مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

"مقلاع داوود".. سلاح إسرائيل السحري في مواجهة الصواريخ الباليستية

نشر
الأمصار

تصاعد التوتر بين لبنان وإسرائيل خلال السنوات الأخيرة، ولم يكن الصراع العسكري غائبًا عن المشهد، بل شكّل جزءًا أساسيًا من العلاقة المتوترة بين البلدين.

 في خضم هذا الصراع، يبرز نظام الدفاع الجوي الإسرائيلي "مقلاع داوود" كأحد الأسلحة الحاسمة التي تعتمد عليها إسرائيل لحماية أجوائها من التهديدات الصاروخية المتزايدة، لا سيما تلك القادمة من حزب الله اللبناني المدعوم من إيران. فما هو هذا النظام وما الذي يجعله سلاحًا استراتيجيًا في ترسانة الدفاع الإسرائيلية؟

ما هو "مقلاع داوود"؟

صُمم "مقلاع داوود" ليكون المرحلة الدفاعية الوسطى ضمن أنظمة الدفاع الجوي المتعددة التي تعتمدها إسرائيل. يهدف هذا النظام إلى اعتراض الصواريخ الباليستية والصواريخ المجنحة متوسطة وبعيدة المدى التي قد تشكل تهديدًا على المدى القريب أو البعيد. وقد جرى تطويره بواسطة شركة رافائيل الإسرائيلية للصناعات الدفاعية بالتعاون مع شركة "رايثيون" الأمريكية، وبدأ استخدامه الفعلي منذ عام 2017.

يعمل "مقلاع داوود" ضمن منظومة دفاعية أوسع تشمل "القبة الحديدية" التي تتعامل مع التهديدات قصيرة المدى، و"حيتس" الذي يتعامل مع الصواريخ الباليستية بعيدة المدى. 

هذا النظام يمثل الخط الثاني في الدفاع الجوي الإسرائيلي، ويأتي قبل النظام الأكثر تقدمًا "حيتس" وبعد "القبة الحديدية"، مما يجعله ركنًا مهمًا في تعزيز قدرات إسرائيل الدفاعية ضد التهديدات المتنوعة.

مكونات النظام وآلية عمله

يتكون "مقلاع داوود" من عدة أجزاء رئيسية تتضمن وحدة الإطلاق، وصاروخ "ستانر" الاعتراضي، والرادار المتعدد المهام ELM-2084. يعمل الرادار على اكتشاف الأهداف وتتبعها وتوجيه الصواريخ الاعتراضية نحوها. وتعد وحدة الإطلاق نظامًا عموديًا مثبتًا على مقطورة، حيث يمكن لكل وحدة أن تحمل 12 صاروخًا اعتراضيًا.

أما صاروخ "ستانر"، فهو مفتاح نجاح هذا النظام بفضل تصميمه المزدوج للتوجيه عبر مستشعرات كهروضوئية وباحث راداري، مما يسمح له بمواجهة التشويش والتصدي للتهديدات بكفاءة. ويصل مدى الصاروخ إلى 300 كيلومتر، ما يجعله قادرًا على التعامل مع الصواريخ الباليستية التي تطلق من مسافات بعيدة.

يتميز "مقلاع داوود" بمرونته وفعاليته العالية في مواجهة الصواريخ التي تطلق من مسافات متوسطة وبعيدة، حيث يمكنه التعامل مع التهديدات الجوية قبل وصولها إلى الأراضي الإسرائيلية. وقد أظهر النظام قدرة ملحوظة على مواجهة صواريخ متطورة مثل "فاتح 110" الإيرانية و"قادر-1" التي قد تكون بحوزة حزب الله.

 

بدأ تطوير نظام "مقلاع داوود" في عام 2006، كجزء من استراتيجية إسرائيل لتحسين قدراتها الدفاعية ضد التهديدات المتزايدة في المنطقة.

 تم تمويل جزء كبير من تطوير النظام من قبل الولايات المتحدة، التي قدمت نحو ملياري دولار لدعم البرنامج.

