مناطق القوة والضعف.. حاملات الطائرات الأمريكية والصينية
غادرت أحدث حاملة الطائرات صينية شانغهاي في أول تجربة بحرية لها على الإطلاق، في الأول من مايو، استمرت ثمانية أيام.
وتعد الحاملة الطائرات، المعروفة باسم فوجيان، السفينة الوحيدة من الفئة 003 الصينية، وهى ذات تصميم جديد تمامًا مقارنة بالحاملات الصينية السابقة، والتي تعد الأحدث والأكبر مقارنة بحاملتي الطائرات الأخريتين لياونينغ وشاندونغ، وهى رمز للطموحات البحرية الصينية الآخذة في التوسع.
مع إزاحة تزيد عن 80 ألف طن، تُعتبر حاملة الطائرات "فوجيان" أقرب منافس أمريكي حتى الآن، لِما كانت تُعتبره البحرية الأمريكية لفترة طويلة سادة البحار من خلال حاملات طائراتها.
وتمثل "فوجيان" أحدث تطور ملحوظ في برنامج حاملات الطائرات الصيني، ورغم حجمها الكبير والسرعة المُذهلة التي تم بها تطويرها، إلا أن بعض الخبراء يرون أنها تفتقر إلى بعض القدرات المقارنة بِما تمتلكه حاملات الطائرات الأمريكية.
ووفقًا لتقرير صادر عن "بيزنس إنسايدر"، فإن مراجعة سريعة لقدرات "فوجيان" تُظهر أنها تفتقر إلى بعض المزايا الرئيسية الموجودة في أحدث فئة من الحاملات الطائرات الأمريكية الفائقة، وتفتقر أيضًا إلى البنية التحتية اللازمة لإجراء عمليات بعيدة المدى، مما قد يُجبرها على الاقتصار على العمل في نطاق قريب من البر الرئيسي للصين.
وتم تشغيل أول حاملتين صينيتين، لياونينغ من النوع 001 والفئة شاندونغ من النوع 002، في عامي 2012 و2017 على التوالي.
ومع بدء بناء الحاملة الصينية الأكبر في عام 2017، تعد فوجيان ثالث حاملة طائرات تبنيها الصين لبحرية جيش التحرير الشعبي.
وتعتمد كل من لياونينغ وشاندونغ على تصميم مأخوذ من حاملات تابعة للاتحاد السوفياتي السابق.
واشترت الصين لياونينغ كهيكل غير مكتمل من أوكرانيا في عام 1998 مقابل 20 مليون دولار فقط، بحجة تحويلها إلى كازينو، لكن بدلا من ذلك سحبت إلى الصين وأعيد تجهيزها كحاملة طائرات حربية.
وأدخلت تعديلات طفيفة على تصميم لياونينغ وشاندونغ السوفياتي الأصلي لدمج التكنولوجيا الحديثة وإتاحة مساحة أكبر للطائرات، ويبلغ وزن لياونينغ وشاندونغ 60 ألف طن و66 ألف طن على التوالي وبطول يصل لنحو 300 متر.
على الرغم من محاولات التحديث، فإن قدرات لياونينغ وشاندونغ محدودة بسبب استخدامهما لنظام الإقلاع القصير المعروف باسم "STOBAR".
ويفرض استخدام هذا النظام قيودا على وزن الطائرات عند الإقلاع، حيث يجب أن تكون خفيفة بما يكفي لترتفع من على سطح السفينة بمحركاتها الخاصة، ونتيجة لذلك، لا يمكن لطائرات الإنذار المبكر المحمولة جوا وطائرات التزود بالوقود الجوي أن تعمل على لياونينغ وشاندونغ.
أما أجنحة حاملتي الطائرات لياونينغ وشاندونغ فتتسع لـ24 إلى 32 طائرة مقاتلة ومن 12 إلى 17 طائرة هليكوبتر، لكن القيود المتعلقة بالوزن تجبر الطائرات المقاتلة على حمل كمية محدودة من الأسلحة والوقود، مما يقلل من قدراتها ونطاقها القتالي.
وبسبب هذه القيود الشديدة، لا يعتقد الخبراء أن لياونينغ وشاندونغ سفينتان حربيتان جاهزتان للمعركة، بل أشبه ما تكونان منصات تدريب يمكن للصين من خلالها اكتساب الخبرة في إنتاج حاملات الطائرات والعمليات.
في المقابل، تعتبر فوجيان التصميم الأكثر تقدما وقدرة، حيث يتجاوز طولها 315 مترا وبوزن يصل لنحو 80 ألف طن.
الميزة الأكثر وضوحا لحجمها الأكبر هى أنها تتيح مساحة أكبر يجعلها تتسع لحوالي 60 طائرة.
