هل تنجح الصحة العالمية في القضاء على شلل الأطفال في غزة ؟
مرض شلل الأطفال هو مرض شديد العدوى وخطير، يؤثر بشكل رئيسي على الأطفال دون سن الخامسة، ويسببه فيروس ينتشر بسهولة كبيرة من خلال ملامسة مخرجات شخص مصاب، أو بشكل أقل شيوعاً، من خلال تناول مياه أو طعام ملوث.
ويكون غالبية المصابين بالفيروس لا تظهر عليهم أي أعراض، لكن بعضهم قد يعاني من ارتفاع في درجة الحرارة، والتهاب الحلق، وصداع، وتصلب في الرقبة، وآلام في العضلات والمعدة، وغثيان.
ويواجه واحد من كل 200 حالة عدوى مضاعفات أكثر خطورة، حيث يمكن أن يصل الفيروس إلى الدماغ والجهاز العصبي، مما يؤدي إلى شلل دائم، خاصة في الأطراف السفلية، وذلك في غضون ساعات قليلة.
كما قد يموت ما بين 5 إلى 10 في المئة من المصابين بالشلل عندما تتوقف عضلات التنفس عن الحركة.
تفشي شلل الأطفال في غزة
وقد شهد قطاع غزة وسط تلك الظروف القاسية وما يشهده القطاع من حرب وعدوان من جانب دولة الاحتلال، تفشي لهذا المرض، وسط غياب تام للمنظومة الصحية التي انهارت بفعل الحرب.
وقد بدأت الأمم المتحدة، بالتعاون مع السلطات الصحية الفلسطينية، حملة لتطعيم 640 ألف طفل في قطاع غزة، انطلقت بداية من الشهر الحالي، بعدما وافقت إسرائيل وحركة حماس على فترات توقف قصيرة للقتال في الحرب المستمرة منذ 11 شهرا من أجل المضي قدما في الحملة.
وأكدت منظمة الصحة العالمية الشهر الماضي إصابة رضيع بشلل جزئي بسبب فيروس شلل الأطفال من النمط 2، وهي أول حالة من نوعها في القطاع منذ 25 عاما.
وبدأت الحملة، أمس الأحد في مناطق بوسط قطاع غزة وستنتقل إلى مناطق أخرى خلال الأيام المقبلة.
ومن المقرر أن تتوقف المعارك لثماني ساعات على الأقل على مدى ثلاثة أيام متتالية.
تمديد فترات توقف القتال ليوم رابع لإستكمال الحملة
وتتوقع منظمة الصحة أن تكون هناك حاجة إلى تمديد فترات توقف القتال ليوم رابع وأن تستغرق الجولة الأولى من حملة التطعيم ما يقل قليلا عن أسبوعين.
من جانبها قالت جولييت توما مديرة الاتصال في وكالة الأمم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (الأونروا) "هذه هي الساعات الأولى من المرحلة الأولى من حملة واسعة النطاق، وهي واحدة من أكثر الحملات تعقيدا في العالم".
وأضافت توما : "اليوم هو اختبار لطرفي الصراع للالتزام بفترات التوقف في هذه المناطق للسماح لفرق الأونروا والعاملين الآخرين في المجال الطبي بالوصول إلى الأطفال بهاتين القطرتين الثمينتين للغاية. إنه سباق مع الزمن".
وقالت إسرائيل وحماس، اللتان لم تتوصلا حتى الآن إلى اتفاق من شأنه إنهاء الحرب، إنهما ستتعاونان للسماح بإنجاح الحملة.
ويقول مسؤولون في منظمة الصحة العالمية إن ما لا يقل عن 90 بالمئة من الأطفال يحتاجون لجرعتين من التطعيم تفصل بينهما أربعة أسابيع حتى تنجح الحملة، لكنها تواجه تحديات مهولة في قطاع غزة الذي دمرته الحرب إلى حد كبير.
