«سوق البركة» يئن في تونس.. الذهب سلعة راكدة
يعد "سوق البركة" أهم سوق للصاغة في تونس يقع وسط المدينة العتيقة للعاصمة ويقصده التونسيون من مختلف أنحاء البلاد لشراء الحلي.
لكن المشهد تغير كليا في هذا السوق مع ارتفاع أسعار الذهب، حيث أصبح السوق يشهد ركودا بسبب انخفاض القدرة الشرائية للتونسيين، بالإضافة لأزمة ارتفاع أسعار الذهب التي ألقت بظلالها على موسم الأعراس في البلاد، بعد ما باتت أثمانها في غير استطاعة معظم التونسيين.
وصعدت أسعار الذهب خلال هذه الفترة في أسواق الصاغة التونسية إلى مستويات قياسية بلغت 226 دينارا ما يعادل 72 دولاراً للجرام الواحد من الذهب عيار 18 قيراطا بزيادة تقدر بنحو 50 دينارا مقارنة بذات الفترة من العام الماضي.
وشراء الذهب في الزواج يدخل ضمن العادات والتقاليد التونسية، وتختلف كمية المصوغ المقدم للعروس بحسب المحافظات، ففي بعض المحافظات الساحلية تُكسى العروس بالذهب.
لكن مع ارتفاع أسعار الذهب، أصبح المقدمون على الزواج يكتفون بالحد الأدنى من الحلي.
وقال رئيس الغرفة الوطنية لتجار المصوغ حاتم بن يوسف، إنه لم يسبق لسعر الذهب أن وصل إلى هذه المستويات.
وأكد أن سعر الجرام من الذهب يتداول حاليا بأكثر من 220 دينارا ما يعادل 72 دولارا، مضيفا أنه خلال السنة الماضية كان سعر جرام الذهب من عيار 18 قيراطاً يتراوح ما بين 170 و180 ديناراً ما يعادل 58 دولارا في مقابل سعر لا يتعدى الـ80 دينارا ما يعادل 25 دولارا للغرام الواحد خلال سنة 2014.
وأوضح أن عديد التجار على أبواب الإفلاس، في ظلّ عدم الإقبال على شراء الذهب بسبب غلاء المعيشة وتراجع قدرتهم الشرائية.
وأكد أنه في حالة استرجاع الدينار التونسي لقيمته مقارنة بالعملات الصعبة، يمكن لقطاع الذهب أن يستعيد عافيته.
من جهته، قال سمير بوجليدة أستاذ الاقتصاد التونسي إن ارتفاع أسعار الذهب يعود إلى تواصل ضعف قيمة الدينار التونسي أمام اليورو والدولار، مؤكدا أن أسعار الذهب تتأثر بالاضطرابات السياسية والحروب باعتبارها تعد أحد أهم الملاذات الآمنة للمستثمرين.
وأوضح أنه " لولا سيطرة البنك المركزي التونسي على تداول الذهب لارتفعت أسعار الذهب أكثر عن طريق المضاربة في القطاع"، موضحا أن سوق الذهب في تونس محكوم بأدوات رقابية صارمة تعود إلى أكثر من ستين سنة.
وأضاف أن تونس تعاني من تأثيرات التضخم الذي تسبب في تقلص القدرة الاستهلاكية للتونسيين وقد بلغت نسبة التضخم 7.3%، ما تسبب في عزوف التونسيين عن شراء الذهب.
وأشار إلى أنه وسط ارتفاع سعر الذهب، تقلصت عادة اكتناز الذهب لدى التونسيين والتي كانت تمثل وسيلة من وسائل الادخار في تونس.
يذكر أنّ قطاع صناعة الذهب يشغّل حوالي 15 ألف عائلة تونسية، بمن فيهم التجار والحرفيين والنقاش ومرصع الأحجار إلى غيرهم من أهل المهنة.
سوق البركة
وقديما كانت سوق البِرْكَة سوقا للنخاسة يُباع فيه الرقيق في حقبة ولي العهد العثماني يوسف داي (1610-1637).
وفي عام 1846 ألغى أحمد باشا باي -عاشر البايات الحسينيين- الرق والعبودية في تونس، ثم تحوّل سوق البِرْكَة -الذي سمي على هذا النحو نسبة إلى الإبل التي كانت تبرك وتقعد في سوق العبيد- إلى سوق للذهب فأضحى أحد أبرز المعالم السياحية في العاصمة تونس.