مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

كرة نار تحرق اليمن.. نكبة الحوثي تدخل عقدها الثاني

نشر
الأمصار

دخلت نكبة مليشيات الحوثي في اليمن عقدها الثاني، بعد تحركها ككرة نار من جبال مران في صعدة شمال اليمن وحتى الغرب في الحديدة على البحر الأحمر.

في العقد الأول للنكبة واجتياح صنعاء في 21 سبتمبر 2014، ظلت مليشيات الحوثي في اليمن تمارس شتى أساليب القسوة والوحشية الفظيعة لمعاقبة مناهضيها لا سيما من خلال إعدام الشيوخ، وقطع رؤوس الأسرى، وإعدام الأطفال المنتمين للعائلات المناهضة وخطف الرهائن لضمان طاعة القبائل وخضوعها.

مؤخرا، أصبحت كرة النار التي أحرقت أكثر من 300 ألف يمني، تهديد خطير على الإقليم والعالم، من خلال ما تقوم به المليشيات الانقلابية من ممارسات تقوض بها السلم الإقليمي والدولي بعد أن راحت تهدد دول الجوار، والملاحة في البحر الأحمر، وتستهدف ناقلات التجارة في باب المندب.

سرطان أصاب جسد اليمن، فأنهك بلدًا كان يوصف بـ«السعيد»، ليحيل أيامه «حزنًا» و«كمدًا»، على «أحباب» قتلوا أو أسروا أو شردوا، وعلى أوضاع بات «الجور والاختطافات»، شعارها الأوحد، في المناطق الخاضعة للحوثيين.

حيث إنه الانقلاب الحوثي الذي حلت يوم السبت، ذكراه العاشرة، والذي لم يهدم الشرعية ومؤسساتها المعترف بها دوليا فقط، وإنما نكب الشعب اليمني؛ بفرار الآلاف إلى الخارج ونزوح وتشرد الملايين داخليا، ودخول البلد ما يعرف بـ«أسوأ أزمة إنسانية في العالم» وفقا للأمم المتحدة.

عقد مضى على اليمن، والحوثيون جاثمون على أنفاسه، حتى باتت تلك السنوات توصف بـ«أعوام حالكة السواد»، لتسجيلها معاناة يومية لليمنيين، تحت براثن المليشيات الانقلابية، فيما ودع البلد حالة الوئام والسلام، إلى محطات من الحروب لا تؤدي إحداها إلى استراحة محارب.

قبل عشر سنوات، استغل الحوثيون زيادة سعرية للوقود أقرتها الحكومة اليمنية -آنذاك-، لتصبح بابا لتبرير اجتياحهم صنعاء والتمدد عسكريا جنوبا وشرقا وغربا، في حرب تجرع إثرها اليمنيون ويلات العذاب قتلا ونزوحا.

عنصر للحوثيين في صنعاء - أرشيفية

عودة الطبقية

وبحسب خبراء وسياسيون في اليمن، فأن نكبة الحوثي التي دخلت عقدها الثاني كانت السبب الرئيسي للعديد من الانتهاكات والممارسات المتجاوزة لكل الأعراف القانونية والمتعارف عليها عقب إعادة الجماعة للطبقية.

وقال رئيس مركز "سوث 24" للدراسات والأخبار في عدن، يعقوب السفياني، إن يوم النكبة الحوثية رمز لمرحلة مظلمة بدأت بالاستيلاء على صنعاء ومناطق واسعة من شمال اليمن تباعا".

وأضاف السفياني: إن "هذه النكبة جاءت من أجل إلغاء ثورة 26 سبتمبر التي قضت على الحكم الإمامي في شمال اليمن عام 1962، وألغت الطبقية وجعلت المواطنين سواسية في ظل النظام المدني".

وتابع قائلا إن "الحوثيين أعادوا عقب النكبة، الفرز الطبقي والسادة والعبيد وبات هذا اليوم ذو رمزية خاصة؛ للتأكيد على مشروعهم الكهنوتي والمضي فيه قدما وإلغاء كل الأيام الوطنية لتكريس التفوق العرقي وحكم السلالة".

مشاهد وقوافل المآسي

من جانبه، أعرب المحلل السياسي اليمني، باسم الحكيمي، عن اعتقاده أنه عند الحديث عن "نكبة 21 سبتمبر" فإن أول ما يخطر على الأذهان هو الموت والإرهاب وتفجير المساجد ودور العبادة والمنازل والزنازين المظلمة.

وقال الحكيمي، إن ذكرى النكبة الحوثية لا تحمل أي ذكريات سوى صُراخ الأمهات، المُدن الحزينة، والأطفال المرعوبين، وقوافل المشردين ومواكب الجنائز الجماعية.

‏وأضاف "يلوح أمامنا شريط من المآسي والأوجاع والكوارث التي أحدثتها هذه النكبة، فقد أصبح اسمها مقرونا بالموت والفَقد والخسران والانتكاسات المتوالية لبلدٍ أصبح رهينة لطيش ونزوات جماعة عنصرية ارتكبت أسوأ جريمة بحق اليمنيين".

سلب الحقوق

وتشير تقارير حقوقية إلى أن اليمن خسرت بين 170 و200 مليار دولار في الملف الاقتصادي منذ نكبة الحوثي في 2014، تزامنا مع سياسة إفقار جماعية للسكان واختطافات طالت أكثر من 18 ألف مدني من بينهم 17 ألفا تعرضوا للتعذيب داخل زنازين الموت الحوثية.

