من حق الملح إلى أكياس البركة.. أغرب عادات التكافل الاجتماعي في رمضان
يتميز شهر رمضان الكريم بأنه شهر الخير والبركات وأعمال الخير، وتتميز العديد من البلدان في دول العالم بعادات وتقاليد تميزها عن غيرها، ولكن بعض البلدان تتميز بعادات خاصة ليس في الماكل أو المشرب ولكن في عادات التكافل الاجتماعي الذي عرف عن الشهر الفضيل.
السكبة في سوريا وحق الملح في تونس
في شهر رمضان، يتجسد التضامن وروح المساعدة المتبادلة بين الجيران في سوريا من خلال تقليد قديم يُعرف بـ"السكبة".
و هذا التقليد الذي امتد جذوره لزمن بعيد، كان يعبر عن التلاحم والترابط الاجتماعي بين السوريين، لكن مع تغير الظروف الاقتصادية وارتفاع أسعار المعيشة، باتت هذه الطقوس تتلاشى تدريجيًا.
وتعود أصول "السكبة" إلى زمن طويل في التاريخ السوري، حيث كانت تعتبر عادة تميزت بها الأسر السورية
بدأت الفكرة ببساطة، حيث كان أحد الفقراء يتلقى أطباق الطعام من جيرانه الذين كانوا يتشاركون ما لديهم معه بكرمهم وسخاءهم.
ومن هنا بدأت العادة تنتشر وتتجذر بين الأسر السورية، وأصبحت جزءًا من تراثهم الثقافي والاجتماعي.
ومع بداية الصوم في شهر رمضان تأتي مع تقاليد وطقوس خاصة في المطبخ السوري، حيث يعتبر إعداد الأطباق الرئيسية ذات اللون الأبيض تعبيرًا عن البهجة والتفاؤل بقدوم هذا الشهر الفضيل.
و يتميز المطبخ السوري بتنوع الأكلات الفلكلورية التي تعتمد على استخدام اللبن الرائب كمكون أساسي.
من بين هذه الأطباق المميزة نجد الشاكرية، الشيخ المحشي، الشيشبرك، وباشا وعساكره، والتي تجمع بين طبخات اللبن الرائب والمكونات الأخرى بطريقة فريدة. كما تشمل الوصفات اللبنية البيضاء الكبة باللبنية والفتات بأنواعها المختلفة.
تُقدم هذه الأطباق غالبًا بجانب طبق الأرز، مما يضيف لمسة من التنوع والغنى إلى مائدة الإفطار الرمضانية. إن هذه العادات الغذائية الفريدة تجسد روح الترابط والتضامن في المجتمع السوري، حيث يجتمع الأهل والأحبة لتبادل الطعام والفرحة خلال هذا الشهر المبارك.
التحولات الاقتصادية والتأثير على السكبة
مع تدهور الوضع الاقتصادي في سوريا نتيجة الحرب الدائرة وفرض العقوبات الاقتصادية على البلاد، شهدت الطقوس المرتبطة بـ"السكبة" تحولات جذرية.
وارتفاع تكاليف المعيشة وانخفاض القدرة الشرائية أدى إلى تقليل العديد من الأسر لمشاركة الطعام مع جيرانهم، وبالتالي تلاشى هذا التقليد تدريجيًا من يومياتهم.
حق الملح في تونس
ومن ناحية أخرى، تحتفل العائلات التونسية بعيد الفطر بمجموعة من العادات والتقاليد التي تميّزها عن غيرها من الدول العربية، حيث تعتبر عادة "حق الملح" من بين التقاليد البارزة التي تعبر عن الثناء والامتنان لجهود النساء في إعداد موائد الإفطار طوال شهر رمضان.
تعتبر "حق الملح" عادة قديمة موروثة في تونس وبعض دول المغرب العربي، ويرتبط أصلها بضرورة التأكد من اعتدال ملوحة الطعام قبل تقديمه للعائلة في شهر الصيام. تقوم العادة على تقديم هدية قيمة للمرأة التي تقوم بإعداد الطعام للعائلة في صباح العيد، حيث يهدي رب الأسرة لها قطعة من الذهب كتعبير عن الامتنان والتقدير.
