السر في «الأباتيت».. اكتشاف يعيد كتابة تاريخ الماء على القمر
كشفت دراسة أجرتها جامعة ويسترن البريطانية، أن القشرة المبكرة في القمر، منذ أكثر من 4 مليارات سنة، كانت تحتوي على مياه أكثر مما كان يعتقد سابقا.
واعتمد هذا الاكتشاف، الذي نُشر في مجلة "نيتشر أسترونومي"، على دراسة معدن "الأباتيت" الموجود في نيزك قمري، مما يشير إلى تاريخ مائي قمري أكثر ثراءً.
وتقول تارا هايدن، من الجامعة المفتوحة بالمملكة المتحدة، والباحثة الرئيسية بالدراسة إن"اكتشاف الأباتيت في القشرة المبكرة للقمر لأول مرة أمر مثير بشكل لا يصدق، حيث يمكننا أخيرا بالاعتماد على هذا المعدن البدء في تجميع هذه المرحلة غير المعروفة من تاريخ القمر، فقد وجدنا أن القشرة المبكرة للقمر كانت أكثر ثراءً بالمياه مما توقعنا".
والأباتيت هو معدن يحتوي على عناصر متطايرة داخل بنيته، ومن خلال العثور عليه في نيزك قمري، يمكن للعلماء الحصول على معلومات ثاقبة حول وجود وتوزيع العناصر المتطايرة، بما في ذلك الماء، على القمر.
وتشير هذه النتيجة إلى تطور قمري أكثر تعقيدًا يتجاوز ما كان معروفًا من عينات أبولو، حيث تم افتراض في البداية أن عينات أبولو كانت "فقيرة متطايرة"، مما أدى إلى الوصف المعروف على نطاق واسع للقمر بأنه "جاف تمامًا"، وفي عام 2008، اكتشف باحثون وجود كميات كبيرة من الماء والمواد المتطايرة الأخرى في الخرز الزجاجي من مجموعة عينات أبولو، وأدى هذا إلى خمسة عشر عاما من إعادة تحليل عينات أبولو، بينما كشفت النيازك القمرية المكتشفة حديثا، والتي تم دراستها في الدراسة الجديدة، أن القمر يحتوي على كمية أكبر من الماء على سطحه.
وتوضح هايدن، أن نتائج البحث، سيكون لها آثار على مهمات أرتميس المستقبلية، مما قد يؤثر على استكشاف القمر وإمكانيات استخراج الموارد.
وتطالب الدراسة بإعادة تقييم توفر المياه على القمر، وتشير إلى أنه قد يكون هناك المزيد من المياه على سطح القمر مما كان يعتقد سابقا.
حقبة الأنثروبوسين.. القمر يدخل «عصرا جديدا»
كشف فريق من العلماء أن القمر دخل في عصر جديد أطلق عليه "الأنثروبوسين القمري"، وهى حقبة التأثير البشري على القمر.
ومنذ هبوط المركبة الفضائية غير المأهولة التابعة للاتحاد السوفييتي "لونا 2"، أول مركبة فضائية تهبط على سطح القمر في 13 سبتمبر 1959، ثم تلتها أكثر من مائة مركبة فضائية أخرى في العقود التالية، سواء تلك التي هبطت أو التي تحطمت على سطح القمر، أثار البشر الغبار القمري.
ويعتبر الغبار القمري بمثابة انطلاقة لعصر جديد في التاريخ الطبيعي لـ"القمر"، العصر الذي بدأ فيه البشر بتغيير العالم بطرق غير مسبوقة، وفقا لصحيفة "إندبندنت".
وفي البحث الذي نشر في مجلة Nature Geoscience، يرى جاستن هولكومب، باحث المسح الجيولوجي في كانساس، وزملاؤه أن البصمة البشرية بدأت في عام 1959، عندما اصطدمت مركبة "لونا 2" شرق "ماري إمبريوم" على القمر، ما أدى إلى ظهور أول حفرة من صنع الإنسان.
ومنذ هذا الحدث، تسبب البشر في حدوث اضطرابات سطحية في 58 موقعا إضافيا على الأقل على سطح القمر.
ووفقا للعلماء فإن البشر تغيروا بل ويخططون لتغيير سطح القمر إلى درجة يجب اعتبارها حقبة جديدة للقمر، كما يعتزم البشر تشكيل بيئة القمر بشكل أكبر في السنوات القادمة مع نقل البشرية إلى هناك مرة أخرى.
ورأى العلماء، أن الاعتراف رسميا بالتغييرات التي أحدثتها البشرية سيكون وسيلة مهمة لتوضيح أن سطح القمر ليس ثابتا، وأن البشرية قد غيرته بشكل كبير.
وقال هولكومب: "الفكرة تشبه إلى حد كبير مناقشة الأنثروبوسين على الأرض، استكشاف مدى تأثير البشر على كوكبنا"، مشيرا إلى أن الإجماع على أن الأنثروبوسين على الأرض بدأ في وقت ما في الماضي، سواء قبل مئات الآلاف من السنين أو في الخمسينيات من القرن الماضي.
وتابع: "وبالمثل، على القمر، نعتقد أن الأنثروبوسين القمري قد بدأ بالفعل، لكننا نريد منع حدوث أضرار جسيمة أو تأخير التعرف عليه حتى نتمكن من قياس الهالة القمرية الكبيرة الناجمة عن الأنشطة البشرية، وهو ما سيكون متأخرا جدا".
العيش على سطح القمر
وتركت البشرية بالفعل وراءها مجموعة من المخلفات على سطح القمر، مثل مكونات المركبات الفضائية المهملة والمهجورة، وأكياس الفضلات البشرية، والمعدات العلمية، وغيرها من الأشياء، مثل الأعلام، وكرات الغولف، والصور الفوتوغرافية.
وعلاوة على ذلك، تعمل البشرية على تغيير سطح القمر، إذ يستعد الناس للحفر فيه وحتى العيش هناك.
ويعتقد هولكومب أنه "في سياق سباق الفضاء الجديد "سيكون المشهد القمري مختلفا تماما خلال 50 عاما، وستكون هناك دول متعددة حاضرة، ما يؤدي إلى العديد من التحديات".
وتابع: "هدفنا هو تبديد أسطورة القمر الساكن والتأكيد على أهمية تأثيرنا، ليس فقط في الماضي بل في الحاضر وفي المستقبل، إذ نهدف إلى بدء المناقشات حول تأثيرنا على سطح القمر قبل فوات الأوان".