تعديل «تاريخي» يضع الصومال على حافة النظام الرئاسي
في خطوة وصفت بـ"التاريخية والجريئة"، مرر البرلمان في الصومال تعديلات دستورية تقرب البلد الذي يعاني ويلات الفقر والإرهاب، من نظام رئاسي.
وحضر جلسة التصويت على تعديل الدستور 254 عضوا (من أصل 331 عضوا) في البرلمان الفيدرالي بمجلسيه الشعب والشيوخ، وصوتوا بالإجماع على تمرير تعديلات الفصول الأربعة، وفق الناطق باسم البرلمان الصومالي.
وتكلل التعديلات جهود استكمال دستور الصومال وتحويله إلى دستور رسمي دائم، بعد أن كان يحمل صفة دستور مؤقت وانتقالي منذ اعتماده في أغسطس 2012.
ويشكل تعديل الدستور واستكماله، أولوية الأجندة الوطنية، وهو حق أصيل بموجب الدستور إلى البرلمان الفيدرالي حصريا.
أبرز التعديلات
وأبرز التعديلات على النسخة الجديدة المعتمدة في الفصول الأربعة الأولى من الدستور، هى مواد حرية التعبير، وتمثيل المرأة، ونظام القيادة، وعدد الأحزاب السياسية، وتكوين مفوضية الانتخابات والحدود.
وتنص المادة 17 (1) من النسخة المعتمدة على أن "لكل شخص الحق في حرية التعبير ونقل ذلك بالقول أو المطبوع أو وسائل الإعلام أو الفن أو أي شكل آخر ما لم يتعارض مع الشريعة الإسلامية".
فيما تنص المادة 47 (7) من النسخة المعتمدة على أن الدستور "يضمن مشاركة المرأة في المجالس التشريعية والأحزاب السياسية، وسيتم تحديد حصة المرأة في القواعد الخاصة التي يعتمدها البرلمان الاتحادي الصومالي".
وأرادت البرلمانيات أن يضفن عبارة "يجب أن تشارك المرأة في جميع مستويات الحكومة الثلاثة بتمثيل يبلغ 30%"، لكن لم يحدث ذلك خلال جلسات مناقشة التعديلات.
وتنص المادة 49 (1) على أن المواطنين ينتخبون الرئيس مباشرة، ويعين الرئيس، رئيس الوزراء ويكون قادرًا على إقالته.
وبموجب النسخة السابقة، كان الرئيس يعين فقط رئيس الوزراء ولكن لا يمكنه إقالته (كان للبرلمان سلطة إقالة رئيس الوزراء).
وتنص المادة 54 (2) من النسخة المعتمدة على أنه سيكون هناك ثلاثة أحزاب سياسية وطنية، في حين تنص المادة 57 (1) من النسخة المعتمدة على أن تكوين مفوضية الانتخابات والحدود المستقلة من 18 عضوًا.
وبشكل عام، يعزز التعديل الدستوري سلطات الرئيس، ما يعطي صورة عن نظام رئاسي مصغر على الرغم من بقاء منصب رئيس الحكومة.
أبرز ردود الأفعال
وأثارت خطوة البرلمان ردود أفعال مؤيدة وأخرى معارضة، إذ وصف رئيس الصومال حسن شيخ محمود الخطوة بـ"الحدث التاريخي".
ونقل بيان من فيلا صوماليا (القصر الرئاسي) قوله "اليوم هو يوم تاريخي يراوح مكانه في صفحة ذهبية في مسيرة عملية بناء الدولة الصومالية"، وإن "استكمال الدستور هو الأساس لتطوير الديمقراطية والقومية والمؤسسات الحكومية".
وتابع "أدعو أعضاء المجلسين إلى مواصلة القيام بتنقيح وتقويم وإكمال الفصول المتبقية من الدستور".
من جهته، أشاد رئيس الوزراء الصومالي حمزة عبدي بري، بالخطوة وقال إنها "تخدم مصلحة كل الصوماليين، وإنجاز قوي في عمل الحكومة التي تقود البلاد حاليا، وتتمثل أحد تعهداتها في برنامجها السياسي".
ولاية غلمدغ في الصومال احتفت بتعديل الدستور ووصفته بأن "إعادة حق اختيار الممثلين للشعب الصومالي الذي بقي حصرا في صفقات سياسية بين النخب".
لكن ولايات مثل هيرشيلى، جنوب غرب الصومال وجوبالاند لم تصدر بيانات للتعليق على الخطوة، لكن بشكل عام تدعم مسار التعديل الدستوري.
تحول كبير
وقال المحلل السياسي في الصومال محمد نور، إن "إنجاز التعديلات الدستورية بداية جديدة للعملية السياسية في الصومال، وستكون تحولا كبيرا في العملية الانتخابية التي ستتخذ شكلا يكون فيه صوت الشعب فاصلا بين النخب السياسية".
ويرى نور، أن "تعديل البرلمان الفيدرالي الدستور تطور لمسار الديمقراطية الصومالية المعلقة بين فكي كماشة العصبية القبيلة وعدم تطور النظام السياسي".
ويرجع نور معارضة تعديلات الدستور، إلى "أجندات سياسية شخصية لا تقدم اعتبارات وحججا قائمة على المصلحة السياسية العامة بما أن عملية استكمال الدستور أجندة وطنية حقيقية يتفق الجميع على إجرائها".
وتدخل التعديلات الدستورية حيز التنفيذ في الإدارة القادمة كما صرح الرئيس حسن شيخ محمود، وتنص أيضا على تغيير مدة ولاية الرئيس من أربع إلى خمس سنوات.
ويتوقع المحلل السياسي في الصومال، "استمرار عملية تعديل الدستور، حتى استكمال جميع الفصول المتبقية وتنفيذ الرئيس وعده الانتخابي".