مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

داليا الحديدي تكتب: أجر لربة المنزل

نشر
الأمصار

كان من أسباب تكريم جامعة ليفربوول الإنجليزية لي ومنحي جائزة أفضل بحث علمي لعام 2024 أن دراستي "تأثير وسائل التواصل الإجتماعي على صورة ربات البيوت عن أنفسهن وتقديرهن لذاتهن". 

دقت ناقوس خطر أمام المجتمع الأكاديمي لمدى التهميش الذي تعانيه "ربات البيوت".

فأهمية الدراسة نبعت من كونها غير مسبوقة نظرًا لعدم تعرض الباحثين لتلك الفئة المهمشة على مدار ألفي عام في المجتمعات الشرقية والغربية على حد السواء .

كان من نتائج البحث قيام المجتمع الأكاديمي بتغيير المصطلح المتداول "ستات بيوت" وعدم قبوله في الأوراق البحثية مع استبداله ب "صانعات البيوت" في كتيبات ال

APA STYLE VERSION 7 denounced the

term "Housewives". Hence, a new term has been coined which is "Homemakers".

عزيزاتي صانعات البيوت:

ما قمت به لا يمثل سوى خطوة تحتاج للمزيد لرفع مستوى وعي النساء سيما الشابات لضمان عدم إهدار أعمارهن بلا مقابل.

-الخطوة التالية هي تنبيه المجتمع الدولي لضرورة إنشاء نقابة وتخصيص راتب لصانعات البيوت إعترافًا بعملهن في صناعةالمجتمع. 

- إعطاء الأمهات الحق في إضافة أسمائهن لأسماء أبنائهن [حق إضافة نسب الأم للأبناء أسوة بالأب]. وهذا لا يعني سحب هذا الحق من الأباء بل منحه بالمثل للأمهات. 

-فأنا أفهم تلاعب بعض الأزوج -للسيطرة- بالإدعاء أن زوجاتهم لا يعملن، رغم مشاركتهم السعي والكد، فالإنكاريعفيهم من الإقرار بحقوقهن المادية.

-أدرك أن قلة خبرات الأبناء بالحياة تجعلهم يأكلون يوميًا من أيدي أمهاتهم ويرتدون ملابس غسلتها لهم أمهاتهم وينجحون في مواد درسّتها لهم الأم ثم يقولون: أمنا لا تعمل!

-أعلم أن المجتمع يتعاطى معك على أنك عالة، وإمعانًا في الإستغفال، يقرّ المتلاعبون بسمو عمل صانعات البيوت، لكنينكرون عليهن الرواتب السامية، لكن عقلي لا يستوعب السبب الذي يجعل "صانعة بيت" تغسل، تطبخ، تنظف، تكوي، توصل، توفر، تحمل، تلد، ترضع، تربي، وتعف زوجها ثم تسأل عن وظيفتها فتجيب على اِستحياء

:لا أعمل!

-هو يطفف بحقك، يُبخسك ليخسرك ويُرخصك، مفهوم منه أو من عشيرته، لكن غير مفهوم منك أنت إطلاقًا!

للتوضيح -واعتذر عن الصراحة الحتمية للتنوير- ففي اللغة تستخدم كلمة الوغد لوصف الشخص الدنيء، صغير العقل، الأحمق، والخادم بلا أجر مقابلَ لقمته! وقد أشار تاريخ العرب إلى أن العمل مقابل "ملء البطن ببقايا الطعام" كان مهنة لنفر من الفقراء المهانين في الجاهلية!

أتفهمين وضعك؟

أرأيت كيف يتعامل المجتمع مع أرباب المعاشات؟

أما صانعات البيوت فهن بلا معاش، وغير مدرجات على أي "باي رول"، بل يعيشن على ذمة أحدهم، إن شاء منح أو منع.

-أفهكذا وضع ضمين لعلاقة شراكة زوجية أم يقنن للتبعيةوالدونية؟ 

علموا بناتكن:"إن للكاش لقوة وللرتبة لهيبة وللمركز الوظيفي لمكانة وللصورة لوقع وللشهادة العلمية كل التقدير، أما الخدمات فتعامل كالبقشيش وعلموهن أن هنام من يأكل في أواني ذهبيةلكن يروج للزهد!

وقد هالني ما سمعته من البعض أن الفُضليات لا يطالبن بالمال والأمر متروك لتقدير زوجها مع توصية بأن "ما تطنشهاش"! 

