اغتيال «نصرالله» يُثير عاصفة من الإدانات والتساؤلات وحالة فوضى تضرب حزب الله اللبناني
ظلّ خبر اغتيال الأمين العام لحزب الله اللبناني «حسن نصر الله»، محل شك لساعات إلى أن جاء النعي الرسمي الذي أعلنه الحزب بعد ظهر يوم السبت، حيث أُضيف اسم رئيس المكتب السياسي لحركة حماس «إسماعيل هنية»، والأمين العام لحزب الله «حسن نصر الله»، إلى قائمة طويلة من قادة حزب الله وحماس والحرس الثوري الإيراني الذين قضت عليهم «إسرائيل» بضربات دقيقة في غضون أسابيع.
اغتيال الأمين العام لحزب الله اللبناني «حسن نصر الله»
ورغم أن المراقبين وصفوا هذه العمليات بأنها غير مسبوقة من الناحية النوعية، إلا أن العديد من التساؤلات أثيرت حول أسرار النجاح السريع في تحديد مكان هؤلاء الأفراد وأسباب الانهيار السريع لتسلسل القيادة، وبعد تنفيذ الضربات الإسرائيلية، ألقى رئيس وزراء الاحتلال، «بنيامين نتنياهو»، كلمة قال خلالها إن «المهمة لم تنته بعد وأمامنا أيام مليئة بالتحدي».
أما الناطق باسم جيش الاحتلال، «أفيخاي أدرعي»، فأشار إلى أن «كل الوسائل مطروحة على الطاولة» وأن «لدى إسرائيل الكثير من الوسائل والقدرات، بعضها لم يتم تفعيله بعد»، بحسب تعبيره.
في حين انتقد المرشد الأعلى الإيراني، «علي خامنئي»، بشدة القيادة الإسرائيلية، مُتهمًا إياها بـ«قصر النظر» وإتباع «السياسة الحمقاء»، مُعتبرًا أن الإسرائيليين «أضعف بكثير من أن يتمكنوا من إلحاق ضرر جوهري بالبنية القوية لحزب الله في لبنان».
بينما أُعلن مقتل زعيم حزب الله حسن نصر الله، يوم السبت، فإن التخطيط للقضاء عليه يعود لسنوات مضت، جمع خلالها جهاز الاستخبارات الإسرائيلي «الموساد» معلومات ثمينة من مصادر عدة.
كيف حددت إسرائيل موقع نصر الله؟
ووفقًا لمسؤولين أمنيين إسرائيليين، بدأ الموساد في التخطيط لشن عملياته الأخيرة ضد حزب الله منذ أكثر من عقد، درس خلالها نقاط القوة والضعف لدى الجماعة، ونفذ سلسلة من العمليات المباغتة على الأرض.
وبحسب تقرير لصحيفة «يديعوت أحرونوت» العبرية، فإن المعلومات الاستخباراتية لا تشير فقط إلى تحركات نصر الله ورفاقه تحت الأرض، بل أيضا تحدد القوة التدميرية اللازمة لاختراق التحصينات والوصول إليه في مخبأه.
وقالت الصحيفة إن "المعلومات الاستخباراتية المقدمة لسلاح الجو الإسرائيلي، حددت الموقع الدقيق للغرفة التي اجتمع بها نصر الله مع كبار قادة حزب الله، وأيضا عمق المخبأ الذي كانوا يلجأون إليه لإبرام اجتماعات مهمة، ووضع خطط في محاولة لصد هجمات إسرائيل".
كما سمحت المعلومات الاستخباراتية للطيارين الإسرائيليين بحساب الزوايا التي يجب أن تضرب بها القنابل، والارتفاع الذي يجب إطلاقها منه، للوصول إلى الجزء من المخبأ حيث يوجد "الصيد الثمين".
وحسب "يديعوت أحرونوت"، لم يكن من الممكن الحصول على هذه المعلومات إلا من خلال سلسلة عمليات استخباراتية على مدى فترة طويلة من الزمن، تمتد لسنوات.
