رئيس مجلس الإدارة
د. رائد العزاوي

تونس: الانتقال إلى الاقتصاد الأخضر داعم أساسي للتشغيل والتجديد القطاعي

نشر
الأمصار

تمر تونس، على غرار العديد من البلدان في جميع أنحاء العالم، بمنعطف حاسم في تنميتها الاقتصادية والبيئية، وذلك في سياق تغيرات جيوسياسية واقتصادية عميقة.

في مواجهة التحديات الملحة لتغير المناخ والتدهور البيئي، تلتزم البلاد، بنسق حثيث، بالانتقال إلى الاقتصاد الأخضر، هذا التحول، بعيدا عن كونه مجرد مسألة بيئية، يمهد الطريق أيضا لخلق وظائف مستدامة ونمو اقتصادي متوازن.

إمكانات كبيرة

وفقا للتقديرات، فإن قطاع الطاقة المتجددة في تونس لديه القدرة على خلق ما يصل إلى 40.000 فرصة عمل بحلول عام 2030. ولا يوفر هذا الانتقال إلى الطاقة النظيفة فوائد بيئية لا يمكن إنكارها فحسب، بل يمكن أيضا من إيجاد فرص اقتصادية كبيرة في قطاعات مختلفة، ومن الممكن، في هذا الصدد، أن يعزز الاستثمار في الطاقة المتجددة النمو الاقتصادي الى جانب التقليل من اعتماد تونس على الوقود الأحفوري.

وتوفر الاستراتيجية الوطنية للاقتصاد الأخضر إطارا فعالا لهذا التحول وذلك أساسا من خلال تحديد الفرص المتاحة لتنمية عدة قطاعات رئيسية اهمها الفلاحة البيولوجية والسياحة البيئية والطاقة المتجددة وكفاءة الطاقة، وتهدف هذه الاستراتيجية الواعدة، بشكل عام، إلى تحفيز النمو الاقتصادي مع الحفاظ على الموارد الطبيعية. وحسب التقديرات، يمكن أن يؤدي تنفيذها إلى بعث ما يصل إلى 100000 وظيفة خضراء بحلول عام 2030.

من أجل تعزيز وتسهيل تنفيذ الاستراتيجية الوطنية للاقتصاد الأخضر في تونس، تمت صياغة أدلة إرشادية للمستثمرين صممت خصيصا لأربعة قطاعات رئيسية وهى الزراعات الغابية المستدامة، والسياحة البيئية، والطاقة المتجددة، وكفاءة الطاقة، والتصرف الرشيد في النفايات عبر رسكلتها، هذا وجرى تطوير هذه الأدلة بهدف تزويد المستثمرين المحتملين بمعلومات مفصلة عن فرص الاستثمار والحوافز المتاحة وهياكل الدعم في كل مجال محدد، في هذا الإطار.

دفع التشغيل

يأتي رواد الأعمال التونسيون من الشباب في طليعة التحول الذي يمكن أن يحدثه الانتقال إلى الاقتصاد الأخضر بما يتاح، على هذا الصعيد، من إمكانيات كبرى للابتكار وتطوير الحلول التكنولوجية، وذلك بالخصوص لحل المشاكل البيئية في البلاد.

ووفقا لدراسة حديثة، يمكن أن تمثل الشركات الناشئة الخضراء ما يصل إلى 10 بالمائة من الناتج المحلي الإجمالي لـ تونس بحلول عام 2030، مما يخلق الآلاف من فرص العمل في قطاعات عديدة مثل الطاقة المتجددة وإدارة النفايات والبناء البيئي.

وخلق فرص العمل هو أحد الدوافع الرئيسية لهذا التحول، وحسب بيانات لوزارة التشغيل والتكوين المهني في تونس، تقدر بطالة الشباب في تونس حاليا بنحو 30 في المائة، وهو رقم مقلق ويتطلب حلولا عاجلة، ويقدم الاقتصاد الأخضر استجابة ملموسة لهذا التحدي من خلال خلق فرص عمل في القطاعات الواعدة.

وستلعب المهارات المهنية الخضراء دورا حاسما في هذا التحول، اذ تشير التقديرات إلى أن ما يصل إلى 60 بالمائة من الوظائف الخضراء ستتطلب مهارات محددة تتعلق بالبيئة والتنمية المستدامة، لذلك فإن الاستثمار في التدريب وتنمية المهارات أمر ضروري لإعداد القوى العاملة التونسية لوظائف الغد.

وريادة الأعمال الخضراء هى أيضا رافعة مهمة لهذا التحول، وفقا لبيانات وكالة النهوض بالصناعة والتجديد، ارتفع عدد الشركات الناشئة الخضراء في تونس بنسبة 20 بالمائة في السنوات الخمس الماضية، كما تلعب هذه الشركات دورا رئيسيا في خلق فرص العمل ودفع الابتكار في القطاعات الاستراتيجية مثل الطاقة المتجددة وإدارة النفايات والتنقل المستدام.

ويوفر الانتقال إلى الاقتصاد الأخضر لـ تونس فرصة فريدة للتوفيق بين النمو الاقتصادي والحفاظ على البيئة، ومن خلال الاستثمار في الطاقة المتجددة والابتكار التكنولوجي وتنمية المهارات، يمكن لـ تونس خلق فرص عمل مستدامة ودفع النمو الاقتصادي مع حماية الموارد الطبيعية للأجيال القادمة.