بعد 23 عامًا.. كيف غيّرت هجمات 11 سبتمبر العالم؟
في مثل هذا اليوم من عام 2001، قامت مجموعة من الهجمات الإرهابية التي استهدفت الولايات المتحدة في يوم الثلاثاء الموافق 11 سبتمبر، وجرت بواسطة أربع طائرات نقل مدني تجارية، تقودها أربع فرق تابعة لتنظيم القاعدة، وُجِهت لتصطدم بأهداف محددة، وقد نجحت ثلاث منها في ذلك، بينما سقطت الرابعة بعد أن استطاع ركَّاب الطائرة السيطرة عليها من يد الخاطفين لتغيير اتجاهها، ما أدَّى إلى سقوطها وانفجارها في نطاق أراضي ولاية بنسيلفانيا.
وجه الولايات المتحدة قبل الهجمات وبعدها…
قبل 11 سبتمبر 2001
لم يكن أحد يتخيّل أن تُستخدم طائرات مدنيّة في تنفيذ هجوم إرهابي. أما الذين وُلدوا بعد ذلك التاريخ أو الذين لم يسافروا قبله، فقد لا يدركون مدى تغيّر إجراءات السفر بعد الهجوم على برجي "مركز التجارة العالمي" في مدينة نيويورك الأمريكية، وكيف شكّل نقطة تحوّل على مستويات عديدة، وخاصة في مجال الأمن.
هذه الهجمات هزت العالم وصدمت الجميع وتسببت في أحداث دموية قلبت الأوضاع في أكثر من بلد. أصبح تاريخ 11 سبتمبر 2001 مرادفا للرعب والانتقام الأعمى.
ومن الناحية الأمنية، كان تأمين المطارات في ذلك الوقت يتم بواسطة مقاولين من القطاع الخاص، وعادة ما يتم تعيينهم من قبل شركات الطيران، مع القليل من المعايير الفيدرالية. وكانت عقود الأمن هذه تذهب عادة إلى أقل مقدمي العطاءات.
قبل هجمات 11/9، كان السفر أكثر بساطة ويستغرق وقتاً أقل. كانت الإجراءات الأمنية سريعة، وتديرها شركات خاصة في الولايات المتحدة تعاقدت معها المطارات المحلية. لم يكن هناك تدقيق مشدّد في هويات المسافرين؛ إذ كانوا يمرون فقط عبر أجهزة الكشف عن المعادن، دون الحاجة إلى الانتظار في طوابير طويلة أو الخضوع لإجراءات تفتيش مطولة.
وكان بإمكان أصدقاء وعائلات المسافرين مرافقتهم حتى بوابة الطائرة لوداعهم. كما كان يُسمح للمسافرين بإحضار شفرات كبيرة يصل طولها إلى 10 سنتيمترات على متن الطائرة، حيث لم تكن تُعتبر حينها تهديداً لسلامة الطيران.
وفي دول الاتحاد الأوروبي، لم تكن هناك إجراءات أمنية موحدة، بل كانت كل دولة تقرر على حدة الإجراءات التي تُطبّق في مطاراتها.
من الناحية الاقتصادية، يشار إلي مركز التجارة العالمي بصورة غير رسمية بالأحرف WTC أو «البرجين التوأمين».
وكان المبنى مجمعاً يتكون من سبعة مبان تقع في مانهاتن السفلى في مدينة نيويورك، الولايات المتحدة والذي صممه المهندس المعماري الأمريكي والياباني الأصل مينورو ياماساكي وقامت ببنائه هيئة موانئ نيويورك ونيوجيرسي.
ولقد بدأت الفكرة في عام 1960، عن طريق رابطة منهاتن السفلى برئاسة ديفيد روكفلر، مع دعم قوي من حاكم نيويورك وشقيقه نيلسون روكفلر. مركز التجارة العالمي وكغيره من مراكز التجارة العالمية ينتمي إلى رابطة مراكز التجارة العالمية.
وقبل تدميرها في أحداث 11 سبتمبر 2001 استأجرت هيئة الموانئ معظم أجزاء المجمع للاري سيلفرستاين في يوليو 2001. كان المجمع يقع في قلب مدينة نيويورك وسط المقاطعة المالية في 1,24 مليون متر مربع (13,4 مليون قدم مربعة) ما يقرب أربعة في المئة من مساحة منهاتن في ذلك الوقت.
جميع المباني تم تدميرها في أحداث 11 سبتمبر 2001.
يوم 11 سبتمبر 2001
مثلت هجمات 11 سبتمبر التي أدت إلى مقتل 2977 شخصًا إضافة إلى 19 من إرهابي من تنظيم القاعدة المسؤولين عن خطف الطائرات، إضافة لآلاف الجرحى والمصابين بأمراض؛ جراء استنشاق دخان الحرائق والأبخرة السامة. أمر وزير الدفاع الأمريكي دونالد رامسفيلد بزيادة مستوى ديفكون إلى 3، كما أخذت الاحتياطات لزيادة مستوى ديفكون إلى 2، لكن هذا لم يحدث. ولم تفلح هذهِ الاحتياطات في صد هجمات الطائرات على البرجين ووُجهت انتقادات شديدة لمسؤوليها الأمنيين.
