تبادل القصف واستهداف مواقع.. هل يصمد اقتصاد إسرائيل أمام جبهة لبنان؟
تتزايد المخاوف من احتمال اتساع نطاق الاشتباكات بين إسرائيل وحزب الله إلى مواجهة مباشرة، في أعقاب بروز مؤشرات تصعيد غير مسبوق، ترافقت مع تصاعد حدة اللهجة من الطرفين، خلال الأيام الأخيرة.
وتثير المتغيرات الجديدة تساؤلات بشأن مدى قدرة الاقتصاد الإسرائيلي الذي يتعرض لضغوط كبيرة بفعل الحرب التي يخوضها في غزة، على الصمود أمام احتماليات فتح جبهة قتال جديدة، قد تستنزفه بشكل أعمق، على حدود البلاد الشمالية.
وأجمع محللون إسرائيليون في حديثهم لموقع الحرة، على أن التصعيد مع حزب الله سيشكل "عبئا إضافيا" على اقتصاد البلاد، في وقت تتحدث جهات رسمية وتقارير على التداعيات الصعبة لنفقات الحرب الجارية في غزة، باعتبارها "الأعلى تكلفة في تاريخ البلاد".
ومنذ السابع من أكتوبر، يواجه الاقتصاد الإسرائيلي تحديات متلاحقة، مع ارتفاع الإنفاق الحكومي والاقتراض، وانخفاض عائدات الضرائب، إلى جانب تراجع مردودية قطاعات اقتصادية مؤثرة.
"سيناريوهات التكلفة"
ووافقت إسرائيل، العام الماضي، على ميزانية لعامي 2023 و2024، لكن الحرب مع حماس في غزة أضرت بشدة بالمالية العامة للحكومة، مما تطلب تعديلات للميزانية وإنفاقا إضافيا، بعد أن بلغت تكلفة 3 أشهر من القتال 60 مليار دولار.
وسلط تقرير لمعهد "آرون" للسياسات الاقتصادية ومؤسسة "مايند إسرائيل" البحثية، على التبعات الاقتصادية التي يمكن أن تنجم عن اتساع نطاق الحرب مع حزب الله، متوقعا أن يتسبب في "خسائر اقتصادية جديدة تصل لنحو 30 مليار شيكل"، حوالي 9 مليار دولار.
ويرجح التقرير الصادر حديثا، أن يحدث سيناريو نشوب الحرب مع حزب الله "جمودا قد يصل لمدة شهر، في معظم الأنشطة الاقتصادية في شمال البلاد، مما يؤدي إلى انخفاض يصل إلى نسبة 70 بالمئة في التوظيف".
وقدر تقرير معهد "آرون" الأثر الاقتصادي للحملة الشمالية بنحو 28 مليار دولار حتى نهاية عام 2024.
ويشمل هذا الرقم: 7.5 مليار دولار خاصة بالنفقات الأمنية، ونحو 9 مليار دولار للخطط الاقتصادية ومدفوعات الدفاع، وحوالي 3.5 مليار دولار للإصلاحات وتعويضات الأضرار في الممتلكات، وتقريبا 800 مليون دولار للنفقات المدنية التي لا تشمل الصحة والرعاية الصحية، علاوة على رقم 9 مليار دولار المتعلق بالخسائر الاقتصادية.
وتحدث تقرير سابق لصحيفة "واشنطن بوست"، عن تأثيرات الحرب المندلعة والاشتباكات على الجبهة اللبنانية، مشيرا إلى أن اقتصاديين يتوقعون تعرض اقتصاد البلاد لـ"صدمة" شبيهة بالأضرار التي لحقته جراء جائحة فيروس كورونا، بينما يذهب آخرون لتوقع سيناري "أسوأ" مع تضرر التصنيف الائتماني للبلد.
وينتظر أن يعرف الناتج المحلي الإجمالي انخفاضا من توقعات، كانت تشير إلى من 3 بالمئة في 2023 إلى 1 بالمئة في 2024، بحسب أرقام البنك المركزي.
تهديدات متزايدة
وتزايدت التهديدات بنشوب صراع أوسع نطاقا في المنطقة، بعدما أطلق حزب الله حوالي 40 صاروخا على إسرائيل، ردا على اغتيال القيادي البارز في حركة "حماس" الفلسطينية، صالح العاروري، وستة آخرين في غارة جوية في ضواحي العاصمة اللبنانية، بيروت.
وذكرت صحيفة "واشنطن بوست" أن المخاوف الأميركية من تصاعد الحرب، برزت بعدما أوضحت إسرائيل أنها ترى أن تبادل إطلاق النار المنتظم بين قواتها وحزب الله على طول الحدود أمر لا يمكن السكوت عليه، وأنها قد تشن قريبا عملية عسكرية كبيرة في لبنان.
وخرج خلال الأيام الأخيرة عدد من المسؤولين الإسرائيليين بتصريحات قوية، مثل إشارة وزير الدفاع، يوآف غالانت، الجمعة، إلى "الاقتراب من النقطة التي ستنقلب فيها الساعة الرملية"، رغم تأكيده على تفضيل "طريق التسوية الدبلوماسية".
"الأمن يبقى التحدي الأساسي"
وفي ظل من التحديات الاقتصادية التي تواجهها، أعلنت وزارة المالية الإسرائيلية، أن البلاد بحاجة إلى زيادة إنفاقها الدفاعي بنحو 8.3 مليار دولار، خلال العام الجاري حسبما نقلته وكالة بلومبرغ.
وأشارت الوزارة إلى أن "الموازنة بشكل عام ستصل إلى نحو 562 مليار شيكل مقارنة بحوالي 513 مليار (139 مليار دولار) تم إقرارها مع طرح خطة الإنفاق في مايو الماضي".
"حالة حرب فعلية"
وتشهد الحدود اللبنانية الإسرائيلية تبادلا يوميا للقصف بين حزب الله والجيش الإسرائيلي، منذ الثامن من أكتوبر، ويعلن الحزب استهداف مواقع ونقاط عسكرية إسرائيلية، بينما يردّ الجيش بقصف جوي ومدفعي يقول إنه يستهدف "بنى تحتية" وتحركات مقاتلين.