سارة علام تكتب: بمناسبة الجدل الدائر حول مؤسسة تكوين
هناك عدة أفكار أود أن اشتبك معها، التنوير نفسه كمصطلح، في ظني قد تم ابتذاله في الشرق تمامًا وإخراجه من سياقاته التاريخية أو إن هذا الإخراج العمدي من السياق الشرقي ربما يأتي بتأثير الغرب أيضًا.
- التنوير كما يراه فوكو في مقاله الشهير ما التنوير؟ مرحلة تاريخية ترتبط بالفترة التي تلت ما يسمى الثورة الإصلاحية التي أدت لعلمنة المؤسسات الأوروبية ومن ثم فصلها عن السياسة وما تلا ذلك من سيطرة البروتستانتية- وأعني هنا الفلسفة الحاكمة ربما أكثر من الفكرة الدينية-، على المجتمع الغربي كله.
- ماكس فيبر مثلًا يربط البروتستانتية بالأخلاق الرأسمالية في كتابه الشهير ومن ثم فإن معطيات هذا التنوير ترتبط بسياقات التاريخ الأوروبي أي إنها مرحلة تاريخية ولا يعني ذلك حتمية مرور كافة الأديان بنفس المرحلة ولا يعني ذلك إنها ضرورة أيضًا.
- في ظني نعم التنوير يرتبط بمحاكمة الاستبداد ذلك لأنه ووفقًا للمعطيات الأوروبية قد أدى لذلك في أوروبا إذا كان يُنظر إليها كمرجعية.
- وفي ظني أيضًا إن استحضار التنوير كمرحلة تاريخية مع سياق الإسلام ربما يشبه إلباس البدوي قبعة الكاوبوي وإقناعه إنها تناسبه وإنه أجمل هكذا.
- هناك تيارات متعددة في تناول مسألة الإصلاح الإسلامي هناك من يتبنى الفكرة البروتستانتية بضرورة إعادة الهيكلة وتغيير التراث ومحاكمته وهناك من يتبنى النهج الإحيائي وهؤلاء يرون إن مفتاح الإسلام في العودة لأصوله الأولى واستنباط أحكامها وإعادة فهمهما وهي فكرة تتطابق مثلًا مع تيار متى المسكين في الكنيسة القبطية فهو لا يرى تطوير اللاهوت بل عودته لجذوره.
- في ظني أيضًا إن التنوير أو حتى التجديد إنما هو صيرورة تاريخية فلا يمكن محاربة فكرة لأن مجموعة فكرية رأت لنا ذلك إنما يرتبط الأمر بعوامل ثقافية واجتماعية وسيسيولوجية بمعنى هناك أفكار ستنتهي حتمًا وأخرى تستجد دون أن يتطلب الأمر عناء المواجهة وطالما هناك سيولة في الأفكار ومصادرها.
- من حق الناس أن تعتقد ما تشاء وأن ترفض ما تشاء وأن تجدد ما تشاء وتعود للوراء إينما حبت ذلك لأننا في عصر يصعب فيه الاستناد لفكرة المرجعية كما كان في السابق، هذا زمن مفتوح فاتركوه هكذا.
- جزء من هذا الترك أن تقدم تكوين ما تحب وأن يغضب الناس كيفما شاءوا، وسيصل الإسلام لنسخته المناسبة ذلك لأنه أكبر من مجرد عقيدة بل ثقافة ولون وتاريخ.
- يقول علماء الاجتماع المعاصرون إن هذا زمن التدين الشخصي فكل مؤمن معاصر لديه نسخة من دينه يتبعها لا تشبه غيرها، ستقابل مسلمًا يصلي ولا يصوم ويصوم ويشرب الخمر ويصلي ويرفض تعدد الزوجات وهكذا لأن الدين الباكيدج القديم لم يعد كما كان.