مِن أين حصلت إسرائيل على هذه المعلومات؟
وفق تقرير الصحيفة، هناك 3 مصادر أساسية لهذه المعلومات، هي:
- الوحدة 8200 في الجيش الإسرائيلي، التي تمد الاستخبارات العسكرية بمعلومات دقيقة عبر وسائل تكنولوجية حديثة.
- الوحدة 504 في الجيش الإسرائيلي، التي تجمع معلومات من "مصادر بشرية" على الأرض.
- الوسائل البصرية التي يستخدمها الجيش الإسرائيلي لتحديد إحداثيات ومواقع، إذ يعتمد في الغالب على طلعات الطائرات المسيّرة فوق لبنان، لا سيما الجنوب والضاحية الجنوبية لبيروت.
وتقول "يديعوت أحرونوت" إن هذه المعلومات تقدم للقوات الجوية للتخطيط للهجمات، ومنها ضربة الجمعة على الضاحية الجنوبية لبيروت التي قتل بها نصر الله وقادة آخرون في حزب الله.
وحتى بعد هذه الهجمة المدمرة، لم يتوقف عمل أجهزة الاستخبارات الإسرائيلية، لكن هذه المرة لقياس تأثير الضربة وتأكيد نتائجها.
ردود الفعل على اغتيال الأمين العام لحزب الله اللبناني
وقد تباينت ردود الفعل العربية والدولية على اغتيال الأمين العام لحزب الله، حسن نصرالله، بهجوم إسرائيلي استهدف مقر قيادة الحزب في ضاحية بيروت الجنوبية.
ونددت إيران والعراق، وجماعة أنصار الله اليمنية، وفصائل فلسطينية باغتيال إسرائيل الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، وأكدت ثقتها في أن نهج نصر الله سيتواصل رغم اغتياله.
وقالت وزارة الخارجية الإيرانية، يوم السبت: إن نهج الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله سيتواصل رغم استشهاده في غارة جوية إسرائيلية في ضاحية بيروت الجنوبية، بعد نحو عام على إطلاقه معركة إسناد الشعب الفلسطيني ومقاومته في قطاع غزة في وجه الإبادة الإسرائيلية.
وقال الناطق باسم وزارة الخارجية ناصر كنعاني على منصة إكس: «النهج المشرف الذي سار عليه الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصر الله سيتواصل وسوف تتحقق تطلعاته بتحرير القدس الشريف».
وكانت لجنة الأمن والسياسة الخارجية بالبرلمان الإيراني شددت على ضرورة الرد بحزم، وجعل الكيان الصهيوني يندم على جرائمه، كما نقلت رويترز عن مصادر مطلعة أن إيران على اتصال دائم بحزب الله وحلفائها الإقليميين الآخرين، لتحديد الخطوة التالية.
وفي بيروت، قالت رئاسة الوزراء اللبنانية إن الحكومة ستعقد جلسة استثنائية مساء اليوم السبت لبحث التطورات الراهنة.
وفي العراق، عدّ رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في بيان صدر يوم السبت، أن اغتيال الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله في غارة إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت، هو «جريمة تؤكد تعدي الكيان الصهيوني كلّ الخطوط الحمراء».
وأضاف السوداني: في اعتداء آثم جديد، وجريمة تؤكد تعدي الكيان الصهيوني كلّ الخطوط الحمراء، ارتقى الأمين العام لحزب الله اللبناني سماحة السيد حسن نصر الله، شهيدا على طريق الحق.
وجددت حركة المقاومة الإسلامية (حماس) تضامنها المطلق ووقوفها صفا واحدا مع الإخوة في حزب الله والمقاومة الإسلامية في لبنان، بعد الإعلان عن مقتل الأمين العام للحزب حسن نصر الله.
ووصفت حماس ما حدث بالجريمة والمجزرة الصهيونية، وقالت إنها على «ثقة ويقين بأن هذه الجريمة وكل جرائم الاحتلال واغتيالاته، لن تزيد المقاومة في لبنان وفي فلسطين إلا إصرارا وتصميما».
