رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

تزامنًا مع زيارة أمير الكويت.. لمحات تاريخية في العلاقات الكويتية المصرية

نشر
الأمصار

عقدت اليوم الثلاثاء، جلسة مباحثات بين الرئيس عبد الفتاح السيسي، رئيس جمهورية مصر العربية، وأمير الكويت، الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، بقصر الاتحادية.

ومن المقرر أن تعقد جلسة مغلقة يعقبها جلسة مباحثات موسعة تضم وفدى البلدين لبحث العلاقات الثنائية بين البلدين وسبل تعزيرها، وقضايا المنطقة وتطورات الأحداث ودعم العمل العربي المشترك.

وأقيمت مراسم استقبال رسمية لضيف مصر الكريم لدى وصوله مطار القاهرة الدولي، أعقبها مراسم استقبال رسمية بقصر الاتحادية، حيث استعرض الرئيس السيسي وأمير الكويت حرس الشرف وتم إطلاق المدفعية ٢١ طلقة ترحيبا بضيف مصر الكريم، كما تم عزف السلام الوطني لكلا البلدين.

ومنح الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، قلادة النيل لأمير دولة الكويت الشيخ مشعل الأحمد جابر الصباح، وتمثل قلادة النيل أرفع الأوسمة المصرية وأعظمها شأناً وقدراً.

تفاصيل الزيارة 

وعقد رئيس الجمهورية عبد الفتاح السيسي وأخوه أمير دولة الكويت الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح جلسة مباحثات ثنائية، تلتها جلسة موسعة ضمت أعضاء الوفدين، شهدت تناولاً معمقاً للعلاقات الثنائية بين مصر والكويت، وإشادة متبادلة وتقديراً لعمق وقوة تلك العلاقات الثنائية الوثيقة بينهما على مختلف المستويات الرسمية والشعبية، وما شهدته من تضامن كامل عبر مختلف المحطات المحورية والفارقة، على نحو برهن بوضوح على التزامهما المتبادل بضمان وحماية أمن ومصالح بعضهما البعض، وحرصهما الراسخ على حماية الأمن العربي المشترك باعتباره كلاً لا يتجزأ.

وبحث الجانبان كذلك مختلف أوجه التعاون المُشترك في القطاعات الاستثمارية والتجارية والطاقة والبنية التحتية والرعاية الصحية والتعليم والثقافة والسياحة، حيث أشادا بالتقدم الراهن في هذه القطاعات، وما تشهده العلاقات الاقتصادية والتجارية بين البلدين على نحو خاص من نمو مطرد، يعكس ما يربطهما من مصالح مشتركة، وما تمثله دولة الكويت من شريك محوري لجمهورية مصر العربية في القطاع الاستثماري والتجاري ومختلف أوجه التعاون الاقتصادية.

هذا، وقد أثنى الجانب الكويتي على النهضة التنموية غير المسبوقة التي تشهدها مصر على كافة الأصعدة، منوهاً بالجهود المصرية الجارية لتحسين المناخ الاستثماري وجذب الاستثمارات وتذليل العقبات أمام المستثمرين، كما عبر فخامة الرئيس عن تثمينه للرعاية التي تتلقاها الجالية المصرية في الكويت، وأكد الجانبان عزمهما تعزيز العلاقات التجارية والاستثمارية خلال الفترة القادمة، على نحو يحقق مصالحهما المشتركة، مع تكليف المسؤولين في البلدين باتخاذ الخطوات اللازمة لتحقيق ذلك، والتجهيز لعقد الدورة الثالثة عشر للجنة العليا المُشتركة خلال الأشهر القليلة القادمة بما يسهم في دفع جهود تعزيز التعاون المشترك. 