ومع ذلك، فإن أهم التحديثات في فوجيان هى استخدامها لنظام إقلاع أكثر تطورا يدعى " EMALS" الكهرومغناطيسي والذي يستخدم «المنجنيق» لإطلاق طائرة من على سطح حاملة الطائرات.
وعلى الرغم من أن هذا النظام ليس جديدا، إلا أن فوجيان هي واحدة من حاملتين فقط في العالم مجهزتين بهذا النوع من المقاليع، إضافة إلى حاملة يو إس إس جيرالد فورد الأمريكية الجديدة.
ويجعل هذا النظام حاملة الطائرات فوجيان قادرة على إطلاق طائرات أثقل من المقاليع البخارية- المستخدمة في الحاملتين الأخريتين.
ومع وجود 3 مقاليع على سطحها، سيكون لدى فوجيان معدل إطلاق طلعات أعلى من سابقاتها، حيث ستكون قادرة على قذف طائرات متعددة في السماء في غضون ثوان من كل إطلاق، وبالمقارنة، فإن لياونينغ وشاندونغ لا تستطيعان إطلاق سوى طائرة واحدة في كل مرة.
حاملات نيميتز وفورد
على الجهة الأخرى، يتكون أسطول حاملات الطائرات التابع للبحرية الأمريكية حاليا من 11 حاملة طائرات من فئتي "نيميتز" و "جيرالد فورد" الجديدة.
تم بناء الحاملات العشرة التي تمتلكها الولايات المتحدة من فئة نيميتز بين عامي 1968 و2006 ودخلت الخدمة منذ عام 1975، ويبلغ طول كل حاملة 332 مترا وبوزن 97 ألف طن.
تعمل جميع هذه الحاملات بالطاقة النووية، مما يعني أن مداها غير محدود فعليا، وهي قادرة على حمل حوالي 65 طائرة من أنواع مختلفة، بما في ذلك المقاتلات متعددة المهام وطائرات الحرب الإلكترونية وطائرات النقل وطائرات الهليكوبتر.
وتستخدم جميع الحاملات الطائرات من فئة "نيمتز" نظام "كاتوبار" للإقلاع وهى مجهزة بأربعة مقاليع بخارية.
ومع ذلك، فإن عددا قليلا فقط من حاملات الطائرات العشر قادر على تشغيل مقاتلات إف-35 المتطورة، حيث يتطلب حمل هذا النوع من المقاتلات إجراء تعديلات على مساحات الصيانة ومخازن الأسلحة الخاصة بالحاملة.
وفي عام 2017، حصلت البحرية الامريكية على حاملة الطائرات "يو إس إس جيرالد فورد"، لتخلف بذلك حاملات "نيميتز"، يبلغ طول حاملة الطائرات جيرالد فورد 333 مترا ووزنها 44,853 طنا، وهى أكبر سفينة حربية جرى بناؤها على الإطلاق في العالم.
كما أنها واحدة من أكثر حاملات الطائرات تقدما، حيث تحتوي على 27 تقنية جديدة، أبرزها رادار ثنائي النطاق جديد، ومفاعل نووي من نوع A1B+ قادر على توليد طاقة أكبر بثلاث مرات تقريبا من المفاعلات الموجودة في فئة "نيميتز"، فضلا عن نظام رفع كهرومغناطيسي تم تصميمه خصيصا ليتناسب مع سرعة إطلاق وعمليات هبوط طائرات الجيل الخامس.
ولعل أبرز التحديثات إثارة للاهتمام هو احتوائها أربعة أنظمة إقلاع من طراز "إيمالز" جعلتها قادرة على زيادة معدل الطلعات الجوية بنسبة 33% مقارنة بفئة "نيميتز".
وكان هذا الكم الهائل من الأنظمة الجديدة سببًا لصداع كبير للبحرية، حيث لم تكن جميعها تعمل بشكل صحيح عند تدشين السفينة، أدى ذلك إلى أن تصبح الحاملة غير قادرة على القيام بمهمتها الأولى تقريبًا خمس سنوات من دخولها الخدمة.
كما أن حاملتي طائرات أخريتين من طراز فورد، وهما "يو إس إس جون إف كينيدي" و"يو إس إس إنتربرايز"، قيد الإنشاء، ومن المقرر أن تدخلا الخدمة في غضون السنوات القليلة القادمة. ستكون كينيدي في البداية أول سفينة من فئة فورد تمتلك المقاتلات الشبح كجزء من جناحها الجوي. وستخضع فورد نفسها لتحديثات لتتمكن من القيام بذلك بعد عملية تحديث شاملة في السنة المالية 2025.