وفي يوم الثلاثاء 11 سبتمبر 2001، اختطف 19 من تنظيم القاعدة أربع طائرات ركاب تديرها شركتان أمريكيتان رائدتان للنقل الجوي (الخطوط الجوية المتحدة والخطوط الجوية الأمريكية) وغادرت جميعها من مطارات في شمال شرق الولايات المتحدة متجهة إلى كاليفورنيا.
اصطدمت طائرتان منها: الخطوط الجوية الأمريكية الرحلة 11 والخطوط الجوية المتحدة الرحلة 175 بالبرجين الشمالي والجنوبي على التوالي لمجمع مركز التجارة العالمي في منطقة مانهاتن السفلى. في غضون ساعة و42 دقيقة انهار كلا البرجين المكونين من 110 طوابق.
وتسبب الحطام والحرائق الناتجة عن ذلك بانهيار جزئي أو كامل لجميع المباني الأخرى في مجمع مركز التجارة العالمي، بما في ذلك برج مركز التجارة العالمي 7 المكون من 47 طابقًا، ناهيك عن أضرار كبيرة لحقت بعشر مبانٍ أخرى كبيرة محيطة به. تحطمت طائرة ثالثة هي الخطوط الجوية الأمريكية الرحلة 77 في البنتاغون (مقر وزارة الدفاع الأمريكية) في مقاطعة أرلنغتون بولاية فيرجينيا، ما أدى إلى انهيار جزئي في الجانب الغربي من المبنى. أمَّا الطائرة الرابعة ألا وهي الخطوط الجوية المتحدة الرحلة 93 فقد كانت متجهة نحو واشنطن العاصمة، لكنها تحطمت في حقل في بلدية ستونيكريك الواقعة ضمن مقاطعة سومرست بالقرب من شانكسفيل بولاية بنسلفانيا؛ بعد أن تصدى ركابها للخاطفين وأحبطوهم. تُعتبر هجمات الحادي عشر من سبتمبر الهجوم ذو أكبر عدد من الضحايا في تاريخ البشرية والحادثة الأكثر فتكًا لرجال الإطفاء وضُبَّاط إنفاذ القانون في تاريخ الولايات المتحدة، إذ قُتِل 343 و72 منهم على التوالي.
ما بعد 11 سبتمبر 2001
سُرعان ما وُجِّهت الشكوك نحو تنظيم القاعدة وردَّت الولايات المتحدة بشن الحرب على الإرهاب وغزو أفغانستان لخلع حركة طالبان التي رفضت الامتثال للمطالب الأمريكية بطرد تنظيم القاعدة من أفغانستان وتسليم زعيمها أسامة بن لادن.
وشددت دول كثيرة حول العالم من تشريعاتها لمكافحة الإرهاب ووسعت من سلطات أجهزة الأمن وإنفاذ القانون والاستخبارات لمنع هجمات مماثلة. ورغم إنكار بن لادن في البداية أي تورط له في الهجمات، فقد أعلن في عام 2004 مسؤوليته عنها.
ذكر تنظيم القاعدة وبن لادن دوافعهم المتمثلة بالدعم الأمريكي لإسرائيل ووجود القوات الأمريكية في المملكة العربية السعودية والعقوبات المفروضة على العراق. بعد التملص من الاعتقال لمدة عقد من الزمان تقريبًا، كان بن لادن موجودًا في باكستان وقُتل على يد «فريق سيل 6» التابع للبحرية الأمريكية في مايو 2011 أثناء فترة إدارة الرئيس أوباما.
والغريب في الأمر، لم تُحدٍّد التحريات حتى اليوم الهدف الذي كان يريد خاطفو الطائرة الرابعة ضربه، بينما تمثلت أهداف الطائرات الثلاث في ضرب برجي مركز التجارة الدولية الواقعة في مانهاتن ومقر وزارة الدفاع الأمريكية، المعروف باسم البنتاغون.
ومن الناحية الاقتصادية، تدمير مركز التجارة العالمي والهياكل الأساسية المجاورة أضرَّ اقتصاد مدينة نيويورك بصورة حادَّة وكان ذو أثر كبير على الأسواق العالمية.
أُغلق شارع وول ستريت حتى 17 سبتمبر بالإضافة إلى المجال الجوي للطائرات المدنية الأمريكية والكندية حتَّى 13 سبتمبر.
تَبِع ذلك العديد من الإغلاقات والإجلاءات والإلغاءات من باب الاحترام والعزاء أو خوفًا من وقوع المزيد من الهجمات. جرى استكمال تنظيف موقع مركز التجارة العالمي في مايو 2002، ورُمِّم مبنى البنتاغون في غضون عام.
بدأ تشييد مركز التجارة العالمي 1 في نوفمبر 2006، وافتُتح المبنى في نوفمبر 2014. شُيدَّت العديد من النُصب التذكارية، بما في ذلك النصب التذكاري والمتحف الوطني لأحداث 11 سبتمبر في مدينة نيويورك، ونصب البنتاغون التذكاري في مقاطعة أرلينغتون (فرجينيا)، والنصب التذكاري الوطني للرحلة 93 في موقع التحطم بالقرب من شانكسفيل.