ثمّن الجانبان الدعم المتبادل بين البلدين في المحافل الدولية المختلفة، والذي يُمثل ركناً هاماً لدفع المصالح المُشتركة، وآخره تأييد دولة الكويت لترشيح الدكتور/ خالد العناني لمنصب مدير عام منظمة اليونسكو، وكذا تأييد مصر لترشح الكويت لعضوية مجلس حقوق الإنسان بالأمم المتحدة عن الفترة من 2024-2026.

كما أشادا كذلك بالتنسيق الوطيد بشأن القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المُشترك، وأكدا ضرورة تغليب ثقافة السلام والحوار والتسوية الدبلوماسية للنزاعات والخلافات في منطقة الشرق الأوسط، في سبيل تحقيق التنمية والتعايش السلمي بين دوله، بما يتسق مع قيم التسامح واحترام سيادة الدول على أراضيها وعدم التدخل في شؤونها الداخلية.

اتفق رئيس الجمهورية وشقيقه سمو أمير الكويت على ضرورة التوصل لوقف فوري ومستدام لإطلاق النار في قطاع غزة، وضرورة تيسير النفاذ الآمن والكافي والمستدام للمساعدات الإنسانية للشعب الفلسطيني في الأرض المحتلة وتنفيذ قرارات مجلس الأمن ذات الصلة وآخرها القرار رقم 2720 بما في ذلك إنشاء آلية أممية داخل قطاع غزة لتسهيل دخول المساعدات الإنسانية إلى القطاع.

كما أكدا رفضهما استمرار إسرائيل في عملياتها العسكرية بما في ذلك إمكانية امتدادها لمدينة رفح الفلسطينية وحذرّا من العواقب الإنسانية الوخيمة التي ستترتب على مثل هذه الخطوة. كما أكدا على خطورة الممارسات الإسرائيلية التي من شأنها توسيع رقعة الصراع وتهديد أمن واستقرار المنطقة والأمن والسلم الدوليين. 

وأكدا كذلك على ضرورة اضطلاع المجتمع الدولي بمسئولياته في تسوية القضية الفلسطينية من خلال تنفيذ حل الدولتين وتجسيد الدولة الفلسطينية على خطوط 4 يونيو 1967 وعاصمتها القدس الشرقية، وذلك وفقاً للمقررات الدولية ذات الصلة، وأعربا عن رفضهما القاطع وإدانتهما لكل محاولات تصفية القضية الفلسطينية ولانتهاكات إسرائيل للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني وكافة محاولات التهجير القسري للفلسطينيين من أرضهم في غزة والضفة الغربية بما في ذلك القدس الشرقية.

كما أكدا في هذا السياق على التمسك بحق العودة للاجئين الفلسطينيين وقرار الجمعية العامة رقم 194، وشددا على أهمية الدور الحيوي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الأونروا، ورفض الاستهداف المتعمد للوكالة، وأهمية دعم ميزانيتها.

شدد الجانبان على ضرورة احترام سيادة دولة ليبيا ووحدة وسلامة أراضيها، ورفض كافة أنواع التدخل الخارجي في شؤونها، وعلى أهمية دعم الجهود الوطنية الليبية في إطار مبدأ الملكية الليبية الخالصة للتسوية السياسية، وأشادا بجهود السلطة التشريعية الليبية في هذا الصدد وإقرارها للقوانين الانتخابية في سياق استيفاء جميع الأطر اللازمة لعقد انتخابات رئاسية وبرلمانية بالتزامن في أقرب وقت، وبما يتسق مع الاتفاق السياسي الموقع في مدينة الصخيرات عام 2015، والإعلان الدستوري الليبي وتعديلاته، ومرجعيات تسوية الأزمة الليبية، بما فيها قرارات مجلس الأمن ذات الصلة.

كما شدد الزعيمان على ضرورة خروج جميع القوات الأجنبية والمقاتلين الأجانب والمرتزقة من ليبيا في مدى زمني محدد، وحل الميليشيات وإعادة توحيد المؤسسات العسكرية والأمنية تحت سلطة تنفيذية موحدة قادرة على حكم سائر الأراضي الليبية وتمثيل جموع الشعب الليبي.

