، توفيت في بيت لحم في 20/7/2004.
دلال المغربي
الشهيدة دلال المغربي واحدة من أشهر المناضلات الفلسطينيات، ولدت عام 1958 في احد مخيمات الفلسطينيين في بيروت، وهي ابنة لعائلة من مدينة يافا لجأت الى لبنان عقب نكبة عام 1948.
قررت الانضمام الى صفوف الثورة الفلسطينية والعمل في صفوف الفدائيين في حركة فتح وهي على مقاعد الدراسة، حيث تلقت العديد من الدورات العسكرية ودروس في حرب العصابات، تدربت خلالها على أنواع مختلفة من الأسلحة، تم اختيارها رئيسة للمجموعة التي ستنفذ عملية فدائية في الداخل المحتل مكونة من عشرة فدائيين، وقد عرفت العملية بعملية "كمال عدوان"، والفرقة باسم "دير ياسين".
وفي صباح 11/3/1978 نزلت دلال مع فرقتها من قارب كان يمر أمام الساحل الفلسطيني واستقلت المجموعة قاربين، ونجحت عملية الإنزال والوصول، دون أن يتمكن الإسرائيليون من اكتشافها لغياب تقييمهم الصحيح لجرأة الفلسطينيين.
حيث نجحت دلال وفرقتها في الوصول نحو تل أبيب وقامت بالاستيلاء على الحافلة بجميع ركابها الجنود، في الوقت الذي تواصل الاشتباك مع عناصر إسرائيلية أخرى خارج الحافلة، وقد أدت هذه العملية الى إيقاع المئات من القتلى والجرحى في الجانب الإسرائيلي، وعلى ضوء الخسائر العالية قامت حكومة إسرائيل بتكليف فرقة خاصة من الجيش يقودها أيهود باراك بإيقاف الحافلة وقتل واعتقال ركابها، حيث استخدمت الطائرات والدبابات لحصار الفدائيين، الأمر الذي دفع دلال المغربي الى القيام بتفجير الحافلة وركابها مما أسفر عن قتل الجنود الإسرائيليين، وما إن فرغت الذخيرة أمر بارك بحصد جميع الفدائيين بالرشاشات فاستشهدوا جميعا.
ربيحة ذياب
ولدت ربيحة ذياب في العام 1955م، في قرية دورا القرع، شمال مدينة رام الله. انخرطت منذ صغرها بالعمل التنظيمي (الحزبي) وكذلك العمل السياسي والجماهيري والاجتماعي؛ واعتقلت لأول مرة عام 1968 وأفرج عنها بسبب صغر سنها، مقابل دفع غرامة مالية، واعتقلت وفي عام 1976 لمدة عام ونصف، واعتقلت في عام 1981 لمدة خمس سنوات أمضت منها في السجن أربع سنوات، واعتقلت خلال الانتفاضة الأولى أربع مرات خضعت خلالها للتحقيق، وفرضت عليها الإقامة الجبرية مرتين في كل مرة مدة 6 شهور، منعت من السفر إلى خارج فلسطين لمدة 19 عامًا؛ لذلك كله تعثرت مسيرتها التعليمية حيث التحقت بالجامعة في بيروت عام 1974 وتخرجت من جامعة بير زيت عام 1999، حيث حصلت على البكالوريوس في علم الاجتماع، أي بـعد 25 عاماً من الدراسة، فكانت فدائية عنيدة في مسيرة الثورة الفلسطينية، فارسة مبدعة في مسيرة بناء مؤسسات الدولة الفلسطينية.
شغلت ربيحة ذياب خلال حياتها العديد من المناصب ومنها: وزير شؤون المرأة من 2009 حتى عام 2013م، عضو مجلس تشريعي من 2006 حتى وفاتها، وكيل مساعد وزارة الشباب والرياضة 2005.
توفيت بتاريخ 22 نيسان عن عمر يناهز 62 عاماً، ونعاها الرئيس محمود عباس حيث وصفها بالمناضلة الوطنية الكبيرة، وأثنى على اسهاماتها في مختلف مراحل النضال الوطني، مؤكدا أنها أفنت حياتها في خدمة شعبنا وقضيته العادلة.
زليخة الشهابي
ولدت في مدينة القدس عام 1903م لوالدين مقدسيين؛ وكان والدها من أعيان القدس المعروفين؛ حيث شغل عدة وظائف إدارية عليا في العهد التركي، وفي عام 1927 تولى رئاسة بلدية القدس.
