بعد فوزه بولاية جديدة.. لمحات من سياسة بوتين الخارجية
حقق الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، نجاحًا ساحقًا، وذلك بعد فوزه بولاية رئاسية خامسة بعد حصوله على نحو 87.29 بالمئة من أصوات الناخبين، وليصبح أطول زعماء روسيا بقاء في المنصب منذ أكثر من 200 عام.
وبعد فوز الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بولاية رئاسية خامسة، تبرز بوضوح سياسته الخارجية وتطلعاته للمستقبل في ظل الأحداث والتحديات الدولية الراهنة.
ويعكس هذا الفوز استمرارية الدور الروسي على الساحة الدولية وتعزيز قبضته على السلطة داخل البلاد.
أبرز محطات بوتين السياسية
- في يناير عام 1990، أنهى بوتين رحلة عمل إلى ألمانيا وعاد إلى لينينغراد، ووفقا له رفض الانتقال للجهاز المركزي للاستخبارات الأجنبية للـ"كي جي بي" في موسكو، والتحق بجهاز المخابرات الداخلية في الاتحاد السوفيتي، فرع لينينغراد.
• منذ فبراير 1990، عمل كمساعد لرئيس جامعة ولاية لينينغراد للشؤون الدولية، ثم مستشارا لرئيس مجلس مدينة لينينغراد أناتولي سوبتشاك ، عمدة سانت بطرسبرغ في 1991-1996.
• في يونيو 1991، تم تعيين بوتين رئيسا للجنة العلاقات الخارجية في مكتب رئيس بلدية سانت بطرسبرغ.
• في ديسمبر 1999، أصبح بوتين رئيسا بالإنابة لروسيا بعد استقالة يلتسين. - تم انتخابه رسميا لمنصب الرئيس في مارس 2000.
• خدم فترتين رئيسا لروسيا من 2000 إلى 2004 ومن 2004 إلى 2008، قبل أن يتنحى تماشيا مع الحظر الدستوري الروسي على ثلاث فترات رئاسية متتالية لتولي منصب رئيس الوزراء.
• أعيد انتخابه في مارس 2012، ليتولى فترة ولاية أخرى رئيسا لروسيا حتى 2018، وذلك بفضل التعديل الدستوري الذي أقرّه الرئيس آنذاك ديمتري ميدفيديف في ديسمبر 2008 لتمديد الولاية الرئاسية من أربع إلى ست سنوات.
سياسة بوتين الخارجية
1. العلاقات الإقليمية: بوتين يعتبر تعزيز العلاقات الإقليمية لروسيا أحد أولوياته، حيث يسعى إلى تعزيز التعاون الاقتصادي والعسكري مع دول الجوار والشركاء الإستراتيجيين لروسيا.
2. الدور في الشؤون الدولية: تتمثل إحدى أبرز سياسات بوتين في الدور الفاعل لروسيا في الشؤون الدولية، سواء كان ذلك في تحقيق التوازن العالمي للقوى أو في التدخل في الصراعات الإقليمية.
3. تعزيز النفوذ الروسي: يسعى بوتين إلى تعزيز النفوذ الروسي في المنطقة العربية والشرق الأوسط، وذلك من خلال دعم حلفاء روسيا في المنطقة وتعزيز التعاون الاقتصادي والعسكري معها.
شخصية بوتين
في عام 2020 عُدّل الدستور الروسي مرة أخرى لتمديد فترة الولاية الرئاسية مرتين، وبالتالي، بات بمقدور بوتين حاليا أن يحصل على فترتين رئاسيتين على الأقل، أي حتى 2036، وبذلك يتخطى الرقم القياسي الذي حققه ستالين بحكمه البلاد 29 عاما.
واستفاد بوتين من كونه عميلا في المخابرات ليبقي طموحاته الخاصة طي الكتمان، كما استغل الفرص التي أتيحت له، وفق مؤسسة "بروكينغز"، التي أضافت أنه:
- أولى اهتماما وثيقا بالأفراد الذين يعزّزون مسيرته المهنية، لقد درسهم، وعزّز علاقاته الشخصية والمهنية معهم، وقدم لهم المعروف، وتلاعب بهم.
- حين كان يناور للفوز بمنصب حساس سمح للبعض بانتقاده ليراكم بهدوء قوة حقيقية.
ويتسم حكم بوتين بالقومية الروسية المحافظة، وبه أصداء قوية لحكم القياصرة الديكتاتوري، كما يحظى بتأييد الكنيسة الأرثوذوكسية، وفق ما ذكرته شبكة "بي بي سي".
تطلعاته للمستقبل
1. تعزيز الاستقرار الداخلي: يتطلع بوتين إلى تعزيز الاستقرار الداخلي في روسيا، وتعزيز الاقتصاد الروسي وتحسين معايير معيشة الشعب الروسي.
2. تعزيز الدور الروسي العالمي: يهدف بوتين إلى تعزيز الدور الروسي على الساحة الدولية وزيادة تأثير روسيا في صياغة القرارات الدولية.
