مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

وزير الخارجية الأردني يشارك باجتماع مجلس الأمن حول الشرق الأوسط والقضية الفلسطينية

نشر
وزير الخارجية الأردني
وزير الخارجية الأردني

طالب نائب رئيس الوزراء ووزير الخارجية الأردني، أيمن الصفدي، مجلس الأمن الدولي وقف العدوان الإسرائيلي على غزة، محذراً من خطورة الأجندة العنصرية المتطرفة التي تغذيه.

وأكد الصفدي في جلسة خاصة عقدها مجلس الأمن مساء أمس، ضرورة أن يفرض المجلس السلام الذي يجسد الدولة الفلسطينية المستقلة وعاصمتها القدس المحتلة على خطوط الرابع من حزيران 1967، لأن بديل ذلك هو فرض إسرائيل المزيد من الحرب والموت والكراهية.

وأدناه ترجمة للكلمة التي ألقاها الصفدي في الجلسة التي دعت إليها فرنسا، تحت عنوان "الحالة في الشرق الأوسط، والقضية الفلسطينية":

لا وقت أكثر يضاع. جاوز العدوان الإسرائيلي على غزة المدى، زمنا وقتلا.

مئة وتسعة أيام من الوحشية. أكثر من خمسة وعشرين ألف بريء قتلوا. آلاف الأطفال ما يزالون مدفونين تحت الأنقاض. الأمهات والآباء يشاهدون، بلا حول، أبناءهم وبناتهم يموتون من الألم والجوع. الناس تحمل أشلاء عوائلهم بأكياس البلاستيك.

جعلت إسرائيل من القانون الدولي أضحوكة، ومجلس الأمن لم يطلب حتى وقف إطلاق النار، لم يفرض حتى تطبيق قراره الذي يطالب بإيصال الغذاء للجائعين، والدواء للمرضى والمصابين، والمخدر لأطفال يخضعون لعمليات جراحية لمعالجة إصابات سببها قصف إسرائيل العشوائي لمنازلهم، ومدارسهم، ومستشفياتهم، ومساجدهم، وكنائسهم، وملاجئهم.

في أي عالم يقبل أن يضطر عم لإجراء عملية جراحية لابنة أخيه الطفلة دون تخدير؟

اضطر الدكتور هاني بسيسو ذلك. في اليوم الواحد بعد المئة من هذا الرعب، وفي منزله المحاصر، بتر قدم ابنة أخيه، ابنة السادسة عشرة من دون مخدر على طاولة الطعام في منزله، يبعد المستشفى عنه خمس دقائق، لكن حرب إسرائيل منعته الوصول إليه.

ابنة أخيه، عهد، هي واحدة من عشرة أطفال يفقدون أحد اطرافهم كل يوم في غزة، وفق منظمة إنقاذ الطفولة "Save the Children"، وحسب مدير المنظمة في الأرض الفلسطينية المحتلة، " لا يمكن، حتى في مناطق الحرب، التعايش مع مشاهد الأطفال المشوهين من أثر القنابل و أنينهم. فذاك خارج حدود الإنسانية."

أوقفوا المجازر.

كل يوم يمضي من دون إنهاء العدوان يعني موت المزيد من الأبرياء، ضحايا للعدوان الإسرائيلي أو الجوع أو المرض.

وخطر تمدد هذا الحرب الكارثية إقليميا حقيقي، الضفة الغربية تغلي، والتوترات في المنطقة تتصاعد بشكل خطير.

قالها أمين عام الأمم المتحدة: "غزة باتت مقبرة للأطفال."

لا يوجد مكان آمن في غزة. حتى الموتى لم ينجو من هذا العدوان اللاإنساني. نبش الجنود الإسرائيليون قبورهم، في ستة عشرة مقبرة.

وهذه ليست جرائم جنود مارقين. هي تنفيذ لأجندة التطرف والعنصرية التي تُغذي الحرب، والتي ترفض إنسانية أكثر من خمسة ملايين واربعمئة ألف فلسطيني يرزخون تحت الاحتلال الإسرائيلي في غزة والضفة الغربية والقدس الشرقية. هي أيدولوجية الكراهية، التي يتبناها علانية وزراء إسرائيليون، والتي تبرر القتل الجماعي للفلسطينيين.

