«الهجوم الإسرائيلي على إيران» حطم جزء من قوة الدفاع الجوي وأظهر فجوة بين الخصمين
شنت «دولة الاحتلال»، هجمات دقيقة ومُوجهة على عدة أهداف عسكرية إيرانية، بما في ذلك مواقع لتصنيع الصواريخ وأخرى للقدرات الجوية، حيث وجه «الهجوم الإسرائيلي على إيران» ضربة للعديد من الدفاعات الجوية المتطورة في طهران، وكشف عن ضعف الجمهورية الإسلامية أمام الهجمات الإسرائيلية في المستقبل مع دخول الخصمين حُقبة جديدة من المواجهة المباشرة.
الهجوم الإسرائيلي على إيران
ووفقًا لمسؤولين أمريكيين وإسرائيليين، قامت «الطائرات الحربية الإسرائيلية» في هجوم استمر لعدة ساعات في وقت مُبكر من صباح يوم السبت الماضي، بضرب «أصول عسكرية إيرانية» في ثلاث محافظات، بما في ذلك ثلاثة أنظمة دفاع جوي روسية معروفة باسم « « S-300 ونظام رابع.
وأعلن مسؤول إسرائيلي، أن «جميع أنظمة الدفاع الجوي أصبحت غير صالحة للاستخدام».
وجاء الهجوم الإسرائيلي بعد ضغوط أمريكية كبيرة لتجنب استهداف «المنشآت النووية والنفطية الإيرانية»، حيث قالت واشنطن إن «طهران يجب أن تتراجع الآن عن المزيد من التصعيد».
وفي أعقاب الهجوم، بدا أن المسؤولين الإيرانيين قللوا من أهمية الهجوم الإسرائيلي، مُنوهين إلى أن «طهران لا تُخطط لرد قوي فوري ضد إسرائيل بشكل مباشر».
وقالت إيران: إن «إسرائيل أطلقت صواريخ من المجال الجوي العراقي، واتهمت واشنطن بالتواطؤ في الهجوم لتزويد تل أبيب بأسلحة متطورة.
وقال المرشد الأعلى الإيراني «علي خامنئي»، في خطاب ألقاه يوم أمس الأحد، إن إسرائيل ألحقت أضرارًا بإيران، رغم أنه لم يُحدد ما هي، مُضيفًا أنه «في حين تُبالغ تل أبيب في التأثير، فسيكون من الخطأ أيضًا التقليل من أهمية الهجوم أو اعتباره غير مُهم».
وامتنع «خامنئي»، الذي قاد إيران منذ عام 1989، عن الوعد بالانتقام القاسي، كما فعل بعد هجمات أخرى في الماضي، مُؤكدًا أن «الضغوط العسكرية لا ينبغي أن تثني الجمهورية الإسلامية عن السعي للحصول على أسلحة متقدمة، مثل الصواريخ بعيدة المدى».
وأضاق خامنئي: «بالطبع، يجب أن يكون مسؤولونا هم الذين يقومون بتقييم وفهم ما يجب القيام به بدقة والقيام بكل ما هو في مصلحة هذا البلد والأمة»،مُتابعًا: «ما زالوا غير قادرين على فهم قوة وقدرة وإبداع وتصميم الشعب الإيراني بشكل صحيح، ونحن بحاجة إلى جعلهم يفهمون هذه الأشياء».
ويُمثل النجاح في الحد من قدرة «إيران» على الدفاع عن نفسها فصلًا جديدًا في الصراع بين إسرائيل والجمهورية الإسلامية. فقد أبرزت الثغرة في شبكة الدفاعات الجوية الإيرانية «الفجوة الواسعة» بين القدرات العسكرية للجانبين.
وتزعم دولة الاحتلال «إسرائيل»، أنها تمتلك الآن القدرة على التحليق فوق المجال الجوي الإيراني.
وخاضت «طهران وتل أبيب»، حروبًا غير مباشرة على مدى عقود من الزمان، فقد قامت إيران بتسليح وتدريب الميليشيات لمضايقة وتهديد أعدائها، بما في ذلك إسرائيل، كوسيلة لإبعاد الصراع عن حدودها.
البرنامج النووي الإيراني
كما مارست «إسرائيل» ضغوطًا على «إيران» من خلال التخريب والاغتيالات التي تستهدف البرنامج النووي الإيراني، وضرب القوات الإيرانية في الخارج، بما في ذلك في «سوريا»، وقد وضعت الحرب الأخيرة العدوين في نوع مختلف من المعركة: حرب مباشرة بعيدة المدى، ويُؤدي كل منهما أداءً مُختلفًا للغاية.
