مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

بعد مأساة الفاشر.. كيف يعيش النازحون في السودان؟

نشر
الأمصار

في أعقاب مأساة الفاشر الأخيرة، باتت أوضاع النازحين في السودان محط أنظار العالم، إذ يعيش هؤلاء النازحون في ظروف إنسانية قاسية وظروف معيشية متدهورة. 

وقد أثارت الأحداث الأخيرة في دارفور مزيدًا من القلق بشأن الأوضاع الأمنية والإنسانية في المنطقة.

وكانت الأيام الماضية، قد شهدت وفقا للعديد من شهود العيان، تزايدا في حدة القتال ، ما أسفر عن سقوط المزيد من الضحايا المدنيين، وتهجير أعداد كبيرة من النازحين، الذين يقطنون في معسكرات للجوء بأطراف المدينة، في ظل مخاوف متزايدة من أن ينتقل القتال إلى داخلها، محدثا المزيد من موجات النزوح منها.

ويوم الأحد 26 مايو الجاري، أعلنت منظمة (أطباء بلا حدود)، ارتفاع حصيلة القتلى بمدينة الفاشر، إلى 134 شخصا، منذ بدء القتال في المدينة بين الجيش السوداني، وقوات الدعم السريع، قبل أكثر من أسبوعين، وقالت المنظمة غير الحكومية عبر حسابها على منصة (إكس): "عالجنا في مستشفى الفاشر الجنوبي، بالتعاون مع وزارة الصحة 979 مصابا حتى الآن، بينما بلغ عدد الوفيات 134 شخصا".

وتقول وكالة الأنباء الفرنسية في تقرير لها، إن هناك مخاوف لدى منظمات الإغاثة الدولية العاملة في المنطقة، التي تشهد القتال، على حياة موظفيها، وتنقل عن (أطباء بلا حدود) قولها : "خسر الكثير من موظفينا أفرادا من عائلاتهم أو منازلهم خلال القصف أيضا".

وتضيف الوكالة أن استهداف العاملين، بمنظمات الإغاثة، في المنطقة المحيطة بالفاشر، لايقتصر على (أطباء بلا حدود) ، فقد أعلنت منظمة الصليب الأحمر، الجمعة 24 أيار/ مايو، مقتل أحد المتطوعين ضمن جمعية الهلال الأحمر السوداني بالرصاص في ولاية شمال كردفان.

ظروف معيشية قاسية

النازحون في السودان يواجهون العديد من التحديات اليومية، بدءًا من نقص الغذاء والماء، وصولاً إلى افتقارهم للمأوى والرعاية الصحية الأساسية.

 

و يعيش الكثيرون في مخيمات مكتظة تفتقر إلى البنية التحتية اللازمة لتوفير حياة كريمة. وتعمل المنظمات الإنسانية على تقديم المساعدات، إلا أن الاحتياجات تفوق بكثير ما يمكن توفيره في الوقت الحالي.

انعدام الأمن

تُعدّ قضية الأمن من أبرز القضايا التي تؤرق النازحين، و يتعرض هؤلاء الأشخاص للعنف المستمر من الجماعات المسلحة، مما يفاقم من معاناتهم ويعطل جهود الإغاثة. 

وقد أدت الصراعات المتواصلة إلى تزايد عدد النازحين وتفاقم أوضاعهم الإنسانية، حيث يضطر العديد منهم إلى التنقل بشكل مستمر بحثًا عن الأمان.

نقص الرعاية الصحية

تعاني المخيمات من نقص حاد في الخدمات الصحية، مما يزيد من انتشار الأمراض ويؤثر سلبًا على صحة النازحين، خاصة الأطفال وكبار السن. 

 

وبسبب النقص في الأدوية والمستلزمات الطبية، تتزايد حالات الوفاة نتيجة لأمراض يمكن الوقاية منها أو علاجها بسهولة في ظروف أفضل.

جهود الإغاثة والتحديات

تعمل المنظمات الإنسانية بجهد كبير لتقديم المساعدات الضرورية، مثل الغذاء والماء والرعاية الصحية.

 ومع ذلك، فإن الوصول إلى المناطق المتضررة غالبًا ما يكون صعبًا بسبب الأوضاع الأمنية غير المستقرة.

 بالإضافة إلى ذلك، فإن التمويل المحدود يمثل تحديًا كبيرًا أمام تلك المنظمات، مما يعيق قدرتها على تلبية احتياجات النازحين بشكل كامل.

 النداءات الدولية

دعت العديد من المنظمات الدولية إلى ضرورة تكثيف الجهود لتقديم المساعدات الإنسانية للنازحين في السودان.

 وقد ناشدت المجتمع الدولي لتوفير المزيد من الموارد والدعم لضمان وصول المساعدات إلى المحتاجين وتعزيز الأمن في المناطق المتضررة.