شاركت زليخة الشهابي بفاعلية في النضال الوطني عبر التاريخ الفلسطيني؛ ففي عام 1921 شكلت أول اتحاد نسائي فلسطيني؛ بهدف مناهضة الانتداب البريطاني، والوقوف في وجه الاستيطان الصهيوني؛ وفي فترة لاحقة تم تشكيل "لجنة السيدات العربيات" عقب عقد مؤتمر عام في القدس في شهر تشرين الأول (أكتوبر) 1929، حضرته 300 سيدة من كافة أنحاء فلسطين لتقديم احتجاج إلى المندوب السامي البريطاني ضد الهجرة اليهودية إلى فلسطين؛ ثم تفرغت مع رفيقاتها للعمل بجمع المساعدات وتوزيعها على المجاهدين وعلى المصابين وعائلاتهم؛ كما أسهمت مع السيدة ميليا سكاكيني في القدس في تنظيم حملة مجانية لتعليم الفتيات العربيات مبادئ القراءة والكتابة؛ وفي عام 1936 أسهمت في تأسيس الاتحاد النسائي العربي في القدس، وقادت أول مظاهرة نسائية توجهت لمقابلة المندوب السامي البريطاني للاحتجاج على اعتقال عدد من قادة الثورة الفلسطينية وإبعادهم في تلك السنة.
في عام 1944 شاركت في تأسيس الاتحاد النسائي العربي في مؤتمر عقد بالقاهرة بحضور ممثلات من ست دول عربية (مصر، والعراق، وسوريا، ولبنان، وفلسطين، وشرق الأردن)؛ وعقب تأسيس الاتحاد، وفي أوائل العام 1945، عقد أول اجتماع له في القدس، شاركت في جلسته الأولى العديد من القيادات النسائية التي تمثل الدول التالية: سرية خوجة (العراق)، وحواء إدريس (مصر)، وزليخة الشهابي (فلسطين)، وهدى هانم شعراوي (مصر)، وفايزة المؤيد (سوريا)، وعفيفة رؤوف (العراق)، وعلية عبد القادر الجزائري (سوريا)، وروز شحقة (لبنان)، وأمينة السعيد (مصر).
في عام 1950 أنشأت زليخة الشهابي في القدس مستوصف الاتحاد النسائي الطبي للعناية بالحوامل، ومركزاً لرعاية الأطفال؛ وتبع ذلك إنشاء روضة أطفال، ومركز لتعليم التطريز والخياطة للفتيات. وقد أسهمت في إنشاء "جمعية المقاصد الخيرية الإسلامية" في القدس.
كما أسهمت بتأسيس منظمة التحرير الفلسطينية؛ كونها رئيسة للاتحاد النسائي؛ كما أسهمت مع باقي سيدات القدس في لجنة الإسعاف التابعة للجنة المقاومة الشعبية التي تشكلت قبل عدوان 1967.
وأسهمت في إنشاء دار للمسنين في أريحا، وظلت تتابع نشاطاتها الوطنية والخيرية وعملها رئيسة للاتحاد النسائي العربي في القدس، حتى أقعدها المرض في أواخر حياتها، وتوفيت في القدس في عام 1992م.
زكية شموط
ولدت زكية شموط في مدينة حيفا عام 1945م، التحقت بالعمل الفدائي المقاوم عام 1968؛ أي في السنة الثالثة والعشرين من عمرها، لتكون من أوائل الفدائيات الفلسطينيات اللواتي نفذن عمليات داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 1948.
بلغ عدد العمليات التي نفذتها 7 عمليات، وذلك في نهاية الستينيات وأوائل السبعينيات؛ ما أسفر عن سقوط عشرات الإسرائيليين بين قتيل وجريح، قبل أن يتم اعتقالها وزوجها وأفراد عائلتها وهي حامل في شهرها الخامس.
أصدرت المحكمة العسكرية الإسرائيلية حكماً بسجنها 12 مؤبداً (1188 سنة)؛ بينما حكم على زوجها بالسجن مدى الحياة.
أنجبت زكية بتاريخ 18 شباط 1972، طفلتها نادية داخل سجن "نيفي ترتسيا" الإسرائيلي في منطقة الرملة، لتكون أول فلسطينية أسيرة تنجب مولودها داخل سجون الاحتلال الإسرائيلي.
وفي عام 1983 أطلق سراحها في عملية تبادل الأسرى بين الثورة الفلسطينية وإسرائيل، وأبعدت إلى الجزائر.
توفيت المناضلة زكية شموط بتاريخ 16/09/2014 عن عمر يناهز 69 سنة إثر مرض عضال بمستشفى "عين النعجة" العسكري، ووري جثمانها التراب في مقبرة زرالدة بالجزائر.