لقد تمكنت «إيران»، مرتين في أبريل وأكتوبر، من اختراق الدفاعات الجوية الإسرائيلية بشكل مُتقطع ولكن فقط بإطلاق مئات الصواريخ في وقت واحد، فيما أظهرت «إسرائيل» مرتين قدرتها على ضرب أهداف إيرانية حساسة، مع اعتراض القليل من أسلحتها إن وجدت.
وقد أصاب هجوم إسرائيلي سابق رادار دفاع جوي في أبريل، وقال أشخاص مطلعون على المهمة إن «هجوم يوم السبت شمل أكثر الأسلحة الجوية الإسرائيلية تقدمًا، وهي طائرات مقاتلة من طراز إف-35، والتي تتمتع بالقدرة على التهرب من الرادار».
وأشادت «إسرائيل»، بالهجوم الذي وقع نهاية الأسبوع باعتباره انتصارًا كبيرًا.
وقال المتحدث العسكري دانييل هاجاري في إفادة تلفزيونية يوم السبت: «الآن، تتمتع دولة إسرائيل بحرية أكبر في العمل الجوي فوق إيران أيضًا».
إن «إس-300» هي جزء من أنظمة الصواريخ أرض-جو التي صممها الاتحاد السوفييتي في الستينيات والسبعينيات، وتُستخدم الآن للدفاع ضد الطائرات والطائرات بدون طيار، وإلى حد ما، الصواريخ المجنحة والصواريخ الباليستية.
وزودت «روسيا»، إيران بأنظمة «إس-300» في عام 2016، بعد تسع سنوات من التأخير بسبب المفاوضات النووية والعقوبات الدولية، وبالرغم من أن التفاصيل المتعلقة بالأنظمة غير معروفة للعامة، يعتقد الخبراء أن إيران تلقت ما بين 40 و60 منصة إطلاق كجزء من الطلب الإجمالي، وكل منها قادرة على حمل ما يصل إلى أربعة صواريخ.
وتُستخدم أنظمة «إس-300» لحماية الأهداف ذات القيمة العالية مثل المواقع النووية ومطار مهرآباد المحلي المستخدم للرحلات الرسمية.
وصرح الخبير في الشؤون العسكرية الإيرانية في معهد واشنطن، «فرزين نديمي»، «سيتعين على إيران أن تجري الكثير من البحث في نفسها وتنفق الكثير من الأموال على أنظمة الدفاع الجوي القادرة على اعتراض مثل هذه الأنواع من التهديدات الجديدة. إيران دولة صناعية عسكرية وهناك العديد من الأهداف في البلاد، لذا فهم بحاجة حقًا إلى كل الدفاعات الجوية التي يمكنهم وضع أيديهم عليها».
ووفقًا لناديمي، الذي يستند بحثه إلى مصادر داخل إيران وصور الأقمار الصناعية، «يتم الاحتفاظ ببطارية متحركة وتُسافر مع خامنئي عندما يزور مدينته مشهد في شرق البلاد».
وقال «نديمي»: إن «إيران تمتلك نظام دفاع جوي بعيد المدى ومتحرك على الطرق يُسمى "بافار 373"، والذي تقول إنه قادر على التنافس مع نظام "إس-400" الأكثر تقدمًا، كما تمتلك مجموعة من أنظمة الدفاع الجوي الأقل تقدمًا المنتجة محليًا، والتي يُمكنها إعادة نشرها لاستبدال البطاريات التالفة».
إيران و أنظمة «إس-400»
لقد سعت إيران منذ فترة طويلة للحصول على أنظمة «إس-400» الأكثر تقدمًا من روسيا، لكن المسؤولين الغربيين يقولون إنه لا يوجد دليل حتى الآن على أن طهران تلقت أيًا منها.
وضربت إسرائيل إحدى بطاريات الدفاع "إس-300" الموجودة بالقرب من منشأة نطنز النووية في أبريل، عندما هاجمت إيران ردًا على قصف صاروخي بـ 300 صاروخ وطائرات بدون طيار.
ويُعتقد أن هجوم يوم السبت، أصاب معظم بطاريات "إس-300" المتبقية إن لم يكن كلها، ويقول الخبراء إنه حتى مع استمرار تقييم الأضرار الناجمة عن الهجوم، فإن حقيقة أن إسرائيل تمكنت من ضرب أكثر الدفاعات الجوية الإيرانية تقدمًا وبعض أكثر المواقع العسكرية حساسية لها أهمية كبيرة.