 وأجريت العديد من الاختبارات على النظام منذ عام 2012، حيث نجح في التعامل مع مجموعة من التهديدات المعقدة والمحتملة.

وقد أجريت أول تجربة حية للنظام في عام 2012 في صحراء النقب، واستمرت التجارب حتى عام 2015.

 هذه التجارب كانت تهدف إلى اختبار النظام في ظروف قريبة من الواقع للتأكد من فعاليته في حماية الأراضي الإسرائيلية من أي هجمات صاروخية محتملة.

استخدام "مقلاع داوود" في العمليات العسكرية

شهد نظام "مقلاع داوود" استخدامه الفعلي لأول مرة في عام 2018، عندما اعترض صواريخ باليستية كانت تستهدف إسرائيل. وعلى الرغم من نجاح النظام في تلك الحالات، لا يزال استخدامه محدودًا مقارنةً بأنظمة الدفاع الأخرى مثل "القبة الحديدية" التي تُستخدم بشكل مكثف في مواجهة الهجمات الصاروخية من غزة.

ومع ذلك، تتوقع السلطات العسكرية الإسرائيلية أن يلعب "مقلاع داوود" دورًا أكبر في المستقبل، خاصةً مع تزايد التهديدات من حزب الله وإيران. فقد أظهرت الهجمات الأخيرة التي استهدفت تل أبيب باستخدام صواريخ باليستية إيرانية الصنع أهمية وجود أنظمة دفاعية متعددة الطبقات لحماية المدن الإسرائيلية والبنية التحتية الحيوية.

العلاقات الإسرائيلية الأمريكية ودورها في تطوير "مقلاع داوود"

لطالما كانت الولايات المتحدة شريكًا رئيسيًا في دعم إسرائيل عسكريًا وتقنيًا. وكان "مقلاع داوود" نتاجًا للشراكة بين الصناعات الدفاعية الإسرائيلية والأمريكية، حيث قامت شركة "رايثيون" الأمريكية بتطوير الصواريخ الاعتراضية التي يستخدمها النظام، بالإضافة إلى تصنيع بعض مكوناته في الولايات المتحدة.

وقد أثبت هذا التعاون فعاليته في تعزيز القدرات الدفاعية لإسرائيل وجعلها قادرة على التصدي لأي تهديدات من المنطقة. ولعل أبرز دليل على ذلك هو نجاح "مقلاع داوود" في اعتراض الصواريخ الباليستية متوسطة وبعيدة المدى التي قد تطلق من لبنان أو إيران.

مع تصاعد التوترات في المنطقة، يتوقع أن يكون لنظام "مقلاع داوود" دور أكبر في حماية إسرائيل من التهديدات الجوية المتزايدة. فالتحالف بين حزب الله وإيران يشكل خطرًا مستمرًا على إسرائيل، مما يتطلب تعزيز أنظمة الدفاع الجوي لتحييد تلك التهديدات.

يعتبر "مقلاع داوود" خطوة مهمة نحو تحقيق هذه الأهداف، حيث يسهم في سد الفجوة بين "القبة الحديدية" و"حيتس". ومع استمرار الولايات المتحدة في تقديم الدعم العسكري لإسرائيل، يتوقع أن يشهد النظام المزيد من التطويرات والتحديثات ليكون أكثر قدرة على التصدي للتحديات المستقبلية.

يعد "مقلاع داوود" أحد الأدوات الرئيسية التي تعتمد عليها إسرائيل لحماية أمنها الجوي من التهديدات المتزايدة. ورغم أن الصراع مع لبنان وحزب الله لا يزال معقدًا ويحتوي على العديد من الجوانب السياسية والعسكرية، إلا أن الأنظمة الدفاعية المتطورة مثل "مقلاع داوود" تمنح إسرائيل ميزة استراتيجية كبيرة في تأمين أجوائها.

إن استمرار الاستثمار في مثل هذه الأنظمة يعكس مدى جدية إسرائيل في تعزيز قدراتها الدفاعية لمواجهة أي هجمات محتملة في المستقبل، خاصة في ظل التوترات المتزايدة مع جيرانها.