عقب مرور عام على الحرب .. السنوار يخدع الاستخبارات الإسرائيلية
انطلق في مثل هذه الأيام من العام الماضي أكبر عملية هجوم شهدتها دولة الاحتلال منذ حرب أكتوبر عام 1973، حيث قامت ناصر المقاومة في قطاع غزة بالهجوم على غلاف غزة .
ومع تطور الأحداث وضعت إسرائيل منذ بداية الحرب على قطاع غزة، في أكتوبرالماضي، الوصول إلى قيادة حركة «حماس»، وبالتحديد يحيى السنوار رئيس المكتب السياسي للحركة في القطاع، على رأس أهدافها.
وجاء ذلك في ظل الاتهامات الموجهة إلى السنوار من المستويين السياسي والعسكري في تل أبيب بأنه الشخصية الرئيسية وراء التخطيط لهجوم السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الذي شنَّته الحركة على غلاف غزة وأوقع مئات القتلى الإسرائيليين بالإضافة إلى احتجاز قرابة 240 آخرين.
السنوار وسط عائلته بنفق في خان يونس
لكن عقب عام من الحرب المتواصلة ونبش إسرائيل كل بيت ونفق ومكان كانت تتوقع أن تجد فيه السنوار، من شمال قطاع غزة إلى وسطه، ثم إلى خان يونس ورفح في جنوبه، لم يعثر جيش الاحتلال على أي أثر له سوى فيديو قصير يُظهره في أحد الأنفاق مع عائلته، وتم تصويره -كما يبدو- في بداية الحرب في خان يونس، مسقط رأسه.
وكانت إسرائيل، على لسان أكثر من مسؤول وضابط، تتحدث بثقة عن وجوده في خان يونس وأنفاقها، وفي بعض المرات كانت تشير إلى أنها تقترب منه قبل أن يفلت منها. ووسَّعت إسرائيل ملاحقته إلى رفح، في عملية ما زالت مستمرة.
ملاحقة إسرائيل للسنوار
وتكشف عملية ملاحقة إسرائيل للسنوار، ومعه عديد من القيادات السياسية والعسكرية لحركة «حماس»، فشلاً استخباراتياً ذريعاً، مما أثار تساؤلات حول مكان وجوده وكيفية قدرته على التخفي في ظل حرب مدمرة طالت كل منطقة في قطاع غزة، فوق الأرض وتحتها.
وكشفت عدة مصادر في حركة «حماس» في قطاع غزة، إن قدرة السنوار على التخفي حتى الآن، وعدم قدرة الاحتلال الإسرائيلي على الوصول إليه، لا تعني أبداً أنه منقطع عن التواصل مع قيادات الحركة بالداخل والخارج.
وأكدت المصادر أن السنوار على اطلاع دائم ومستمر على كل ما يجري خصوصاً ما يتعلق بالمفاوضات التي تجري، وكل مبادرة قُدّمت كان يدرسها بشكل جيد ويتمعن فيها ويُبدي رأيه فيها ويتشاور حولها مع قيادات الحركة من خلال التواصل معهم بطرق مختلفة.
وأوضحت تلك المصادر أن السنوار في غزة تواصل مرات عدة مع قيادات الحركة بالخارج خصوصاً في الأوقات الحاسمة من المفاوضات التي جرت في الآونة الأخيرة، كما أنه تواصل مع رئيس المكتب السياسي للحركة إسماعيل هنية، بعد استهداف إسرائيل أبناءه، وقدّم له التعازي وشدّ من أزره. ولم توضح المصادر كيف جرى هذا التواصل، وهل كان مباشراً أم لا.
أنظمة يعتمد عليها السنوار تجنباً لأي استهداف من إسرائيل
تقرير لصحيفة "وول ستريت جورنال" تتطرق إلى نظام اتصالات وصفه بـ"منخفض التقنية" يعتمد عليه السنوار تجنبا لأي استهداف.
وتجنب السنوار إلى حد كبير المكالمات الهاتفية والرسائل النصية وغيرها من الاتصالات الإلكترونية التي يمكن لإسرائيل تعقبها والتي أدت إلى مقتل قياديين آخرين.
وبدلاً من ذلك، فإنه يستخدم نظاما معقداً من الرموز والملاحظات المكتوبة بخط اليد والتي تسمح له بتوجيه عمليات حماس حتى أثناء الاختباء في الأنفاق تحت الأرض.
طرق نقل السنوار للرسائل خلال محادثات وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل
وعن كيفية بقاء السنوار على قيد الحياة، تأتي من وسطاء عرب نقلوا الرسائل ذهابا وإيابا خلال محادثات وقف إطلاق النار بين حماس وإسرائيل.
وقال الوسطاء إن الرسالة النموذجية من السنوار تكون مكتوبة بخط اليد ويتم تمريرها أولا إلى عضو موثوق به في حماس ينقلها على طول سلسلة من الرسل، وقد يكون بعضهم مدنيين.
محاولات اغتيال السنوار
ولم تنفِ المصادر أو تؤكد ما إذا كان السنوار قد نجا فعلاً من أي محاولات اغتيال إسرائيلية خلال الحرب الحالية، وما إذا كانت أي قوات إسرائيلية قد اقتربت من مكانه، خصوصاً خلال العملية في خان يونس.
