تتحدى الغلاء والحرب.. ماذا بقي من مائدة إفطار رمضان في بلاد الشام؟
تختلف مائدة الإفطار في بلاد الشام عن باقي دول العالم التي تحتفل برمضان، ليس فقط بسبب تنوع وغنى مكوناتها ولكن بسبب الظروف المحيطة بها من حروب وكوارث.
الإفطار في لبنان
قد يكون لشهر رمضان الكريم معنى واحد في كل بقاع العالم، إلا أن موائده و عاداته وتقاليده في الغذاء وغيرها تختلف من بلد لأخر.
واعتاد اللبنانيون لفترة طويلة على إعداد طعام الإفطار، حيث تمتلئ مائدة رمضان في لبنان بالأطباق الشهية والصحية المعروفة.
وعند سماع مدفع الإفطار أو الآذان، يبدأ اللبنانيون إفطارهم عادة بشرب الماء وتناول التمر المفيد، و بعدها ياتي دور الشوربة وأكثرها شهرة هي شوربة العدس المجروش، مع إن المائدة الرمضانية في لبنان تحفل بأنواع أخرى من الشوربات كالعدس الأحمر وشوربة الدجاج و شوربة الخضار.
ويبقى الملك على موائد رمضان اللبنانية هو الفتوش، الذي يمتاز بقيمته الغذائية الكبيرة، لاحتوائه على أكثر من عشرة أصناف من الخضار الطازجة، بالإضافة إلى الخبز المحمص أو المقلي، وتتبيلة دبس الرمان مع السماق والخل والزيت والملح.
ومن أطباق المقبلات التي لا تخلو مائدة رمضانية في لبنان منها، ورق العنب بالزيت والحمص والفتة، وسمبوسك اللحم والجبن، بالإضافة إلى الكبة المقلية والفلافل والكبة النيئة المشهورة في بعض القرى والبلدات اللبنانية.
وبخصوص الأطباق الرئيسية، فهناك المغربية والملوخية ومقلوبة الباذنجان والفروج المشوي المحشو بالرز و اللحم، كما يحب اللبنانيون تناول الكبة بالصينية وشاورما اللحم والدجاج والسمكة الحرة.
وتبقى المشاوي المشكلة من لحم ودجاج وعرايس كفتة وريش لحم ضان من أجمل وأشهى الأطباق الرئيسية التي يحلو للبناني التمتع بها على مائدة الإفطار خاصة في نهاية الأسبوع أو عند حضور ضيوف للمأدبة الرمضانية.
الإفطار السوري يواجه الحرب
يهل شهر رمضان المبارك في سوريا كفرصة لتجديد روح المحبة والتراحم بين الناس، وينتظرها السوريين لتجديد الدعوات والطلبات لدعم الصمود والتحدي لدى الشعب السوري لمواجهة أزماته.
وتستغل العائلات السورية شهر رمضان، للتجمع حول المائدة السورية لتناول وجبة الإفطار، والتي تضم مجموعة متنوعة من الأطباق الشهية مثل الفتوش، الكُبة، الفلافل، والمقبلات الأخرى.
وقد جرت العادة في بلاد الشام أنهم يفطرون على التمر والماء وبعض أنواع العصير.
ومن أجمل المشروبات والمرطبات التي يبدأ بها السوريين: شراب العرقسوس وهو من الأشربة المفضلة للصائمين عند أهل الشام، وأيضًا شراب قمر الدين ويصنع من المشمش المجفف، وأيضًا شراب التمر هندي.
ثم يبدأون في تناول طعام الإفطار مباشرة وقبل أداء صلاة المغرب، وهم في الأغلب يُصَلون في بيوتهم صلاة المغرب بعد أن يكونوا قد تناولوا طعام الإفطار.
وتتميز المائدة الرمضانية في سوريا بالغنى والتميز ، فتجد عليها طعام الحساء “الشوربة” إضافة إلى أكلة الفول والحمص “الفتة” أو “التسقية”، وتدخل سوريا اللحم عنصراً أساساً في الوجبات ، مع الرز بالفول والملوخية والبامية والكبة ، كما تبقى السَّلَطَات بأنواعها والخضراوات بأصنافها، كالفجل، والبصل الأخضر، لا تخلو منها المائدة الشامية أثناء تناول طعام الفطور خلال هذا الشهر الكريم.
وجدير بالذكر، أن “ناعم”، من الأطعمة التي تصنع خصيصاً في شهر رمضان، وهو عبارة عن نوع من أنواع المعجنات، يباع قبل الإفطار، وهو عبارة عن عجين الطحين بعد أن يرقق عجينه ويقلى بالزيت ثم يوضع عليه مربى الدبس.