3. تعزيز العلاقات الثنائية: يسعى بوتين إلى تعزيز العلاقات الثنائية مع دول العالم، وبناء شراكات استراتيجية تخدم مصالح روسيا والشركاء.
دور بوتين في استعادة مجد روسيا
بين الحرب على أوكرانيا والمواجهة مع الغرب واحتجاجات المعارضة، أبقى الفوز بوتين بالسلطة 6 أعوام أخرى، كقائد حربي يمسك بالسلطة بكلتا يديه، وفق وكالة "الأنباء الفرنسية"، التي أشارت إلى أن عهد بوتين شهد في عام 2020، تعديلا دستوريا يتيح له البقاء في الحكم حتى 2036.
وتميز حكم بوتين الآتي من صفوف جهاز الاستخبارات منذ وصوله إلى الكرملين بسمتين رئيسيتين: أولهما التصلب المستمر مع السيطرة على طبقة الأثرياء الأوليغارشية وحرب الشيشان الثانية ومراقبة الإعلام والمعارضة.
أما السمة الثانية فهي السعي إلى اكتساب سلطة جيوسياسية، من خلال الحرب في جورجيا (2008)، وضم شبه جزيرة القرم الأوكرانية (2014) والتدخل العسكري في سوريا (2015) وأخيرا الحرب على أوكرانيا في فبراير 2022.
وظنت أوروبا خطأ أنها قادرة على توجيه هذه الطموحات مراهنة على الاعتماد الاقتصادي المتبادل من خلال المشتريات الضخمة من الغاز الروسي، وفق "فرانس برس"، التي أضافت أنه:
- يواجه بوتين الكثير من الإخفاقات بحرب أوكرانيا، لكنه ما زال يصر على تحقيق النصر من خلال الاستنزاف، مراهنا على ميل الكفة لصالحه في الأشهر الأخيرة وإنهاك القوى الغربية الداعمة لكييف بالسلاح.
- بعد عامين على بدء الحرب، سيطرت قوات موسكو مؤخرا على بلدة أفدييفكا، وواصلت التقدم في مواجهة قوات كييف التي تعاني من نقص العديد والذخيرة.
• من أبرز تصريحاته أن الجيش الروسي لن يتراجع ولن يفشل، كما أن الحرب مسألة "حياة أو موت" لموسكو.
• يفتخر بوتين حاليا من أجل تحقيق أهدافه بالدعم الدبلوماسي الذي يحصل عليه من الصين، ويشير إلى أن آسيا، وفي مقدمتها الهند، تتهافت على النفط الروسي، وأن إفريقيا تعتبره حليفا ضد "الاستعمار الجديد" الغربي.
• بعد إخفاق الهجوم المضاد الأوكراني تمتع بوتين بهامش مناورة أكبر، مع انقسام الغربيين بشأن استمرار المساعدات العسكرية لأوكرانيا.
• عاد الرئيس الروسي رغم صدمة العقوبات للساحة الدولية بعد أن امتص الاقتصاد الروسي تلك الصدمات رغم التضخم والاعتماد على الإنتاج العسكري.
علاقة بوتين بالدول العربية
علاقة فلاديمير بوتين بالدول العربية تعود إلى فترة طويلة وتشكلت عبر التاريخ بناءً على العديد من الأبعاد السياسية والاقتصادية والعسكرية.
1. سوريا: تعتبر سوريا واحدة من الحلفاء الرئيسيين لروسيا في المنطقة. بوتين دعم نظام الرئيس السوري بشار الأسد سياسيًا وعسكريًا في الحرب الأهلية السورية، وقام بتقديم الدعم العسكري واللوجستي للنظام السوري.
2. العراق: تتعزز العلاقات الروسية العراقية من خلال التعاون العسكري والاقتصادي، وقد دعمت روسيا الحكومة العراقية في مكافحة تنظيم الدولة الإسلامية (داعش) وتعزيز الاستقرار في البلاد.
3. مصر: تتميز علاقة روسيا بمصر بالتعاون الاقتصادي والعسكري، حيث تعاونت البلدين في مجالات مثل الطاقة والصناعة العسكرية.
وقد زار بوتين مصر عدة مرات وتبادل الرئيسان الروسي والمصري زيارات رسمية.
4. السعودية: رغم وجود اختلافات في السياسات الإقليمية بين البلدين، إلا أن العلاقات الروسية السعودية تتسم بالتعاون في مجالات الطاقة والاقتصاد والتجارة.
5. الإمارات العربية المتحدة: تتطور العلاقات الروسية الإماراتية بشكل متزايد في السنوات الأخيرة، وتشمل التعاون في مجالات الاستثمار والطاقة والتجارة.
تُظهر هذه المعلومات تنوع وتعدد العلاقات الروسية مع الدول العربية، وتعكس أيضًا دور بوتين في تعزيز هذه العلاقات وتعزيز التعاون في مختلف المجالات.