ضحايا الاقتتال في السودان

ووفقا لتقديرات منظمات دولية، فإن القتال الذي اندلع في السودان، في 15 نيسان/أبريل من العام الماضي، بين الجيش بقيادة الفريق عبد الفتاح البرهان، وقوات الدعم السريع، بقيادة محمد حمدان دقلو (حميدتي)، قد أجبر نحو 9 ملايين سوداني على النزوح، وتشير بيانات الأمم المتحدة، إلى أنه وبحلول نهاية نيسان/أبريل الماضي فقط، نزح إلى ولاية شمال دارفور وحدها أكثر من نصف مليون شخص جديد.


وتقول منظمة الهجرة الدولية في بيان لها، إنها تلقت معلومات أولية تفيد بأن 1500 أسرة من مدينة الفاشر، فرت من منازلها يوم السبت 25 أيار/ مايو، وأن عملية النزوح، حدثت من معسكر أبو شوك للنازحين ، وأحياء السلام والوحدة والإنقاذ.

ويتهم الجيش السوداني، قوات الدعم السريع، باستهداف المواطنين، ومخيمات ومراكز إيواء النازحين والمستشفيات، في مدينة الفَاشر، بالمدفعية الثقيلة دون توقف، في وقت اتهمت فيه قوات الدعم السريع، في بيان لها على منصة (إكس) من سمتها بـ "حركات الإرتزاق"، والجيش السوداني بالاحتماء بمخيمات النازحين في الفَاشر، حسب ما ذكر البيان

أما الخارجية الأمريكية، فقد دعت في بيان لها، على لسان المتحدث باسمها، ماثيو ميلر، "جميع القوات المسلحة السودانية إلى الوقف الفوري لهجماتها على الفاشر في شمال دارفور". وأضاف البيان أن واشنطن تشعر "بقلق كبير إزاء التقارير الموثوقة، عن قيام قوات الدعم السريع،والميليشيات التابعة لها، بتدمير قرى عدة عن بكرة أبيها غرب الفاشر"، ودان في نفس الوقت، عمليات القصف الجوي العشوائي، التي قامت بها القوات المسلحة السودانية في المنطقة، والقيود التي تواصل فرضها، على وصول المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة.

وتعد الفاشر مركزا إنسانيا لإقليم دارفور، حيث يعيش حوالي ربع سكان السودان البالغ عددهم 48 مليون نسمة، وقد كانت مركزا رئيسيا، لتوزيع الإغاثة والمساعدات، وهي تستضيف الكثير من النازحين من القتال الدائر بالسودان.

وتعد الفاشر كذلك، العاصمة الوحيدة من بين ولايات دارفور الخمس، التي لاتسيطر عليها قوات الدعم السريع، بزعامة حميدتي ، وكان إقليم دارفور الذي تقع ضمنه مدينة الفاشر، قد تعرض للتدمير قبل حوالي عشرين عاما، بفعل الهجمات، التي كانت تنفذها الميلشيات، التي عرفت باسم "الجنجويد"، والتي شُكلت في عهد الرئيس السوداني السابق عمر البشير، وقد أُدمج أعضاؤها فيما بعد في قوات الدعم السريع التي يقودها حميدتي.

وتعيش مدينة الفاشر أزمة مياه حادة في الصيف الحالي أجبرت السلطات لزيادة التعرفة إلى 2000 جنيه للبرميل من المصادر وبيعه بسعر 2500 للمستهلك، لكن أصحاب التناكر لم يلتزموا بالقرار حيث يبيعون البراميل بما يصل إلى 5 آلاف جنيه في بعض الأحياء.

وفيما تشهد عاصمة شمال دارفور، الفاشر، معارك عنيفة نفت قوات الدعم السريع أحاديث يتداولها الناس بأنها تسعى إلى الاستيلاء على المدينة ومن ثم إعلان دولة مستقلة.

 

وفي بيان رسمي تلاه المتحدث باسم الدعم السريع الفاتح قرشي في مقطع مصور قالت فيه القوات إنها متمسكة بوحدة السودان وتعمل على بناء وطن جديد تسوده العدالة والديمقراطية

ونفت القوات أيضاً الاتهامات الموجهة لها باستهداف النازحين في الفاشر وحملت الحركات المسلحة مسؤولية تدهور الأوضاع الأمنية فيها بسبب “تركها موقف الحياد” واتهمت الحركات بالاختباء وسط المدنيين واتخاذهم دروعا بشرية

وفيما تؤكد تقارير راديو دبنقا وفاة العشرات من سكان الفاشر، تقول قوات الدعم السريع إنها حريصة على حياة المدنيين

 

في الختام، فإن الأوضاع الإنسانية للنازحين في السودان تتطلب استجابة عاجلة وشاملة من قبل المجتمع الدولي لتخفيف معاناتهم وضمان تلبية احتياجاتهم الأساسية.