دمرت إسرائيل مجتمعا كاملا. هّجرت أكثر من ثلثي سكان غزة، 1.9 مليون فلسطيني، يعانون الآن قهر ملاجئ مزدحمة، محرومين الماء والغذاء والدواء.

تجوع إسرائيل المدنيين عمداً، إذ تمنع دخول المساعدات الإنسانية. ووفق تصنيف من أجل الأمن الغذائي المتكامل (IPC) حول غزة، والذي نشر الشهر الماضي، يواجه جميع سكان غزة مراحل متقدمة من المجاعة، نصف مليون منهم وصلوا المرحلة الخامسة الأكثر حدية للمجاعة وفق تصنيف (IPC)، أي أن إسرائيل أغرقت في المجاعة نصف مليون فلسطيني، أربعة أضعاف مجموع أعداد الذين يواجهون المجاعة من المستوى الخامس في جميع أنحاء العالم، لم يسجل تصنيف (IPC) هذا المستوى من قلة الأمن الغذائي في أي بقعة من العالم في التاريخ الحديث.

هذه الوحشية يجب أن تتوقف، وأقل ما يمكن لمجلس الأمن فعله هو اتخاذ قرار مُلزم بإنهاء هذه الكارثة.

لا يمكن للاحتلال والعنف والحرب أن يظلوا مصير المنطقة، السلام هو الضمان الوحيد لأمن إسرائيل والفلسطينيين والمنطقة بأسرها.

لن تحقق الحلول المجتزئة السلام، المقاربات التي تسعى للتعامل مع غزة خارج إطار الحل الشامل الذي ينهي احتلال الضفة الغربية، بما فيها القدس الشرقية وغزة، آيلة إلى فشل.

لا يمكن أن تبقى غزة محاصرة مضطهدة. لا يمكن لأهل غزة أن يستمروا في قهر العيش في السجن المفتوح الذي أحالت إسرائيل غزة إليه منذ عقود.

طريق السلام الوحيدة هو تجسيد الدولة الفلسطينية المُستقلة وذات سيادة على خطوط الرابع من حزيران 1967، وعاصمتها القدس المحتلة، لتعيش جنباً إلى جنب مع إسرائيل بأمن وقبول.

جميعكم تدعمون حل الدولتين، إسرائيل تقوض هذا الحل، إسرائيل تتحداكم جميعاً، علانية، رئيس وزراء إسرائيل أعلن أنه سيمنع الشعب الفلسطيني حقه في الحرية والدولة، أي أنه سيستمر في اضطهاد الفلسطينيين. سياساته وأفعاله تجعل من السلام مستحيلا.

هو يتحداكم. هو يمنع السلام. لا يجوز أن يبقى ذلك من دون عواقب. يجب محاسبة إسرائيل على أفعالها، على جرائم الحرب التي ترتكب، وعلى الحؤول دون تحقيق السلام.

لا يمكن أن تظل المنطقة رهينة الطموحات السياسية وأجندة المتطرفين الإسرائيليين الذين يصفون الفلسطينيين بالحيوانات البشرية التي لا تستحق الحياة، والذين يُمكنون إرهاب المستوطنين ضد الفلسطينيين الأبرياء.

نواجه جميعاً لحظة فارقة. على المجتمع الدولي أن يختار: اسمحوا للحكومة الإسرائيلية بأن ترهن مستقبل المنطقة للصراع أو اعترفوا بالدولة الفلسطينية، وضعوا منطقتنا على طريق سلام لا عوده عنها.

ليس المشكلة غياب الأفكار اللازمة لبلورة خطة لتحقيق السلام. المشكلة هي غياب الإرادة، غياب إرادة إسرائيل أن تقبل حقوق الشعب الفلسطيني غير القابلة للتصرف، وغياب إرادة المجتمع الدولي أن يقدم أكثر من كلام غير ذي أثر لتنفيذ حل الدولتين.