الوضع يتأجج في السودان.. أزمة إنسانية طاحنة ومناشدات بتحرك دولي لوقف الحرب
بات الوضع الإنساني في السودان، بأسوأ أحواله أكثر من أي وقتٍ مضى، فمع توسع نطاق الصراع بين قوات الجيش السوداني من جهة، وقوات الدعم السريع من جهةٍ أخرى، فقد لاح في الأفق تهديدًا على ما يبدو أشد وطأة مع تناقص المؤن والمواد الغذائية لدى شريحة كبرى من السودانيين، وهو ما تزامن مع القيود المفروضة على تدفق المساعدات الإنسانية المُرسلة إلى الخرطوم، كل تلك الأوضع أصبحت تُنذر بمصيرٍ كارثي على آخر النفق المُظلم.
الأمين العام للأمم المتحدة، صرح أنطونيو جوتيريش، صريح حول ذلك الأمر قائلًا إن “الملايين من الأشخاص بالسودان وقطاع غزة معرضون لخطر الموت ليس فقط من القنابل بل من الإصابات والأمراض والهجمات غير المسبوقة على مقرات الرعاية الصحية”.
وتابع جوتيريش، برسالة مصورة خلال مشاركته بحفل الدورة السابعة والسبعين لجمعية الصحة العالمية: “عالمنا في ورطة، من الفوضى المناخية إلى تزايد الفقر وعدم المساواة وتضاعف الصراعات، وعندما تشتعل الأزمات، تعاني الصحة”.
وسلط الضوء على أن “الملايين من الأشخاص بالسودان وقطاع غزة معرضون لخطر الموت ليس فقط من الرصاص والقنابل، بل من الإصابات والأمراض والهجمات غير المسبوقة على مقرات الرعاية الصحية”.
وبدورها، كشفت منسقية الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في السودان “أوتشا” عن حجم تدهور الوضع الإنساني حيث يقدر بنحو 800 ألف مدني في الفاشر والمناطق المحيطة بها بعد اندلاع الاشتباكات المسلحة بين القوات المسلحة السودانية وقوات الدعم السريع منذ 10 مايو 2024.
وأحصت المنظمة الأممية نزوح ما لا يقل عن 1,250 شخصًا (250 أسرة)، وفقًا لتقارير المنظمة الدولية للهجرة، منذ الـ 20 من مايو الحالي.
ومن ناحيتها، أفادت وزارة الخارجية الأمريكية، بأن الوزير أنتوني بلينكن بحث ضرورة إنهاء الصراع في السودان على وجه السرعة مع الفريق أول ركن عبدالفتاح البرهان، رئيس مجلس السيادة السوداني خلال اتصال هاتفي.
وأضافت الوزارة أن بلينكن والبرهان بحثا أيضًا سبل «إتاحة وصول المساعدات الإنسانية دون عوائق، بما في ذلك عبر الحدود وعبر خطوط المواجهة، لتخفيف معاناة الشعب السوداني».
كل ذلك استدعى رئيس الوزراء السوداني السابق عبد الله حمدوك، رئيس تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية في السودان «تقدم» لإطلاق مناشدات عاجلة، بعقد مؤتمر مائدة مستديرة عاجل.
وجاءت دعوة حمدوك، في إطار مساعي الاتفاق على تنفيذ المبادئ الواردة في «إعلان نيروبي»، الذي وقّعه مع حركات مسلحة، وحضّ في الوقت ذاته، طرفي الحرب على وقفها فوراً، ودعا المجتمع الدولي لممارسة مزيد من الضغوط عليهما من أجل فتح المسارات الإنسانية.
وقال حمدوك إن السودان يمر بأزمة «غير مسبوقة طوال تاريخه، وإن الشعب يتطلع إلى مبادرات لوقف الحرب»، وطالب الجيش وقوات «الدعم السريع» بوقف القتال فوراً، ودعا المجتمع الدولي للضغط عليهما للعودة للتفاوض؛ وفقاً لرؤية متكاملة للحل ولمسار الانتقال المدني الديمقراطي.
وأوضح حمدوك، أن مساعي «تقدم» لا تنطلق من كونه طرفاً في الحرب، وفي الوقت ذاته لا يقف على الحياد، بل تنطلق من الانحياز للجوعى والفقراء واللاجئين والنازحين والبرنامج الديمقراطي، بهدف الوصول لـ«وطن يسع الجميع»، وأشاد بـ«إعلان نيروبي»، ودعا لعقد «مؤتمر مائدة مستديرة» لمناقشة الأزمة السودانية من جوانبها كافة.
وفي وقت سابق، وقّع حمدوك في 18 مايو (أيار) الماضي ما عرف بـ«إعلان نيروبي» مع رئيس «الحركة الشعبية لتحرير السودان» عبد العزيز الحلو، ورئيس «حركة جيش تحرير السودان» عبد الواحد محمد نور، كل واحد على حدة، وهما حركتان مسلحتان حاربتا الجيش السوداني منذ أكثر من عشرين عاماً، ولم توقعا اتفاق سلام مع الحكومة السودانية. ونصّ «إعلان نيروبي» على إنهاء الحرب، وتأسيس «دولة علمانية فيدرالية»، تفصل بين الدين والدولة، وتتيح «حق تقرير المصير» لشعوب السودان، حال عدم الاتفاق على بنود الإعلان في المائدة المستديرة المزمعة.
ودعا حمدوك طرفي القتال، «لفتح الممرات الآمنة لإيصال المساعدات الإنسانية، ومواجهة نذر مجاعة تهدد الملايين من أبناء وبنات شعبنا»، وقال: «هذه المجاعة إذا لم يتم تداركها، فسوف تؤدي إلى فقدان أضعاف مضاعفة من الأرواح، تفوق أعداد الذين قضوا تحت نيران الرصاص».
وناشد المجتمعين الدولي والإقليمي لتحمل مسؤولياتهما، والضغط على الطرفين المتصارعين للسماح بإيصال المساعدات الإنسانية دون قيد أو شرط.