يقول "الحكواتي" المتخصص في التاريخ، سعيد مرموش، إن هذه العادة تعود للعهد العثماني، حيث تداولت قصة عن تاجر ثري يوزع مهبة العيد على أطفاله، وعندما سقطت قطعة من الذهب في فنجان القهوة، أعربت الزوجة عن امتعاضها بصغر قيمة الهدية قائلة "هذا المبلغ لا يساوي حتى حق الملح". ومنذ ذلك الحين، أصبحت الهدية للزوجة صباح العيد عادة متوارثة.
تعكس عادة "حق الملح" التضحية والحب التي يتبادلها أفراد الأسرة، وتعتبر حركة تعبيرية عن الحب والمودة بين أفراد الأسرة. تأتي هذه العادة كذكرى للجهود الشاقة التي كانت تبذلها النساء في الماضي لإعداد وجبات الإفطار في ظروف صعبة.
وبهذه الطريقة، يستمر الاحتفاء بعادات وتقاليد تونسية قديمة، تنقل الروح والفرحة بين أفراد الأسرة في أيام العيد، مما يعزز الترابط الاجتماعي والعائلي في المجتمع التونسي.
ما هي عادة السكر أو سكر رمضان
هي عبارة عن هدية تعطى في شهر رمضان كنوع من التضامن مع الفئات الضعيفة لكن الأمر انقلب إلى عادة اجتماعية شديدة التكليف، حيث لم تعد الهبة تقدم لضعاف الحال كما كان عليه الحال، بل لعائلة الزوج وهو تقليد يعتبره غالبية الرجال سطحيا وغير ذي قيمة، فيما يشغل بال النساء اللائي لا يتردّدن في التنافس بينهن لكسب ود الحموات.
ويطلق على هذه الهدية اسم "سوكيرو كور" (سكر رمضان) لارتباطها بتقديم الزوجة للحلويات لكسب ود عائلة زوجها، بيد أن الأمور تغيرت وعوضت الحلويات هدايا أرفع قيمة مثل ثمين المجوهرات والقماش الرفيع والأموال، حتى أصبحت العادة تشكل عبئا ثقيلا على الكاهل في ظل ظروف اقتصادية متأزمة أصلا.
مراسم المصالحة
ومن أبرز العادات التي يمارسها الإيرانيون في شهر رمضان، قبل شهر رمضان، تنظيم مراسم المصالحة، حيث يبادر شيوخ كل حيّ بدعوة من وقع بينهم الشجار وتدهورت علاقاتهم إلى شرب الشاي في أحد البيوت من دون إطلاع الطرفين على الأمر، حيث تجري حينها المصالحة بينهم.
أكياس البركة
في اليوم السابع والعشرين من رمضان فرصة لخياطة كيس مراد ، وهي رمز لرمضان شهر البركة والرحمة والمغفرة ، وبعد ذلك تطهر الروح البشرية. ,من الذنوب ، فيستطيع الانسان أن يطلب من الله الذي بيده القوة الأكبر أن يصل به إلى أحلام بعيد المنال.
يعود تاريخ خياطة كيس مراد "كيس البركة" إلى أكثر من قرنين من الزمان ، والتي توارثت من جيل إلى جيل إلى القرن الرابع عشر للهجرة الإسلامية ، على الرغم من التقدم والتكنولوجيا ، إلا أن آثار الطقوس القديمة تتلاشى ، و يجب أن تبقى تلك الطقوس حية. الملابس في أيدي النساء ، والإبرة في يد واحدة تحت الأخرى ، وكأنهن يصورن بها تقلبات العصر.
وبالنسبة لوجود العملة المعدنية في كيس البركة فهي رمز الثقافة الإيرانية وهي تذكير بالمال والثروة. ربما بالنظر إلى الوضع الاقتصادي ، فإن أهم أمنية للبشر هي كسب الخبز الحلال وكسب لقمة العيش ، لذلك يعتبر من ضروريات طقوس مراد في خياطة العملة ، والتي بعد خياطة الكيس ، وضع قطعة نقود بداخلها ، وربط الكيس الاحتفاظ به معهم كأصل ثمين.
وقال حميد رضا حسني رئيس التراث الثقافي لشهرود عن خياطة كيس مراد: أن هذه الممارسة التقليدية عمرها أكثر من ثلاثة قرون ولديها الكثير من المعجبين في دامغان ونحن نبحث عن تسجيلها الوطني.