ومع الأسف، فقد نالت الحرب من بعض التقاليد الأسرية والاجتماعية الخاصة بالشعب السوري في الشهر الفضيل، كما قضت الأزمة الاقتصادية والمعيشية على بعضًا من بهجة الموائد وعادات الأكل والشرب، التي تغيّرت بشكل كبير خلال فترة قصيرة جداً لتتناسب والموارد المالية المحدودة.
ويتميز رمضان في سوريا بعادة إعداد طبق طعام أبيض رئيسي، مع بداية الصوم، تعبيرا عن البهجة والتفاؤل والاستبشار خيرا بقدوم شهر رمضان، والمرتبطة بتنوع الأكلات الفلكلورية السورية والشامية عامة، التي تعتمد على اللبن الرائب كمكون أساسي مثل الشاكرية وشيخ المحشي والشيشبرك وباشا وعساكره والتي هي جمع ما بين طبختي الشاكرية والشيشبرك، والكبة باللبنية والفتات على أنواعها، وغيرها من وصفات لبنية بيضاء، والتي تقدم غالبا بجانب طبق الأرز.
رغم أن الشاكرية هي أشهر الأطباق الرمضانية البيضاء التي تعد من اللبن واللحم، لكن أحيانا يمكن إدخال لحم الدجاج عوضا عن لحم العجل أو الغنم فيها بالنظر لاختلاف الأذواق وتفاوت القدرات الشرائية.
هذه الأطباق اللبنية هي جزء أصيل من المطبخ الدمشقي والسوري عامة، وهي تقدم غالبا مع الأرز بالشعيرية المحمصة، لكنها رغم لذتها ونكهتها الفواحة، تستغرق وقتا وجهدا لإعدادها، حيث لا بد بداية من تحريك مزيج لبن الزبادي والماء والنشاء بشكل متواصل حتى يبدأ بالغليان وتحت نار هادئة، وهو ما يستغرق على الأقل 5 دقائق، وذلك كي يصبح قوام الخلطة متماسكا وثخينا ويضاف لها فيما بعد اللحم المسلوق.
تحذير دولي
وأكد برنامج الأغذية العالمي، في وقت سابق من شهر مارس الجاري، إلى أن نحو 12.1 مليون شخص في سوريا أي أكثر من نصف عدد السكان، يعانون من انعدام الأمن الغذائي
الإفطار للأسرى الفلسطينيين
ضيق المساحة وظلم السجان، أمران طالما عانى منهما الأسرى داخل سجون الاحتلال طيلة سنوات الأسر، وفي شهر رمضان المبارك، يحاولون التخفيف من معاناتهم من خلال خلق أجواء كالتي عاشها الأسير في الخارج.
ويتم العمل من جانب الأسرى، على تنسيق إفطارات جماعية داخل الساحات خصوصا في السجون التي تحتوي على الخيم والكرفانات.
ويقدم جيش الاحتلال، طعام الفطور للأسرى قبل 7 ساعات من أذان المغرب، فيما تقدم لهم الساعة السادسة مساءاً القليل من الطعام كالبيض أو المربى أو غرامات من الجبن، الأمر الذي لا يتناسب مع رمضان لا وقتاً ولا كماً ولا نوعاً.
وفي الغالب، تكون هناك مبادرات فردية بالتبرع بقيام أحد الأسرى لإعداد الطعام خلال الشهر كله، أو جزء منه، فيما يتولى آخرون القيام بالتنظيف والجلي، أو ربما يتم توزيع إعداد الأكل والتنظيف بالتساوي بين الأسرى.
ومع اقتراب موعد الإفطار يتجمع الأسرى في حلقات الذكر والدعاء وقراءة القرآن، بينما ينشط المسؤولون عن الطبخ لإنهاء الطعام وخاصة الشوربة لتكون بداية إفطار الصائم، في حين يقوم بعضهم بتوزيع التمور.
ومع أذان الإفطار الذي يتولاه أحد الأسرى في القسم، يسارع الأسرى في كل غرفة لأكل التمر وشرب الشوربة المُعدة لهم والإفطار، ويؤدون صلاة المغرب.
وبعد الانتهاء من الإفطار، بعض الأسرى يتابع برامج تلفزيونية، حيث يتواجد جهاز تلفاز في كل غرفة، وهو ما يمنح الأسرى وقتاً محدوداً للتسلية؛ رغم أن التلفاز خاضع لقوانين السجن، إذ أن ما هو مسموح بمشاهدته 4 قنوات عربية فقط.
ويقوم الأسرى بصنع بعض أنواع الحلويات، إذ يشكل المكون الأساسي فيها قايا الخبز بدلاً من الطحين أو السميد، فيتم عمل القطايف والكنافة وكعك العيد والفطاير.