أترضاها لنفسك يا أخي؟ أتقبل العمل 24 ساعة بدون ضمان إجتماعي، بدون نقابة أو رقابة، بدون تأمين صحي أو معاش؟

-بعد ألفي عام من العمل بدون أجر، اما آن أوان تغيير الأقدار؟

أما تشعر صانعة البيت أن وضعها غير لائق وأن عليهامطالبة وزارة العمل بحقها في راتب؟ وهب لم تستجب وزارة العمل، لكن الأهل بإستطاعتهم كتابة بند في عقد الزواج يضمن راتب شهري  للزوجة.

لقد قرأت يومًا أن أصعب ما واجه القائمين على إلغاء قانون العبيد في أمريكا هو رفض العبيد أنفسهم لتحريرهم، فمناعتاد الشكر على الفتات لا يطمح بأجر الكرامة! 

- آنَ أَوانُ تعلم أن للقدر سطر يكتبه، ولنا سطر نخطه بتعديل مصيرنا؟

وللتنوير أقولها لك

:أنت تعملين لكنك لا تؤجرين، تعملين بدون إجازات، بلا حوافز أو بدلات.. لكن بلقمتك كونك مستَغَلة.  

-أخبرتني صديقة أنهم استغفلونا وجعلونا نتقبل العبودية- الزواج- بإغرائنا بعرس، ثم طالعت فيديو لشابة صوّرها عريسها أثناء استنطاقها الموافقة على الزواج بدون عرس، بدون شهر عسل، لكن مقابل وعد بالجنة.. والطريقة قديمة للإستغفال بإستخدام المقدس!

والصغيرة تردد: حاضر، تمام تمام.

للأسف، كثيرًا ما يكون الأهل والمجتمع والمؤسسات التربوية ضالعين في تزييف وعي بناتنا بالإيعاز لهن بأن الخلوقة هي منتهب نفسها للزواج بدون طلبات، مع المزايدة على من تقبل الأقل، فتنصاع الصغيرة بسبب التلاعب بوعيها.

وينسل العمر فتفهم من كانت خضراء حقيقة الخداع الذي وقع عليها ممن كانت تثق فيهم، فتكون النتيجة هي تغول البعض في صورة حماة عجزت عن الإنتقام من ابنها فصبت جام حقدها على كنّتها.

-لكن الأهم هو تنبيه المجتمع أن الإحجام عن منح الزوجة لراتب -في حال كونها بلا وظيفة أخري- يعرض حياة أسرتها للدمار إن واجهها عنف أسري أو تحرش بها أو بأولادها من قبل أسرة الزوج الذي غالبًا ما يختار التكتم، لكن تخصيص الحكومة لأجر لصانعات البيوت، يمكن الزوجة من الإنسحاب من العلاقات المدمرة بتوفير بديل لائق لأسرتها.

..

ورغم مطالبة شيخ الأزهر بإستعانة المُشَرِّع بفتوى "الكد والسعاية" لتعديل قوانين الأحوال الشخصية، لكن بعض الذكوريتشدقون بدور ربة المنزل الملائكي الذي لا يجب تحويله لخادم بأجر مع الترويج لشعارات تبدو حق بينما يراد بها باطل.

ولهؤلاء نقول إن خادم القوم سيدهم، لكن الخزي على من يستحل جهود صانعات البيوت بدون مقابل ..وفرق بين أن أخصص للمرء حقه وبين أن أعطيه مصروف، فالأولى تحفظ له كرامته والثانية تحفظ له البقاء كتابع خاضع.

لذا، فأنا أدعو المُشَرِّع لإدراج عمل ربّات البيوت -بقوائم الكد والسعاية- فما تقدمه الزوجات أثمن من تجاهله بل يضطر الزوجة للرضوخ لأوضاع معيشية مدمرة للأسرة.

أتمنى عدم الرحيل من الدنيا إلا بعد رفع وعي النساء كي لا يتهافتن على الزواج لإثبات أنوثتهن أو للانصياع لرغبات الأهل لإقامة أعراس تُشعر الفتاة خلالها أنها نجمة.

ولا أنسى حضوري حفل بفندق كبير أقامه والد زميلة لإبنتي عقب تخرجهما وقد سألت الأب عن الداعي لتلك الكُلفة؟ فأخبرني أنه استفاد من عرض أقامه الفندق لترتيب حفل يشبع رغبة ابنته في الظهور، فلا تتكالب على الدخول في مزابل العلاقات لتحظي بعرس في ليلة، فيضيع عليها باقي العمر