ووفقا لرئيس مركز اليمن لدراسات حقوق الإنسان، محمد نعمان، فأن "نكبة الحوثي نسفت طموحات الشعب اليمني بمختلف مواقعه وتواجده، وأسقطت حقوقه الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، وأبرز صورها المساس بحقه في الحياة وأمنه وسلامه الاجتماعي".

وأضاف أن "عشرات الآلاف من اليمنيين يتعرضون للقتل، ومثلهم للإعاقة للنزوح والتشرد والفقر والأمراض وسوء التغذية وللقمع والاعتقالات والتعذيب، والاختطافات للنشطاء والسياسيين من النساء والصحفيين والمحاميين والشباب والأطفال".

ودعا نعمان إلى تشكيل جبهة حقوقية واسعة وفاعلة تتاح فيها المشاركة الحقيقية للمرأة والشباب والمجتمع المدني لتبني مناصرة القضية اليمنية في المحافل الدولية انتصارا للضحايا، واستثمار فرصة تغير الموقف الدولي تجاه مليشيات الحوثي بعد سنوات من التراخي.

ماذا قال اليمنيون عن نكبة الحوثي؟

وصفالمواطن اليمني عبدالكريم الخولاني (48 عاماً) العقد الماضي بـ«الوباء الفتاك» الذي «نهش جسد اليمن قبل أجساد مواطنيه، وأدخل البلاد في أتون أزمات تلو الأخرى»، مضيفًا: «أصبح يوم 21 سبتمبر بالنسبة لنا، يوم شؤم لما حل بنا من معاناة كانت سببها النكبة».

وأضاف الخولاني وهو أحد الموظفين الذين سرحهم الحوثيون من وظائفهم في صنعاء، أن المليشيات «منذ انقلابها على الدولة ونهب مؤسساتها، سرقوا رواتبنا، ونشروا الجوع والفقر بين المواطنين، ومارسوا الجبايات والاتاوات الهائلة بقوة السلاح».

وأشار إلى أن «نكبة 21 سبتمبر، تتجسد في وجوه الموظفين المحرومين من مرتباتهم ويعيشون الجحيم، حتى باتت أبسط حقوقهم بعيدة المنال، وأجبروا على العمل بلا راتب فيما أطفالهم بالمنازل يتضورون جوعا».

عقد «المآسي»

لم تكن آثار انقلاب الحوثي على الخولاني وحده، فهذا طالب الإعلام الناجي من معتقلات الحوثي محمد الصلاحي هو الآخر كان عرضة لـ«بطش أشد في عقد المآسي» لمليشيات الحوثي المدعومة من إيران.

وسرد الناجي، من معتقلات الحوثي رحلة تعذيبه وتنقلاته من سجن إلى آخر منذ اختطافه وهو في عامه الأخير من دراسة الإعلام في جامعة الحديدة، قائلًا «الحوثيون دمروا حياتي الدراسية والمهنية، تعرضت للاختطاف والسجن من قبل مليشيات الحوثي وأنا في السنة الرابعة للجامعة بقسم الإعلام، وبعد 5 أعوام حاولت العودة للدراسة لكن رفضوا بحجة اعتقالي مما دفعني للانتقال للمناطق المحررة».

وتابع: «نكبة 21 سبتمبر هى ذكرى تكشف حجم أوجاعنا، حيث تأثرت نفسيا بشكل كبير وتعرضت لتعذيب جسدي ونفسي في معتقلات مليشيات الحوثي».

وقال الصلاحي، إنه كطالب جامعي احتاج لـ10 سنوات للحصول على شهادة البكالوريوس بدلا من 4، منها 5 في المعتقل والـ5 الأخرى حاول خلالها الالتحاق بإحدى الجامعات لغرض إكمال آخر الأعوام الدراسية.

«زيف النكبة»

وقال الناشط الإعلامي محمد عبدالحكيم، مظهر آخر من مظاهر نكبة الحوثيين، التي ضربت اليمن، فالبلد الآسيوي بات يعيش تحت وطأة أعنف موجة اختطافات للحوثيين لأنصار الثورة اليمنية، وكل من أحيا ذكرى 26 سبتمبر 1962، مشيرًا إلى أن «انقلاب الحوثي مناسبة لكشف التاريخ المزيف لجماعة قوضت السلام والأمن والاستقرار وتحاول هدم عقود من كفاح اليمنيين».

وأضاف أن الحوثيين اختاروا يوم 21 لـ«طمس تاريخ الثورة اليمنية 26 سبتمبر واستخدموا الظلم والجور وآلة القمع والتوحش لحكم اليمنيين بالقوة»، مشيرًا إلى اختطاف العشرات خلال الأيام الحالية في صنعاء وإب والبيضاء ومحافظات أخرى.

وقال الناشط الإعلامي محمد عبدالحكيم، فـ«النكبة يمكن مشاهدتها في وجه الموظف المحروم من مرتبه، والمواطن الكادح الذي صُودرت حريته وكرامته وبات عاطلا عن العمل»، مضيفًا: في المقابل هناك صورة أخرى للثراء الشخصي ولسلاح منفلت نهب المال العام وذهب يهدد مصالح العالم ويرفض خدمة الناس.