أكد الجانبان على حتمية التوصل لوقف فورى ومستدام لإطلاق النار في السودان، ورفض التدخلات الخارجية لدعم أي من الأطراف عسكرياً، كما أكدا على أن أي حل سياسي حقيقي لا بد وأن يستند إلى رؤية سودانية خالصة تنبع من السودانيين أنفسهم دون إملاءات أو ضغوط من أيه أطراف خارجية، واتخاذ قرارات تسهم في حل الأزمة وتتأسس على وحدة وسيادة السودان والحفاظ على المؤسسات الوطنية للدولة ومنعها من الانهيار، وذلك بالتشاور مع أطروحات المؤسسات والمنظمات الإقليمية الفعالة، وعلى رأسها منبر جدة وآلية دول جوار السودان، والاتحاد الأفريقي وجامعة الدول العربية، حفاظاً على مصالح ومقدرات شعب السودان وشعوب دول الجوار وأمن واستقرار المنطقة ككل، كما أكدا على أهمية توفير الدعم لدول جوار السودان باعتبارها الأكثر تضرراً من تبعات الأزمة ولاستقبالها لأعداد كبيرة من السودانيين منذ بداية النزاع، ومنها مصر التي استقبلت وحدها أكثر من نصف مليون سوداني. 

أكد الجانب الكويتي دعم بلاده الكامل للأمن المائي المصري باعتباره جزءاً لا يتجزأ من الأمن المائي العربي، وشدد سمو الأمير على رفض بلاده التام لأي عمل أو إجراء يمس بحقوق مصر في مياه النيل، والتضامن معها في اتخاذ ما تراه من إجراءات لحماية أمنها ومصالحها المائية، معرباً عن القلق البالغ من الاستمرار في الإجراءات الأحادية التي من شأنها الحاق ضرر بالمصالح المائية لمصر والسودان.

أكد الجانبان على أهمية أمن واستقرار الملاحة في الممرات المائية بالمنطقة وفقاً لأحكام القانون الدولي والمواثيق الدولية بما فيها اتفاقية الامم المتحدة لقانون البحار لعام ۱۹۸۲ من أجل ضمان حرية وانسيابية الملاحة وتوفير الأمن والاستقرار فيها.

كما أكد الجانبان على أهمية استكمال ترسيم الحدود البحرية الكويتية العراقية لما بعد العلامة البحرية ١٦٢ وفقاً لقواعد القانون الدولي مؤكدين على وجوب احترام سيادة دولة الكويت على إقليمها البري والبحري وفقاً لما ورد في قرار مجلس الأمن رقم ٨٣٣ لعام ۱۹۹۳.

كما تناول الجانبان موضوع خور عبد الله حيث أكدا على ضرورة الالتزام باتفاقية تنظيم الملاحة البحرية في خور عبد الله الموقعة بين البلدين في ۲۹ ابريل ۲۰۱۲ والتي دخلت حيز النفاذ بتاريخ 5 ديسمبر ۲۰۱۳ بعد مصادقتها من كلا البلدين وتم إيداعها بشكل مشترك لدى الأمم المتحدة بتاريخ ۱۸ ديسمبر ۲۰۱۳، وكذلك بروتوكول المبادلة الأمني والخارطة المرفقة به الموقع بين كليهما عام ۲۰۰۸، مشددين على أهمية ضمان أمن وسلامة الملاحة في ممر خور عبد الله المائي وضرورة تأمينه من أية أنشطة إرهابية أو إجرامية عابرة للحدود. 

كما أكد الجانبان على أن حقل الدرة يقع بأكمله في المناطق البحرية لدولة الكويت وإن ملكية الثروات الطبيعية في المنطقة المغمورة المحاذية للمنطقة المقسومة التي يقع فيها حقل الدرة بكامله هي ملكية دولة الكويت والمملكة العربية السعودية فقط استناداً للاتفاقيات المبرمة بينهما ورفض أية ادعاءات بوجود حقوق لأي طرف آخر في تلك المنطقة.

