غارة المواصي في غزة.. «بصمات أمريكية» في «مجزرة إسرائيلية»
حمولة ضخمة من القنابل الأمريكية الصنع استخدمتها إسرائيل في غارتها الأكثر دموية على منطقة المواصي في غزة منذ اندلاع الحرب قبل أشهر.
هذا ما أكده خبيران في الأسلحة، تعليقا على قصف ما صنفته إسرائيل على أنه "منطقة آمنة" طلبت من النازحين التوجه إليها، قبل أن تحولها إلى أرض منكوبة ومتفحمة بينما اكتظت المستشفيات بالضحايا.
وقالت وزارة الصحة في غزة، إن الغارة أدت إلى مقتل 92 شخصا على الأقل وإصابة أكثر من 300 آخرين.
أما الجيش الإسرائيلي فقال إنه استهدف قائد كتائب عز الدين القسام محمد الضيف والقيادي العسكري البارز رافع سلامة.
وأضاف أن "الضربة نفذت في منطقة مغلقة تديرها "حماس"، لم يكن فيها مدنيون بحسب معلوماتنا"، لكنه اتهم في بيان سابق قادة الحركة "بالاختباء بين المدنيين".
وأعلنت إسرائيل لاحقا مقتل سلامة في حين لم تكن متيقنة من مصير الضيف الذي قالت حماس إنه "بخير".
وأظهرت مقاطع فيديو التقطتها وكالة فرانس برس للهجوم سحابة بيضاء كبيرة تتصاعد فوق شارع مزدحم مخلفة وراءها حفرة كبيرة بينما تتناثر حطام الخيام ومبنى تحول إلى ركام.
أمريكية
فيما يلي، ما نعرفه عن الأسلحة المستخدمة في الهجوم:
أسلحة (JDAM) أمريكية الصنع
قال خبيران في الأسلحة تحدثا لفرانس برس إن شظية شوهدت في مقطع فيديو لموقع الانفجار جرى تداوله عبر مواقع التواصل الاجتماعي كانت عبارة ذيل زعنفة من نظام الذخيرة الهجومية المباشرة المشتركة الأمريكي المعروف اختصارًا باسم JDAM .
ولم تتمكن فرانس برس من التحقق بشكل مستقل من الفيديو.
وتستعين الذخيرة بنظام تحديد المواقع العالمي "جي بي إس" لتحويل قنابل السقوط الحر التقليدية غير الموجهة والتي تسمى "قنابل غبية" إلى ذخائر ذكية موجهة بدقة يمكن التحكم بها لضرب هدف واحد أو عدة أهداف.
وطورت الولايات المتحدة هذه المعدات لتحسين الدقة في الأحوال الجوية السيئة بعد عملية عاصفة الصحراء في العام 1991.
وتم تجهيز أول دفعة من أنظمة JDAM في العام 1997، ووفقا للقوات الجوية الأمريكية فإن مستوى موثوقية النظام تصل إلى 95 في المئة.
ويقول الخبير الفني السابق في الجيش الأمريكي والمتخصص في التخلص من الذخائر المتفجرة، تريفور بول، إن صور الغارة على المواصي تشير إلى أن الأسلحة المستخدمة من "مجموعة نظام JDAM بنسبة 100 في المئة" وهي مصنوعة في الولايات المتحدة.
وأضاف أنه بالنظر إلى أنواع القنابل المتوافقة مع نظام التوجيه وحجم شظية الزعنفة، فمن المرجح أن النظام JDAM استُخدم على قنبلة تزن 450-900 كيلوغرام.
وقال بول إن ذيل الزعنفة يمكن أيضا تركيبه على الرأس الحربي BLU-109 "المدمر للتحصينات" والمصمم لاختراق الخرسانة.
وأشار إلى أنه لم يكن من الممكن تحديد مكان صنع الحمولة بشكل قاطع من دون الحصول على "شظايا معينة تحديدا من جسم القنبلة".
دفعة جديدة
وأثار الاستخدام المتكرر لهذه القنابل الكبيرة في قطاع غزة المكتظ بالسكان احتجاجات منظمات حقوق الإنسان وزادت الضغوط على الرئيس الأمريكي جو بايدن لإعادة النظر في ملف الأسلحة التي ترسلها بلاده لإسرائيل.
وقبل أسبوع، أعلن بايدن المضي قدما في إرسال قنابل زنة 500 رطل لإسرائيل بعد توقف موقت جراء مخاوف من احتمال استخدام ذخائر زنة ألفي رطل كانت موجودة في الشحنة نفسها، في مناطق مأهولة.
وانتقد البيت الأبيض مرارا إسرائيل بسبب ارتفاع عدد القتلى المدنيين في قطاع غزة حيث تقول إسرائيل إنها تسعى للقضاء على حماس.
وقال المتحدث باسم الخارجية الأمريكية إن الوزير أنتوني بلينكن تحدث مع مسؤولين إسرائيليين، الإثنين، بشأن عدد القتلى المدنيين "المرتفع بشكل غير مقبول".
لكن مسؤولين إسرائيليين قالوا إن "غارتهم الدقيقة" على المواصي طالت منطقة مفتوحة تضم مجمعا لحماس وليس مخيما للنازحين.
ورفض الجيش الإسرائيلي التعليق على استفسارات فرانس برس حول الأسلحة المستخدمة.
وبناء على هدف إسرائيل المعلن، قال الرقيب المتقاعد في سلاح الجو الأمريكي وخبير الضربات والاستهداف المشترك ويس براينت إنه كان من الممكن تجنب وقوع قتلى مدنيين وهو ما أسماه تجنب الأضرار الجانبية في المنطقة المحيطة.
وأضاف "تقديري أن المدنيين الذين قتلوا في هذه الغارة كانوا في المجمع وليس في المنطقة المجاورة".
واستدرك "إما أن الجيش الإسرائيلي فشل في تقدير وجود مدنيين أو اعتبر أن الخطر على المدنيين يتناسب مع الميزة العسكرية للقصف والمتمثلة بالقضاء على قادة حماس".
ارتفاع حصيلة القصف الإسرائيلي على غزة إلى 38713 قتيلًا و89166 مصابًا
أوردت وكالة الأنباء الفلسطينية "وفا" أن حصيلة عدوان الاحتلال الإسرائيلي على قطاع غزة ارتفعت إلى 38 ألفا و713 قتيلا، و89 ألفا و166 مصابا، منذ السابع من أكتوبر الماضي.
ونقلت الوكالة عن مصادر طبية فلسطينية القول إن قوات الاحتلال ارتكبت مجزرتين ضد العائلات في قطاع غزة، أسفرتا عن استشهاد 49 فلسطينيا، وإصابة 69 آخرين خلال الـ24 ساعة الماضية.
وأشارت إلى أن آلاف الضحايا لا يزالون تحت الركام وفي الطرقات لا تستطيع طواقم الإسعاف والدفاع المدني الوصول إليهم.