من جهتها، أعلنت جماعة أنصار الله توجهها «بأحر التعازي لأسرة السيد نصر الله ولحزب الله ومجاهديه وللشعب اللبناني والأمة الإسلامية».
وأكدت الجماعة أن «أمريكا شريكة في العدوان على لبنان وغزة، والتطور الخطير للعدوان على لبنان يفتح الباب على حرب مفتوحة وشاملة لن تكون نتيجتها إلا وبالا على الكيان المؤقت ومجرمي الحرب».
حالة فوضى تضرب حزب الله اللبناني
في غضون ذلك، قال مسؤول أمريكي إن «قيادة حزب الله وسيطرته في حالة من الفوضى الشاملة بعد مقتل الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله في غارة جوية إسرائيلية على الضاحية الجنوبية لبيروت، يوم السبت».
وأضاف المسؤول لشبكة «أيه بي سي» الإخبارية الأمريكية: أن «الولايات المتحدة وإسرائيل تعتقدان أنهما قضتا على حوالي 30 من قادة حزب الله خلال الأسابيع القليلة الماضية مما أدى إلى إضعاف المجموعة».
وتابع المسؤول الأمريكي: أن «هناك شكوك عميقة وقلق بين قادة حزب الله المتبقين من وجود جواسيس في صفوفهم».
كما تعطلت وسائل الاتصال الخاصة بالجماعة بشكل كبير بعد أن فجرت إسرائيل أجهزة النداء واللاسلكي التي كان حزب الله يستخدمها للتواصل.
وكان حزب الله اللبناني أكد مقتل الأمين العام حسن نصر الله، بعد ساعات من بيان الجيش الإسرائيلي الذي أعلن مقتله.
وحولت إسرائيل خلال الأيام الماضية تركيز عمليتها من غزة إلى لبنان حيث أدت حملة القصف العنيف إلى مقتل أكثر من 700 شخص ونزوح حوالى 118 ألفا.
اغتيال قادة حزب الله
وأعلن الجيش الإسرائيلي اغتيال عدد من القياديين البارزين في حزب الله منذ شهر.
واستعرض حساب "إسرائيل" التابع لوزارة الخارجية على منصة "إكس" صور أبرز القادة الذين اغتالتهم إسرائيل على رأسهم الأمين العام للحزب حسن نصر الله، إلى جانب مسؤول جبهة الجنوب علي كركي إلى إبراهيم عقيل، قائد وحدة الرضوان، وفؤاد شكر الذي كان مسؤولا عن كافة عمليات الحزب الحربية، ووسام الطويل الذي تولى قبل عقيل وحدة الرضوان.
كما ضمت القائمة طالب سامي عبد الله مسؤول وحدة النصر، ومحمد ناصر مسؤول وحدة عزيز، بالإضافة إلى قياديين آخرين سقطوا خلال المواجهات بين حزب الله وإسرائيل منذ الثامن من أكتوبر الماضي.
وأعلن الجيش الإسرائيلي، السبت، عن اغتيال حسن خليل ياسين، الذي قال إنه أحد كبار مسؤولي مركز الاستخبارات في حزب الله، خلال غارة على الضاحية الجنوبية لبيروت.
وأشارت أيضا قناة المنار التابعة لحزب الله إلى أن غارة على الضاحية الجنوبية، استهدفت عضو المجلس المركزي في حزب الله، نبيل قاووق.
أمريكا.. «هاريس» تدعم إسرائيل بعد اغتيال «نصر الله» وتصفه بـ«الإرهابي»
على جانب آخر، أعلنت نائبة الرئيس الأمريكي والمرشحة للرئاسة «كامالا هاريس»، عن دعمها لإسرائيل بعد اغتيال الأمين العام لحزب الله اللبناني «حسن نصر الله»، واصفة إياه بـ«الإرهابي»، حسبما أفادت وسائل إعلام أمريكية، اليوم الأحد.