انتخابات العراق| تنافس شديد بين القوى السياسية المُختلفة وسط غياب التيار الصدري
يتوجه "الناخبون العراقيون"، اليوم الإثنين، إلى صناديق الاقتراع للمرة الأولى مُنذ عام 2013 للتصويت في انتخابات المجالس المحلية، وسط توقعات بتدني الإقبال، خاصة بعد إعلان "التيار الصدري" مُقاطعة الانتخابات، وتزامنت هذه الانتخابات مع توترات خطيرة في المنطقة بعد اندلاع الأزمة بقطاع غزة، في ظل المُنافسة الشديدة بين مختلف القوى السياسية التي انعكست على المشهد السياسي في البلاد.
ويتنافس أكثر من 35 ائتلافًا عراقيًا وسط توقعات مُتضاربة للإقبال، على مقاعد المجالس المحلية في الانتخابات التي تبدأ اليوم الإثنين في 15 مُحافظة، لكنها لن تُجري في كردستان.
أول انتخابات محلية تُجري في العراق بغياب "التيار الصدري":
وهذه أول انتخابات محلية تُجري في العراق بغياب "التيار الصدري" الذي قرر زعيمه مقتدى الصدر الانسحاب من الحياة السياسية تمامًا، وأمر أتباعه لاحقًا بمقاطعة الاقتراع المحلي.
واضطرت السلطات العراقية إلى إلغاء المجالس المحلية السابقة عام 2019، تحت ضغط مُكثف من الحراك الاحتجاجي الذي اندلع حينها للمُطالبة بإصلاحات إدارية واسعة النطاق، وأقرّ اتفاق سياسي بين أقطاب تحالف "إدارة الدولة"، العام الماضي، إحياء هذه المجالس من خلال الانتخابات المحلية ، والتي من المقرر إجراؤها هذا الشهر.
وعقب تسلم رئيس الوزراء العراقي، "محمد شياع السوداني" مهامه، أعلن إجراء الانتخابات المحلية، بناءً على قرار المحكمة الاتحادية، الذي سمح للبرلمان بتعديل قانون الانتخابات، وهو ما جرى بالفعل الصيف الماضي.
وفرضت السُلطات الأمنية إجراءات مُشددة وصارمة في مُحيط مراكز الاقتراع، وعند مداخل المُدن، ورغم أنها لم تُعلن حظرًا تامًا للتجول، فإنها منعت سير الدراجات النارية والمركبات الثقيلة خلال أوقات مُحددة من اليوم، وفتحت مراكز الاقتراع في الساعة السابعة من صباح السبت لاستقبال الناخبين للاقتراع المُخصص للأجهزة الأمنية ونزلاء السجون والمستشفيات والنازحين، وفي التوقيت نفسه اليوم الإثنين للاقتراع العام.
وقال المتحدث باسم وزارة الداخلية، "العميد مقداد الموسوي"، إن الخطة الأمنية الخاصة بالانتخابات ستشهد مشاركة جميع مفاصل قوى الأمن الداخلي.
وفي محافظة البصرة (جنوب)، فرضت قوات الشرطة 3 أطواق أمنية حول مراكز الاقتراع، في حين دخلت جميع الأجهزة الأمنية في حالة «التأهب» منذ ليلة الخميس.
ومن المقرر أن يتولى جهاز الأمن الوطني "مُهمات أساسية" في عملية الاقتراع، تتضمن حماية أعضاء ومنشآت المفوضية العليا المستقلة للانتخابات والمرشحين والجهات الرقابية، وفقاً للمتحدث أرشد الحاكم.
وقال الحاكم، في تصريحات لوسائل إعلام محلية، إن الجهاز سيقوم برصد محاولات التزوير وحالات شراء بطاقات الناخبين، إلى جانب تكثيف الجهد الاستخباري وتزويد قيادة العمليات المشتركة بالتحديات والمخاطر المحتملة.
وبحسب الحاكم، فإن الأمن الوطني سيتولى الرقابة السيبرانية، التي من المفترض أن تضمن نقل بيانات المراكز الانتخابية إلى مقرّ العد والفرز دون أن تتعرض إلى الاختراق.
بالتزامن، قالت مفوضية الانتخابات إنها حصلت على موافقة رئيس الوزراء لمنح طلبة المدارس عطلة رسمية لمُدة أسبوع، بسبب استخدام عدد كبير من المدارس مراكز انتخابية.
