مواقع التراث العالمي بالسودان.. هل أصبحت في مرمى نيران الحرب
تواجه مواقع التراث العالمي بالسودان خطرا كبيرا؛ نتيجة الصراع المشتعل بين الجيش السوداني وميليشيا الدعم السريع، حيث إن هناك مخاوفا من وصول الحرب إلى مواقع التراث العالمي بالسودان.
جبل البركل ومواقع المنطقة النوبية
تبدأ قائمة مواقع التراث العالمي بالسودان بجبل البركل والمنطقة النوبية، وتشغل هذه المواقع الأثرية الخمسة مساحة يفوق طولها 60 كيلومترًا في وادي النيل.
وتحمل هذه المواقع كلها آثار الثقافة النوبية (900 - 270 قبل الميلاد) والمروية (270 قبل الميلاد – 350 ميلادية) السائدتين في ظل دولة كوش الثانية.
وتتضمن هذه المواقع قبورا مزوّدة بأهرام أو مجرّدة منها، بالإضافة إلى معابد وأبنية سكنية وقصور.
ومنذ عصور ما قبل التاريخ، ارتبط جبل البركل ارتباطًا وثيقًا بالتقاليد الدينية والفولكلور، أما المعابد الأساسية فلا يزال ينظر إليها كأماكن ذات طابع ميتولوجي.
المواقع الأثرية في جزيرة مروي
وتعد من مواقع التراث العالمي بالسودان المواقع الأثرية في جزيرة مروي، وهي عبارة عن مناطق شبه صحراوية بين نهر النيل ونهر عطبرة، معقل مملكة كوش، التي كانت قوة عظمى بين القرنين الثامن والرابع قبل الميلاد، وتتألف من الحاضرة الملكية للملوك الكوشيين في مروي، بالقرب من نهر النيل، وبالقرب من المواقع الدينية في نقاء والمصورات الصفراء.
كانت مقرًّا للحكام الذين احتلوا مصر لما يقرب من قرن ونيف، من بين آثار أخرى، من مثل الأهرامات والمعابد ومنازل السكن وكذلك المنشآت الكبرى، وهي متصلة كلها بشبكة مياه. امتدت إمبراطورية الكوشيين الشاسعة من البحر الأبيض المتوسط إلى قلب إفريقيا، وتشهد هذه المساحة على تبادل للفنون والهندسة والأديان واللغات بين المنطقتين.
المحمية البحرية القومية لسنجانب والحديقة البحرية القومية لخليج جزيرة دنقناب في جزيرة مكوار
كما شمل مواقع التراث العالمي بالسودان المحمية البحرية القومية لسنجانب والحديقة البحرية القومية لخليج جزيرة دنقناب في جزيرة مكوار ويضم الموقع منطقتين منفصلتين.
الأولى هي سنجانب والتي تعد تجمعا للشعاب المرجانيّة المعزولة ويقع وسط البحر الأحمر، حيث يعد هذا الموقع الجزيرة المرجانية الوحيدة في هذا البحر على بعد 25 كم من السواحل السودانيّة.
أما المنطقة الثانية فهي خليج جزيرة دنقاب وجزيرة مكوار، وتقع هاتان الجزيرتان على بعد 125 كم شمال مدينة بورسودان وفيهما مجموعة متنوّعة من الشعاب المرجانيّة ونباتات أيكة ساحلية والأعشاب البحريّة والشواطئ والجزر.
ويقطن في هاتين المنطقتين مجموعة من الطيور والثديات البحرية، بالإضافة إلى أسماك القرش وشيطان البحر والسلاحف.
كما يعد خليج جزيرة دنقاب مسكنًا مهمًّا لحيوان الأطوم البحري.
جبل الداير
وتواجه مناطق أخرى أخطار وأصبحت في مرمى نيران الحرب، مثل جبل الداير حيث ظلت قوات الدعم السريع تعمل، منذ أيام، على ارتكاب مجازر بحق المدنيين إلى جانب تعطيلها لمصادر المياه داخل منطقة جبل الدائر ومناطق كردود والسميح.