ويقول «أفشون أوستوفار»، الخبير في الشؤون العسكرية الإيرانية في كلية الدراسات العليا البحرية في مونتيري، كاليفورنيا: إن «الدفاعات الجوية الإيرانية مُعرضة لتكنولوجيا الضربة المتفوقة.إنها غير كافية لحماية المجال الجوي الإيراني من الخصوم الأفضل تجهيزًا، وخاصة إسرائيل»، مُضيفًا: «لا يُمكن استبدال هذه الأنظمة بسهولة. ربما يكون لدى إيران بعض التكرار، ولكن حتى مع ذلك، ربما مهدت إسرائيل الطريق لهجمات مستقبلية أسهل وأقل تقييدًا».
وتابع أوستوفار: «سعي إيران إلى التكنولوجيا العسكرية قد يعقد الصراعات في الشرق الأوسط وخارجه»، قائلاً: «إذا زودت روسيا إيران ببطاريات إس-400 المضادة للطائرات وأرسلت قوات روسية لتشغيل هذه الأنظمة على سبيل المثال، فإن هذا سيضيف طبقة أخرى من المخاطر الجيوسياسية لإسرائيل».
لقد اعتمدت إيران في الغالب على التطوير التكنولوجي المحلي والدعم من روسيا والصين في حين أن إسرائيل مدينة بالكثير من براعتها العسكرية للمساعدة الأمريكية.
ويُثير الكشف الأخير عن نقاط ضعفها تساؤلات بشأن حدود وفوائد تحالفها مع موسكو وبكين ويقول مسؤولون غربيون إنه منذ الغزو الروسي الكامل لأوكرانيا، عززت طهران وموسكو علاقاتهما العسكرية، حيث زودت إيران موسكو بطائرات بدون طيار وصواريخ باليستية ووقعت الصين في عام 2020 اتفاقية شراكة طويلة الأمد مع إيران، والتي تضمنت بعض التعاون في مجال البحث العسكري وتطوير الأسلحة.
روسيا وإيران
وقال الرئيس الروسي فلاديمير بوتين بعد لقاء نظيره الإيراني الأسبوع الماضي، إن «روسيا وإيران من المقرر أن تستكملا شراكتهما الاستراتيجية طويلة الأمد».
وقال مدير وكالة الاستخبارات المركزية الأمريكية ويليام بيرنز في يوليو 2023 إن «هناك دلائل على وجود فنيين روس يعملون على برنامج إطلاق المركبات الفضائية الإيراني وجوانب أخرى من برامجهم الصاروخية»، ويُعتقد أن «برنامج إطلاق الصواريخ الفضائية الإيراني جزء من الجهود المبذولة لتطوير صواريخ عابرة للقارات».
ولكن هذه العلاقات تأتي مع تحذيرات، فلكل من روسيا والصين علاقات استراتيجية مع بعض منافسي إيران الإقليميين، بما في ذلك «السعودية»، وتشترك روسيا في بعض المصالح مع إسرائيل في سوريا.
ويقول «راز زيمت»، الباحث الكبير في معهد دراسات الأمن القومي في إسرائيل، إن «الصين، التي تستورد نصف طاقتها من الشرق الأوسط وتفضل إبقاء الصراع في الشرق الأوسط خافتًا، كانت دائمًا مترددة في تقديم المساعدة العسكرية لإيران، حتى مع عمل بكين على مساعدة إيران في التغلب على العقوبات الأمريكية».
وتقول «دينا اسفندياري»، المستشارة البارزة للشرق الأوسط وشمال إفريقيا في مجموعة الأزمات الدولية: «إن علاقة إيران بروسيا والصين مُقسمة وتتبع مصالح كل دولة، وهذا يعني أن هناك أوقاتًا لا ترى فيها روسيا والصين مساعدة إيران في مصلحتهما».
حرب أوكرانيا
ويتساءل المسؤولون الأمريكيون عن مدى السرعة التي ستتمكن بها روسيا من تزويد إيران بدفاعات صاروخية جديدة عندما تكون مواردها مُتوترة بسبب «حرب أوكرانيا»، حيث يعتقد بعض المسؤولين أن «التأخير قد يُؤدي إلى توتر العلاقات الروسية الإيرانية، التي اتسمت تاريخيًا بانعدام الثقة».