يقطين يراجع مختارات تاريخية مغربية
“منتخبات تاريخية جامعة لأخبار المغرب الأقصى”، صدرت عن الدار المغربية العربية، راجعها وقدّم لها الأكاديمي سعيد يقطين، مع التنبيه إلى أن “القراءة الملائمة تنظر إلى النص التاريخي السردي في ضوء العصر السياسي والاجتماعي والثقافي، والسياق الذي ظل يحدده، ليس بهدف التفاخر بما وقع أو استهجان ما حدث، ولكن بهدف فهم آليات الفعل البشري في الزمن، واستخلاص التجربة الإنسانية في تطور الوقائع وسبب وقوع الأحداث”.
هذه المنتخبات الموجَّهَة إلى التلميذ، والطالب والقارئ العادي، تضيف نصوصا إلى مختارات المؤرخ إفاريست ليفي بروفنسال التي خصّصها لطلبته بدافع تربويّ، وصدرت طبعتها الثالثة سنة 1948.
ويقدم هذا العمل مقتطفات كتبها مؤرخون وباحثون حول المغرب منذ “الأمازيغ في العصر التاريخي القديم” انطلاقا من كتاب “ثلاثة وثلاثون قرنا من تاريخ الأمازيغيين” لمحمد شفيق، وصولا إلى نهاية القرن التاسع عشر في عهد الحسن الأول وما دونه أحمد بن خالد الناصري في “الاستقصا”.
وينقسم الكتاب إلى خمسة أقسام أولها “المغرب الأقصى إلى انقراض دولة المرابطين”، ثم “دولة الموحدين”، “دولة بني مرين”، “دولة الأشراف السعديين”، “دولة الأشراف العلويين”.
وفسّر يقطين مقصد توفير مثل هذا المصدر بما عاينه عندما ناب عن أستاذ في تدريس مادة “الأدب المغربي”: “طلبتنا لا علاقة لهم بتاريخنا ولا بثقافتنا. إنهم لا يعرفون إلا شذرات مما تعرفوا عليه في مراحل التدريس في الابتدائي، أو الثانوي، وهو ضئيل جدا”.
وشهد سعيد يقطين على تجربة دفعته إلى استيعاب أن “التدريس الذي يقوم على مراكمة المعلومات، وعدم التفكير فيها لا يمكن إلا أن يؤدي بالتلميذ والطالب إلى أن ينفض ذاكرته مما علق بها مباشرة بعد جواز الامتحان، لأنه كان يتلقى تلك المواد لهدف واحد هو الامتحان. لذلك تكون عبئا عليه، فينساها مباشرة بعد أداء وظيفتها، وهي ‘النجاح'”.
مختارات بروفنسال التي دقّقها يقطين وأضاف إليها نصوصا أُخَر، تتيح “إمكانية التعرف على بعض الأحداث التي وقعت في تاريخ المغرب تعاقبيا (…) وكل نص يعكس رؤية صاحبه، وعلاقته بالحدث”، وهي “فعلا تقدم صورة مجملة عن تاريخ المغرب، بما فيها من تنوع في المواد، وجهد في الانتقاء”.
ونبه سعيد يقطين، في تقديم المنتخبات، إلى أن “التاريخ ليس حدثا فقط، ولكنه عبرة لمن يحسن قراءته، ويستخلص منه ما يمكنه من أن يصبح مفتوحا على التقدم والتطور. ولا يمكن أبدا استرجاع أي تاريخ، فلكل زمن رجال. تتشابه الأحداث والوقائع أبدا، لأنها إنسانية، ودائمة. ومتى كانت القراءة ملائمة جعلتنا نعي درس التجربة البشرية، والاستفادة منها بماذا يخدم المستقبل”.