تقع محمية جبل الداير أو حديقة جبل الداير الوطنية في الركن الجنوبي الشرقي من ولاية شمال كردفان في السودان، وتحتوي الحديقة على مجموعة متنوعة من البيئات الطبيعية المتميزة مع الحيوانات والنباتات الخاصة بها، بما في ذلك المنحدرات المرتفعة والقمم التي تصل إلى 1400 م فوق مستوى سطح البحر، بالإضافة إلى الوديان والجداول والسهول.
تم ترشيح ووضع محمية جبل الداير في عام 2021 في القائمة الإرشادية المؤقتة لمواقع التراث العالمي في السودان، وتم تصنيف المنطقة أيضاً في شبكة اليونسكو العالمية لمحميات المحيط الحيوي (WNBR) في عام 2017.
وقالت مصادر سودانية، إن قوات الدعم السريع اختطفت عددا من النساء واعتقلت عددا آخر من الشباب بمنطقة «جبل الدائر» القريب من مدينة أم روابة جنوب مدينة الرهد بولاية شمال كردفان.
وأضافت المصادر، أن ميليشيا الدعم السريع جمعت أسلحة المواطنين واختطف مجموعة من الشباب، مطالبة إياهم بدفع مبالغ تقدر بـ5 ملايين جنيه سوداني للفرد الواحد ليتم إطلاق سراحهم.
وذكرت المصادر، أن ميليشيا الدعم السريع نهبت العديد من المواشي والمحاصيل الزراعية، وسرقت أموال وسيارات المواطنين داخل المنطقة التي ظلت تمارس فيها انتهاكات جسمية طالت قرى أخرى مجاورة.
وأشارت المصادر، إلى أن قوات الدعم السريع ظلت تعمل، منذ أيام، على ارتكاب مجازر بحق المدنيين إلى جانب تعطيلها لمصادر المياه داخل منطقة جبل الدائر ومناطق كردود والسميح.
وفي بيان لمجلس عموم جبل الدائر، الأحد، قال إن سكان المنطقة يتعرضون للإبادة الجماعية والحصار من قبل قوات الدعم السريع.
وذكر البيان، أن قوات الدعم السريع هجمت على المنطقة منذ 18 أبريل الجاري، وإن المواطنين ما زالوا في سفوح الجبل بلا مأوى وبلا مسكن وبلا طعام، وفقا للبيان.
وكانت قوات الدعم السريع، منعت سكان المنطقة من الوصول إلى مصادر المياه التي عطلتها لاحقا بعد نهبها بجانب إتلاف الطاقة الكهربائية الخاصة بتشغيلها وتعطيل برج الاتصالات داخل المنطقة.
وأطلق المجلس نداءً عاجلًا لكل المنظمات الحقوقية والإنسانية، بالوقوف مع مواطني المنطقة؛ من أجل فك الحصار عليهم؛ حتى يتسنى لهم تلقي الخدمات الإنسانية والطبية وأن يعيشوا حياتهم الطبيعية.
وتعد منطقة جبل الدائر من أكبر المحميات الطبيعية الجبلية في إفريقيا، حيث ظل مواطنوها يتعرضون لحصار من قبل قوات السريع لأربعة أيام متتالية منذ 18 من أبريل الجاري.
وكانت قوات الدعم السريع فشلت في فرض سيطرتها الكاملة على معسكر «سدرة» التابع للجيش السوداني، خلال مواجهات دامية كانت قد دارت الخميس الماضي بينها وبين الجيش.
ويقع معسكر سدرة في منطقة جبل الدائر بولاية شمال كردفان، ويتبع إلى الفرقة العاشرة مشاة ورئاستها في مدينة أبي جبهة بولاية جنوب كردفان، وهي قاعدة عسكرية عريقة تتبع للجيش السوداني.