سميرة محمد زكي أبو غزالة
ولدت سميرة أبو غزالة عام 1928 في مدينة نابلس، وأنهت دراستها الابتدائية في الرملة، والثانوية في القدس 1947، ثم اختيرت ضمن أول بعثة دراسية للجامعة الأمريكية في بيروت لدراسة التربية وعلم النفس 1952، وحصلت على الليسانس في الأدب العربي من جامعة القاهرة 1956، والماجستير 1962.
درّست في كلية دار المعلمات في رام الله 57/ 1958، واشتغلت عشرين سنة في "المجلس الأعلى لرعاية الفنون والآداب" بالقاهرة؛ وصارت أستاذة في الجامعة الأمريكية بالقاهرة، لتدريس اللغة العربية للأجانب.
تعد سميرة أبو غزالة من مؤسسات رابطة المرأة الفلسطينية بالقاهرة 1963، وأول سيدة بالمجلس الوطني الفلسطيني 1965، وعضوة بالمجلس المركزي لمنظمة التحرير الفلسطينية 1985.
وقد تطوعت في الهلال الأحمر المصري في الرملة 1948، واختيرت أمينة سر الهلال الأحمر الأردني بالقدس 1950، وشاركت في ما لا يقل عن 50 مؤتمرًا اجتماعيًا وسياسيًا وأدبيًا، فلسطينيًا، وعربيًا، وعالميًا.
قدمت العديد من أحاديثها الأسبوعية من إذاعة رام الله، وكان لها عمود أسبوعي في جريدة "الدفاع" بالقدس، وقدمت عددًا من البرامج من "صوت العرب" بالقاهرة. ومن أبرز دواوينها الشعرية: "نداء الأرض" 1989، وكتاب "مذكرات فتاة عربية"، و "دراسات في الشعر القومي".
توفيت سميرة أبو غزالة في القاهرة في 12 كانون الثاني 2017، ونعاها الرئيس محمود عباس، وأثنى على إسهاماتها في مختلف مراحل النضال الوطني، مؤكدا أنها أفنت حياتها في خدمة شعبنا وقضيته العادلة.
سميرة عزام
ولدت سميرة عزام ورائدة القصة القصيرة في مدينة عكا في 13 أيلول عام 1927. درست المرحلة الابتدائية في عكا والمرحلة الثانوية في تكميلية الراهبات في حيفا.
بعد تخرجها زاولت مهنة التعليم في مدرسة الروم من عام 1943 حتى 1945؛ وفي الوقت نفسه تابعت بشغف دراسة اللغة الانكليزية وآدابها بالمراسلة، حتى أجادتها إجادة تامة كتابة ومحادثة، ما شجعها على نشر سلسلة من المقالات الوجدانية، في جريدة "فلسطين" بتوقيع "فتاة الساحل".
وبعد النكبة عام 1948 انتقلت مع أسرتها إلى لبنان مع قوافل اللاجئين، وأقامت مدة في بلدة "فالوغا"، ثم استقرت في بيروت.
سافرت إلى العراق وعملت في حقل التعليم لعامين، في إحدى مدارس الإناث بمدينة الحلة، وبعدها عادت إلى بيروت. وفي عام 1952 عملت بمحطة "الشرق الأدنى" للإذاعة، القسم العربي، كمذيعة ومحررة، واستمرت في هذا العمل حتى عام 1956. وفي عام 1957 تزوجت من مواطن عراقي، ارتحلت معه إلى بغداد؛ وهناك تعاقدت مع إذاعتي بغداد والكويت؛ حيث شغلت منصب مراقبة وإعداد البرامج الأدبية بين عامي 1957- 1959.
وفي أعقاب أعمال عنف دامية اندلعت في العراق عام 1959، أبعدت مع زوجها إلى لبنان، وتعاقدت في بيروت مع مؤسسة "فرانكلين" للترجمة، وقامت بتعريب العديد من الكتب الأدبية والنقدية من اللغة الانكليزية إلى العربية. وفي عام 1963، أعلنت جمعية "أصدقاء الكتاب" في بيروت جوائز لأفضل كتاب قصصي روائي؛ فاشتركت سميرة بالمسابقة، ونالت جائزة القصة القصيرة على مجموعتها القصصية القصيرة "الساعة والإنسان".
وفي 8 آب 1967 غادرت بيروت إلى عمان، لمقابلة بعض اللاجئين الجدد، بعد عدوان حزيران. وعند مشارف مدينة جرش، أصيبت بنوبة قلبية حادة وهي في سيارتها، قضت عليها؛ فنقلت إلى بيروت ودفنت في مقبرة الشهداء.
خلفت سميرة عزام خمس مجموعات قصصية، وأكثر من اثني عشر كتاباً مترجماً من الإنجليزية إلى العربية؛ فضلاً عن دراسات أدبية ونقدية نشرتها في مجلة "الأسبوع العربي" البيروتية.