عام على حرب السودان.. معاناة بلا أفق
أيام قليلة وتكمل الأزمة السودانية عامها الأول، بعد ان اندلع القتال بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع في منتصف أبريل 2023 دون أفق واضح لوقف القتال.
ولم تفض جهود الأسرة الدولية إلى نتيجة ملموسة في الحرب الدائرة في السودان منذ 15 أبريل/نيسان بين الجيش بقيادة عبد الفتاح البرهان وقوات الدعم السريع بزعامة محمد حمدان دقلو "حميدتي".
وتقول الأمم المتحدة إن السودان الذي كان، حتى قبل الحرب، أحد أفقر بلدان العالم، يشهد "واحدة من أسوأ أزمات النزوح في العالم وهو مرشح لأن يشهد قريبا أسوأ أزمة جوع في العالم".
ودون أفق واضح للحل ورغم جهود شركاء اقليميين للسودان يزداد كل يوما اعداد النازحين، وحتى اليوم قدرت الأمم المتحدة فى أحد تقاريرها أعداد النازحين بنحو 1.8 مليون شخص، فيما قدر عدد نازحو الداخل بحسب الحكومة السودانية فى 9 ولايات بأكثر من 11 مليون يتواجدون فى 67 محلية، وفر نحو 8.1 مليون شخص من منازلهم فى السودان، ويشمل ذلك حوالى 6.3 مليون داخل السودان.
وأدى اتساع دائرة الحرب لارتفاع أعداد القتلى حيث راح ضحية المعارك الدائرة نحو أكثر من 13 ألف قتيل كما ذكر برنامج الأغذية أن كثيرا من العائلات اضطرت إلى شرب مياه المستنقعات، ونحو 18 مليون شخص فى أنحاء السودان يواجهون حاليا الجوع الحاد.
على المستوى الاقتصادي، قدّر وزير المالية في حكومة الانتقال د. إبراهيم البدوي، حجم الخسائر التي لحقت بالبنية التحتية للبلاد بنحو 60 مليار دولار؛ وسط توقعات بأن ترتفع الخسائر بشكل كبير فى ظل استمرار الحرب، وتوقع البدوي أن يتراجع الناتج المحلى بنحو 20 % إذا لم تتوقّـف الحرب سريعًا.
وانهار النظام الصحي بشكل شبه كامل في السودان. وتقدّر الخرطوم الخسائر في هذا القطاع بقرابة 11 مليار دولار.
أما القطاع الزراعي الذي كان يعمل فيه العدد الأكبر من السودانيين في بلد كان يعد سلة غلال أفريقيا، فتحول لأراض محروقة، حتى المصانع القليلة تمّ قصفها.
خسائر الاقتصاد السوداني
كما توقعت دراسة أجراها المعهد الدولى لبحوث السياسات الغذائية ونقلتها وسائل اعلام سودانية، خسائر الاقتصاد السوداني خلال فترة الحرب الدائرة بين الجيش وقوات الدعم السريع بـ(15) مليار دولار بنهاية العام الحالي، وهو ما يُعادل 48% من الناتج المحلى الإجمالي.
وأدت الحرب لتردى الأوضاع الاقتصادية، ووفقا لدراسة نشرها المركز المصرى للفكر والدراسات الإستراتيجية، بلغت تكلفة الحرب أكثر من 100 مليار دولار، إذ توقف 70% من النشاط الاقتصادي في السودان. وتُقدر تكلفة المعارك في السودان بنحو نصف مليار دولار يوميًا.
وانخفض معدل النمو الاقتصادي إلى -18.3%، وأدت الحرب لانهيار العملة المحلية امام الدولار الجنيه السوداني خسر أكثر من 50% من قيمته. وارتفع معدل البطالة لـ 117.4% عام 2024، وتراجع إنتاج الذهب من 18 طنًا إلى طنين فقط، كما فقدت الخزينة السودانية عائدات صادرات الذهب التى تقدر بمليارى دولار.
وتعرض 100 بنك للنهب تم سرقة أكثر من 38% من أموال مصارف الخرطوم، والبنك المركزى السودانى يعانى من نقص شديد فى السيولة بسبب العمليات التخريبية.
قدر حجم الدمار والتخريب بالقطاع الصحي في السودان، بـ 11 مليار دولار بسبب الحرب، وفقا لوزير الصحة الاتحادي بالسودان، الدكتور هيثم محمد إبراهيم، وقال وزير الصحة السوداني أن النداء موجه لتأهيل وإعمار 25% من المستشفيات بالسودان، وتشمل المستشفيات المرجعية الأساسية التى تضم تخصصات زراعة الكلى والرنين المغناطيسى والاورام.
وأشار إلى أن 75 % من المستشفيات البالغة 702 مستشفى منها 540 تابعة للصحة تعمل جزئيا، حيث تعرضت للتخريب ونهب الأجهزة والمعدات الطبية والشبكات، مبينا أن هناك بعض المستشفيات مثل مستشفى الحصاحيصا ومستشفيات دارفور، تدمرت كليا.
كما كشف وزير الصحة الاتحادى المكلف د. هيثم محمد ابراهيم، عن إطلاق صندوق لإعادة وإعمار وتأهيل المستشفيات التى دمرت فى الحرب الدائرة، بدءًا من المستشفيات المرجعية بولاية الخرطوم، مشيرًا إلى أن التركيز فى هذه المرحلة من النداء سيكون على المستشفيات القائمة والتى تأثرت بالحرب وأنه لا يشمل أى إنشاء لمستشفيات جديدة، وأن التأهيل سيشمل جميع المرافق الصحية التى كانت عاملة من قبل الحرب، كما كشف عن وضع خارطة صحية جديدة لبناء النظام الصحى يسع كل الولايات، مؤكدًا أن المرحلة الأولى بعد وقف الحرب فى الخرطوم الاستعجال فى تأهيل المستشفيات المدمرة.
وفي السابق كَشفَ وزير الصحة السوداني، عن ارتفاع حالات الإصابة بالكوليرا، رغم تنفيذ حملات التطعيم في بعض الولايات، وأضاف فى مقابلة مع صحيفة سودان تربيون، أن السودان سجّل 10 آلاف و800 إصابة بالكوليرا، وفقَا لآخر تقرير عن الوضع الوبائى فى 12 ولاية، وبلغت إصابات حمى الضنك 7.500 حالة فى 11 من أصل 18 ولاية.