تعددية الأحزاب فى موريتانيا.. ديمقراطية أم عبء سياسي؟
أعلن رئيس حزب الاتحاد من أجل الجمهورية المتولي الحكم في موريتانيا، أمس في خطاب بمناسبة مرور عامين على انتخاب الرئيس الموريتاني محمد ولد الشيخ الغزواني التشاور المزمع بين الأحزاب السياسية وسيتم تنظيمه قريبا دون تحديد موعد محدد ويأتي هذا التشاور في إطار تصفية النزاعات بين الأحزاب لتوحيد وتنسيق الجهود السياسية لخدمة البلاد في وسط ترحيب الأحزاب المعارضة بالتشاور.
النظام السياسي في موريتانيا
شهدت موريتانيا ظاهرة التعددية الحزبية في الحياة السياسية التي سبقت بوادرها إعلان الاستقلال وظهور الكيان السياسي الموريتاني كوحدة سياسية مستقلة، وهذه التعددية الحزبية انقلبت إبان حكم ولد داداه إلى نظام الحزب الواحد المهيمن ممثلا في حزب الشعب الموريتاني وذلك عقب سعى ولد داداه لإنشاء حزبه الحاكم وبهذا اضحى حزب الشعب الحاكم هو حزب الدولة بنص الدستور والذى استمر مهيمنا على الحياة السياسية باعتباره التنظيم السياسي الرسمي والوحيد في الممارسة السياسية في مواجهة المعارضة السياسية غير الرسمية للحركات والتنظيمات غير الرسمية إلى أن وضع انقلاب 10يوليو 1978حداً للحكم المدني والنظام الحزبي لحل حزب الشعب وإصدار ميثاق دستوري يمنع تعدد الأحزاب السياسية .
الدستور الحالي
ليقر دستور 1991عودة التعددية السياسية والتي تعد من أهم العراقيل التي تواجه الأحزاب السياسية الموريتانية في التوجه نحو التحول الديموقراطي وقد تمثلت الصعوبة التي واجهت التحول الديمقراطي الموريتاني في الطابع الفجائي الذي اتخذته هذه التجربة حيث انتقلت البلاد من الحكم العسكري إلى التعددية السياسة في فترة وجيزة حيث لم يفصل بين المصادقة على دستور وإجراء الانتخابات التشريعية إلا فترة قصيرة وقد أسهم هذا الوضع في ظهور تحديات وعقبات كثيرة تواجه مسار التحول الديمقراطي
ضعف بنية الاحزاب
تعاني بنية الأحزاب السياسية الموريتانية تعد من التحديات والمعضلات التي تقف حجر عثرة أمام أي تحول حقيقي باتجاه إقامة نظام ديمقراطي، فرغم أن موريتانيا عرفت تعددية حزبية كبيرة قبل التحول الديمقراطي وبعده، إلا أن هذه التعددية لم تنعكس آثارها على مجمل الحياة السياسية وتفاعلاتها بالشكل المطلوب، ويعود ذلك إلى ضعف الإطار الفكري والتنظيمي وخضوعها لبعض الممارسات غير الديمقراطية داخليا بجانب بعض القيود القانونية المفروضة على عملها وحالة عدم التوازن الحزبي وفشلها في القيام بوظيفة التعبير عن المصالح وتجميعها وبلورتها في شكل سياسات وبرامج حزبية.
الانشقاق الايديولوجي
ضعف الإطار الفكري أو عدم الوضوح الإيديولوجي، حيث إن الأحزاب السياسية الموريتانية يفتقر أغلبها إلى مقومات الحزب السياسي، فما يوجد على الساحة أقرب لأن يكون مجرد تجمعات أشخاص فكل واحد من هذه الأحزاب يضم توليفة غريبة من أعراق وتيارات وتوجهات سياسية متباينة ناصريين، بعثيين، شيوعيين، قوميين، أفارقة، فمثال ذلك حزب التحالف الشعبي التقدمي في مرحلة من المراحل والذي يعتنق الفكر الناصري أصبح هو الآخر عبارة عن توليفة بين قوميين وعرب وزنوج.
بجانب إخفاض الأحزاب السياسية الموريتانية في القيام بدور الوسيط بين المجتمع والدول. فبدلا من أن تتولى مهمة تمثيل المجتمع امام الحكومة والنظام الحاكم تحرص على تمثيل قادتها وأعضاء مكاتبها وانتزاع مناصب سياسية وتراجع الأداء السياسي لأحزاب التي دخلت في ائتلاف مع النظام في بعض الأحيان وهنا يظهر الوجه السلبى للطرف الثاني من الأحزاب التي خرجت من دائرة المعارضة لتلتحق بالنظام الحاكم والذى اثبت التجربة الميدانية بأنها عاجزة عن تمثيل المصالح.