وخلال الزيارة منح فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي أخاه حضرة صاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح قلادة النيل تعميقاً وتجسيداً للعلاقات المتينة التي تجمع البلدين الشقيقين.

وفي ختام الزيارة عبر صاحب السمو الشيخ مشعل الأحمد الجابر الصباح، عن وافر شكره وتقديره لأخيه فخامة الرئيس عبد الفتاح السيسي على حسن الاستقبال وكرم الضيافة اللذين حظي بهما سموه والوفد المرافق له في جمهورية مصر العربية.

وتتميز العلاقات التاريخية بين مصر الكويت بعدة مواقف بارزة، وفيما يلي يستعرض “الأمصار”، لمحات في العلاقات التاريخية بين البلدين. 

منذ عقود عديدة، تربط علاقات وثيقة تاريخية بين جمهورية مصر العربية ودولة الكويت، تمتد جذورها إلى أبعد من العصور الحديثة، حيث تجسدت هذه العلاقات في تبادل الثقافة والتجارة والتعاون السياسي.

 وفي عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، شهدت هذه العلاقات تطوراً ملحوظاً، حيث تعززت الشراكة وتوسعت في مختلف المجالات، مما أسهم في تعميق الروابط بين البلدين وتحقيق الرخاء والازدهار لشعبيهما.

التطور التاريخي للعلاقات

تعود جذور العلاقات بين مصر والكويت إلى فترة ما قبل الاستقلال، حيث شهدت العلاقات التجارية بينهما نمواً ملحوظاً، وعقدت اتفاقيات تعاون اقتصادي مشترك.

 وعندما حلت فترة الاستقلال، كانت الكويت من أوائل الدول التي أعلنت دعمها لمصر في قضية فلسطين وحرب العدوان عام 1956.

تعزيز العلاقات في عهد الرئيس السيسي

في عهد الرئيس عبد الفتاح السيسي، شهدت العلاقات المصرية الكويتية تعزيزاً كبيراً في مختلف الجوانب، حيث أصبحت الشراكة بين البلدين أكثر تواصلاً وتعمقاً.

وفي الجانب الاقتصادي، تعتبر الكويت إحدى أبرز المستثمرين في مصر، حيث تمتلك استثمارات هامة في مجالات متنوعة مثل الصناعة والبنية التحتية والسياحة. 

كما قدمت الكويت مساعدات مالية هامة لمصر لدعم اقتصادها وتنفيذ مشروعات تنموية مختلفة.

التعاون السياسي والدبلوماسي

وتتميز العلاقات السياسية والدبلوماسية بين مصر والكويت بالقوة والاستقرار، حيث تعتبر البلدين حلفاء إستراتيجيين يتعاونان في مختلف القضايا الإقليمية والدولية. 

وقد شهدت العلاقات تبادل الزيارات الرسمية بين كبار المسؤولين في البلدين، وتبادل الرؤى والتحالف في مواجهة التحديات الإقليمية المشتركة.

الاستثمارات والتجارة

وتعد الكويت من أهم شركاء مصر التجاريين والاستثماريين، حيث تقدر قيمة التبادل التجاري بين البلدين بمليارات الدولارات سنوياً.

 وتسعى الحكومتان إلى تعزيز هذه العلاقات من خلال تبادل الزيارات التجارية وتسهيل الإجراءات الاستثمارية وتحفيز رجال الأعمال على المشاركة في المشاريع المشتركة.

وفي ضوء ما تشهده العلاقات بين مصر والكويت من تعزيز وتوسع، يظهر الازدهار الذي تحقق في مختلف الجوانب، ويؤكد على الشراكة القوية والروابط الوث