قوى كثيرة تتنافس للفوز بالمقاعد المحلية:
وتتنافس قوى كثيرة للفوز بالمقاعد المحلية، أبرزها ائتلاف "دولة القانون" بزعامة نوري المالكي، وتحالف "نحن أمة" بزعامة رئيس البرلمان المقال محمد الحلبوسي، وتحالف "نبني" الذي يضم قيس الخزعلي وهادي العامري.
وقال المالكي، في تصريحات لمحطة تلفزيونية محلية، إنه لا ينوي الحصول على ولاية ثالثة انطلاقاً من النتائج التي سيحققها في الانتخابات المحلية.
ومن القوى الكردية، تبقى المنافسة تقليدية في مدينة كركوك بين الحزب الديمقراطي الكردستاني، بزعامة مسعود بارزاني، والاتحاد الوطني الكردستاني بزعامة بافل طالباني، وكلاهما يتنافس أيضًا في أجزاء من محافظة نينوى.
وتشهد هذه الانتخابات مشاركة قوى مدنية، من بينها تحالف "قيم" الذي يضم 10 أحزاب، الذي يُشكل خليطًا من أحزاب ليبرالية ويسارية إلى جانب حركات ناشئة من "حراك تشرين" الاحتجاجي.
بحسب إحصاءات أعلنت عنها مفوضية الانتخابات هذا الشهر، فإن 16 مليون ناخب يحق لهم التصويت في الانتخابات، عبر 7766 مركز اقتراع في عموم العراق.
ويبلغ عدد المرشحين الكلي 6022 ضمن 38 تحالفًا، بينما يبلغ عدد التحالفات والأحزاب والأفراد 163، وبلغ عدد المرشحين للتحالفات 4223 وعدد المرشحين للأحزاب 1729 وللأفراد 70.
وبلغ عدد المرشحين من المكون المسيحي 16 وللصابئة 10 مرشحين، وللكرد الفيليين 13 مرشحًا، ولمكون الشبك 5 مرشحين وللإيزيديين 4 مرشحين.
وستُجري الانتخابات تحت رقابة واسعة يُشارك فيها 87 مراقبًا دوليًا، وأكثر من 33 ألف مراقب محلي، وأكثر من 5 آلاف من وكلاء الأحزاب.
لكن ثمة قوى أعلنت عدم مشاركتها في الانتخابات، أبرزها ائتلاف "الوطنية" الذي يتزعمه رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي، بسبب ما وصفه "التضامن مع مطالب الشعب العراقي".
وكانت حركة "امتداد" أعلنت في أغسطس (آب) الماضي انسحابها من السباق الانتخابي بسبب تأخرها في إكمال إجراءات التسجيل القانونية، وتلكؤها في انعقاد مؤتمرها العام.
إلى جانب التيار الصدري الذي لن يُصوّت جمهوره لأي مرشح في الانتخابات المحلية بـ"أوامر من مقتدي الصدر"، ثمة تجمعات سياسية أعلنت مُقاطعتها للانتخابات، وهي في الغالب من قوى تُعارض النظام السياسي أو من بقايا الحركات التي نشأت من الاحتجاج الشعبي عام 2019.
وقبل ساعات من إعلان الصمت الانتخابي في عموم البلاد، أعلن الصدر البراءة من مرشحين داخل التيار الصدري "رفضوا الانسحاب من الانتخابات".
ويتحدث أعضاء في الإطار التنسيقي عن مؤشرات مقلقة تتعلق بأن تتحول المقاطعة إلى أنشطة احتجاجية تُعرقل سير الانتخابات هذا الأسبوع.
وعصر يوم الجمعة، فرّقت قوة أمنية مظاهرة رافضة للانتخابات، وسط الكوت "جنوب بغداد"، مركز المحافظة، واعتقلت عددًا من الناشطين،وتجمع المتظاهرون أمام مبنى مجلس المحافظة، للتظاهر ضد إجراء انتخابات مجالس المحافظات، ولم تتأخر قوات مُكافحة الشغب في تفريقهم باستخدام القوة.
وفي هذه البيئة المُتوترة، تتناقض توقعات المراقبين بشأن نسب المُشاركة، ورغم أن "الماكينات الانتخابية" للأحزاب الكبيرة تُروّج لمؤشرات مُرتفعة، يتوقع كثيرون نسبة تصويت مُنخفضة، خاصة أولئك الذين يعتزمون مقاطعة الانتخابات اعتراضًا على عودة عمل المجالس.