استمرار تعرض الأطفال لخطر الفيروس
وتابعت توما "لا يزال الأطفال معرضين لخطر الفيروس، فهو لا يعرف حدودا أو نقاط تفتيش أو خطوط قتال. ويجب تطعيم كل طفل في غزة وإسرائيل للحد من مخاطر تفشي هذا المرض اللعين".
وأعلن الجيش الإسرائيلي الأحد أنه استعاد جثث 6 رهائن من نفق في جنوب قطاع غزة حيث قُتلوا على ما يبدو قبل وقت قصير من وصول القوات الإسرائيلية إليهم.
وتقول وزارة الصحة في غزة إن ما لا يقل عن 40691 فلسطينيا قتلوا منذ السابع من أكتوبر 2023 وأصيب 94060 آخرون في القطاع.
اليونسف نسابق الزمن لمنع حدوث كارثة
اكد المتحدث باسم منظمة الأمم المتحدة للطفولة (اليونيسف) كاظم أبو خلف ا، أن هناك سباقا مع الزمن لمنع تفشي فيروس شلل الأطفال في غزة، موضحا أن حملة التطعيم في القطاع تستهدف 640 ألف طفل.
وأوضح أبو خلف، أن المنظمة تعمل على تغطية 90 % من أطفال غزة في حملة التطعيم، موضحا أنه تم تقسيم المناطق وفق التنسيق مع كافة الأطراف إلى 3 مناطق اليوم ولمدة 3 أيام في دير البلح، ثم خان يونس ورفح، ثم غزة وشمالها، وفي حال تطلب الأمر أكثر من ذلك فإن قنوات التنسيق والاتصال مفتوحة.
وأشار متحدث اليونيسف، إلى أنه من التحديات الحقيقية التي تواجه الحملة أن شبكات الطرق شبه مدمرة بسبب العدوان الإسرائيلي وبالتالي عملية الوصول إلى مراكز التطعيم ليست سهلة على الأهالي، كما أن الفرق الصحية المتنقلة التي تحمل التطعيمات ستعاني أيضا في سبيل الوصول لخيام النازحين ومراكز الإيواء ولكن الكل على استعداد ودراية بأهمية هذه الحملة.
لماذا عاد شلل الأطفال إلى غزة؟
تقول المنظمات الإنسانية إن الحرب في قطاع غزة أدت إلى عودة ظهور الفيروس بسبب تعطل برامج التطعيم العادية للأطفال، والأضرار البالغة التي لحقت بأنظمة المياه والصرف الصحي، وتقول منظمة الصحة العالمية إن معدلات التطعيم في غزة والضفة الغربية المحتلة كانت مثالية قبل النزاع.
وفي عام 2022، كانت تغطية لقاح شلل الأطفال تقدر بـ 99 في المئة لجرعتين من اللقاح، بينما انخفضت هذه النسبة إلى أقل من 90 في المئة، وفقاً لأحدث البيانات.
كيف يمكن القضاء على شلل الأطفال ؟
لا يوجد علاج لشلل الأطفال، ويمكن الوقاية منه فقط من خلال التطعيم، الذي يتطلب إعطاء اللقاحات عدة مرات لحماية الطفل مدى الحياة.
هناك نوعان رئيسيان من اللقاحات المتاحة: الأول هو لقاح فموي يُعطى على شكل قطرات، وهو فعال لأنه يحتوي على فيروس حي لكنه ضعيف، ما يمنح الجسم مناعة لمكافحة شلل الأطفال إذا واجه الفيروس مرة أخرى.
أما اللقاح الآخر، فهو الأحدث ويُعطى عن طريق الحقن، ويحتوي على فيروس شلل الأطفال غير النشط.
بفضل اللقاحات، تمكن أكثر من 20 مليون شخص كانوا سيُصابون بالشلل من المشي، وفقاً لمنظمة الصحة العالمية.
