الأردن يخطو نحو الديمقراطية الحزبية.. تفاصيل انتخابات البرلمان 2024
تشهد المملكة الأردنية في عام 2024 انتخابات برلمانية استثنائية، إذ تدخل القوائم الحزبية المنافسة للمرة الأولى في تاريخ البلاد.
تلك الانتخابات، التي حملت تغييرات هامة على المستوى السياسي والانتخابي، تعكس تحولات نحو الديمقراطية التمثيلية وإشراك الأحزاب بشكل أوسع في البرلمان.
ومع ارتفاع نسبة المشاركة الشعبية مقارنةً بالانتخابات السابقة، يبدو أن الأردن يسير في مسار جديد نحو تعزيز الدور السياسي للأحزاب، وهو ما قد يغير معادلة المشهد البرلماني في البلاد بشكل جذري.
أغلقت الهيئة المستقلة للانتخابات في الأردن مراكز الاقتراع في مساء الثلاثاء الموافق 9 سبتمبر 2024، مع إعلان أن نسبة المشاركة تجاوزت 32%، وهي نسبة تفوق انتخابات 2020 التي كانت قد شهدت مشاركة 29.9% من الناخبين.
الأمر المميز في هذه الانتخابات هو أنها شهدت لأول مرة في تاريخ المملكة مشاركة القوائم الحزبية بشكل كامل، حيث تمكّن الناخبون من الإدلاء بصوتين؛ أحدهما للدائرة المحلية والآخر لقائمة حزبية على مستوى الدولة.
من بين 38 حزبًا مسجلًا في الأردن، شارك 36 حزبًا في هذه الانتخابات عن الدائرة العامة، فيما اقتصرت المنافسة في الدوائر المحلية على حزبين فقط.
تطور جديد في الانتخابات الأردنية
ما يميز انتخابات 2024 هو إقرار القانون الجديد رقم 4 لعام 2022 الذي خصص 41 مقعدًا من مجلس النواب للقوائم الحزبية، مع وعد بزيادة هذه النسبة في الانتخابات المقبلة إلى 50%، لتصل إلى 65% في الانتخابات التي تليها. هذه الخطوة تأتي في إطار مساعي الأردن لتشجيع المشاركة الحزبية وتعزيز تمثيل الأحزاب في البرلمان.
عملية الاقتراع التي بدأت في السابعة صباحًا بتوقيت عمان واستمرت حتى السابعة مساءً، لم تُمدد على الإطلاق، وذلك تجنبًا لأي محاولات للتأثير على الناخبين من خلال شراء الأصوات، والذي يُعتبر ممارسة شائعة في الساعات الأخيرة من الانتخابات.
الفرق بين انتخابات 2013 وانتخابات 2024
أشار المتحدث باسم الهيئة المستقلة للانتخابات، محمد خير الرواشدة، إلى أن الفارق الرئيسي بين انتخابات 2024 وانتخابات 2013 هو أن تلك الأخيرة لم تكن تتطلب أن يكون المرشحون ضمن الدائرة العامة حزبيين. أما هذه المرة، فإن القوائم الحزبية شرط أساسي، إضافة إلى تطبيق مبدأ العتبة الانتخابية لأول مرة.
ما هي العتبة الانتخابية؟
العتبة، أو ما يعرف بنسب الحسم، هي الحد الأدنى من الأصوات التي يجب أن تتجاوزها القائمة الحزبية لدخول المنافسة. في الدائرة العامة، تبلغ العتبة 2.5%، فيما ترتفع إلى 7% في الدوائر المحلية. هذه الأرقام تحدد ما إذا كانت القائمة الحزبية مؤهلة للحصول على مقعد في البرلما
دور الكوتا في الانتخابات
الكوتا هي نظام يهدف إلى حماية تمثيل النساء، والمسيحيين، والشركس، والشيشان في البرلمان الأردني. خصص القانون مقاعد لهذه الفئات دون تحديد سقف لعددهم، مع إمكانية مشاركتهم في المنافسة العامة خارج الكوتا لزيادة فرصهم في الفوز.
نظام القوائم النسبية المغلقة والمفتوحة
في الدائرة العامة، تُطبق القوائم النسبية المغلقة، ما يعني أن الناخبين يصوتون للقائمة ككل دون اختيار مرشحين محددين داخلها. بينما في الدوائر المحلية، يتم استخدام نظام القوائم النسبية المفتوحة، حيث يختار الناخبون قائمة ويحق لهم اختيار مرشح أو أكثر من داخلها.
المرأة والشباب
شهدت هذه الانتخابات تعزيزًا لدور المرأة والشباب في العملية السياسية. فقد تم رفع عدد مقاعد الكوتا المخصصة للنساء إلى 18 مقعدًا بدلًا من 15، مما يتيح للنساء فرصة أكبر للمشاركة. كما تشترط القوائم الحزبية وجود امرأتين على الأقل في المراكز الستة الأولى، بالإضافة إلى شرط ضم شاب أو شابة تقل أعمارهم عن 35 عامًا ضمن المترشحين الخمسة الأوائل.
تحديات أمام الأحزاب السياسية
على الرغم من التغييرات الجديدة، لا تزال الأحزاب السياسية في الأردن تواجه تحديات. فهناك عزوف بين المواطنين عن الانضمام إلى الأحزاب، يعود جزء منه إلى ثقافة التخويف المتوارثة، وعدم معرفة الناخبين بحقوقهم السياسية بشكل كاف. كما أن بعض الأحزاب لا تطبق الديمقراطية الداخلية في هيكليتها، ما يؤثر على فعاليتها في الساحة السياسية.
إحصائيات المشاركة
بلغ عدد الناخبين المسجلين في انتخابات 2024 حوالي 5.1 مليون ناخب، منهم 47.4% من الذكور و52.6% من الإناث. وتعتبر فئة الشباب تحت سن 35 عامًا من الركائز الأساسية في هذه الانتخابات، إذ يمثلون نحو نصف الناخبين المسجلين، بينما يصوت 600 ألف ناخب لأول مرة.
تفاصيل الترشح
في الدائرة العامة، شارك 686 مرشحًا ضمن 25 قائمة، فيما بلغ عدد المرشحين في الدوائر المحلية 954 مرشحًا. تجدر الإشارة إلى أن هذه الأرقام تعكس حضورًا لافتًا للشباب والنساء في كلا الدائرتين، مما يعزز من فرص التمثيل المتوازن في البرلمان المقبل.
نظام احتساب المقاعد
تُحتسب عدد المقاعد الحزبية بناءً على نسبة الأصوات التي تحصل عليها كل قائمة. ففي الدائرة العامة، يجب أن تتجاوز القائمة عتبة 2.5% من أصوات الناخبين للمنافسة على المقاعد، في حين ترتفع النسبة إلى 7% في الدوائر المحلية.
تمثل انتخابات 2024 خطوة هامة في مسار الديمقراطية الأردنية، حيث تُعتبر مشاركة القوائم الحزبية ومبدأ العتبة الانتخابية محركًا لتغيير جذري في النظام الانتخابي.