وقالت المصادر إن «دائرة صغيرة جداً لا تتعدى الشخصين أو الثلاثة على أبعد تقدير هي من تعرف مكانه وتؤمِّن احتياجاته المختلفة، وكذلك تؤمّن تواصله مع قيادات الحركة بالداخل والخارج».
وأضافت أن «الاحتلال فشل في الوصول إلى عديد من قيادات الصفّين الأول والثاني على المستويين السياسي والعسكري (من حماس)، لكنه حاول اغتيال بعضهم، ومنهم من أُصيب، ومنهم من نجا وخرج سالماً من عمليات قصف في مناطق وأهداف مختلفة، لكنَّ السنوار ليس من بينهم».
فشل إسرائيل في الوصول إلى السنوارفي خان يونس
ومنذ فشل إسرائيل في الوصول إلى السنوار بعد انتهاء العملية البرية في خان يونس، تحدثت تقارير إعلامية عبرية عن أنه يتنقل ما بين الأنفاق المتبقية لحركة «حماس»، لكنها لم تقدّم دليلاً على ذلك، علماً أن الجيش الإسرائيلي كان يعلن باستمرار نجاحه في تدمير قدرات الحركة بما في ذلك أنفاقها، بالإضافة إلى تفكيك كتائبها في خان يونس وغيرها من المناطق في القطاع.
وتحاول إسرائيل الترويج إلى أنه يمكن إبعاد السنوار وبقية قيادة «حماس» عن قطاع غزة إذا وافقوا على ذلك؛ على الانتقال إلى المنفى.
نقلت صحيفة "جورزاليم بوست" عن مصادر عسكرية إن زعيم حركة حماس في قطاع غزة يحيى السنوار كان يعتزم مواصلة القتال من قاعدة محصنة تحت الأرض تسمى "الغرفة 6"، وهو مكان مجهز للإقامة الطويلة مع أفراد عسكريين وخطوط اتصالات.
وقال المصدر العسكري: "السنوار يخطط ويتصرف وفقا لكل موقف ولا يثق بالضرورة بمن حوله، سوف يرتكب أخطاء، وعلينا أن نكون هناك أو على مقربة منه لندرك ذلك، المسافة بيننا وبينه ستختصر بخطأ واحد".
وبحسب مسؤول أمني كبير، خطط السنوار لخوض الحرب أثناء تحركه عبر الأنفاق، وتفاجأ عندما بدأ الجيش الإسرائيلي في المناورة في عمق الأراضي الفلسطينية.
وأضاف المصدر أن "السنوار كان يفاجأ في كل مرة، ولم يكن أمامه خيار آخر، فقرر نقل تركيز نشاطه وقيادته وسيطرته نحو منطقة خان يونس، مما دفعه إلى الانتقال من نقطة إلى أخرى تحت الأرض باستخدام الأنفاق الاستراتيجية".
ما هي "الغرفة رقم 6" ؟
اسم المركز المحصن الذي وصل إليه السنوار، عبارة عن محور تحت الأرض تم حفره على عمق كبير مقارنة بأنفاق حماس الأخرى.
يضم المركز غرف معيشة، وحراس أمن، وخطوط اتصال، وعددا متنوعا من الفتحات المخصصة لخداع الجيش الإسرائيلي وقوات المخابرات.
وقال المصدر العسكري إنه بمجرد أن أدرك السنوار أن الجيش الإسرائيلي يقترب منه بسرعة، قرر مغادرة عدة مواقع، واحدا تلو الآخر، على عجل، وفي كل حالة، كان يترك وراءه أموالا ووثائق وغيرها من العلامات التي تشير إلى وجوده هناك.
وفقا لتحليل النتائج التي توصلت إليها القوات الخاصة ووكالات الاستخبارات التابعة للجيش الإسرائيلي، يبدو أن السنوار يشعر بضغط هائل.
وكشفت عدة منصات نقلاً عن مخصادر عسكرية " إن "السنوار يتصرف بناء على محيطه المتغير باستمرار، وعلى هذا النحو، فهو لا يثق بالضرورة في بيئته المباشرة لأنها ليست بيئة طبيعية، عندما ينتقل من مكان إلى آخر، يواجه عوامل لم يعتد عليها، ويمكن التقدير أنه لا يثق حتى بمن يحضر له الطعام وما يقدم له من طعام. وهذه نقطة ضغط لا يمكن تجاهلها".
الآن، تقدر مصادر الجيش الإسرائيلي أنه بسبب التقدم العسكري فوق وتحت الأرض في منطقة خان يونس وعلى خلفية التصريحات الإسرائيلية فإن الضغط على السنوار وغيره من كبار مسؤولي حماس يتزايد يوما بعد يوم، ومن المتوقع الآن أن ينتقل، أو قد انتقل بالفعل، إلى تحت الأرض في رفح.
ولكن بالرغم من تلك الأحداث ومساعدة الولايات المتحدة الإستخباراتية لدولة الاحتلال إلا ان ملاحقة السنوار أظهر الفشل الكبير الذي تعاني منه دولة الاحتلال .