دارفور على حافة الهاوية.. تصاعد النزاع وإثارة المخاوف من تقسيم السودان
في ظل النزاعات المستمرة بالسودان، تشهد دارفور تصاعداً خطيراً قد ينذر بتقسيم البلاد.
قامت قوات الدعم السريع بوقف الصادرات المتجهة إلى مصر من المناطق التي تسيطر عليها، مما أثار قلقاً واسعاً بشأن مستقبل السودان.
ويعتبر مراقبون هذا القرار بمثابة خطوة تكرس سلطة الدعم السريع في دارفور وكردفان، في ظل صمت الحكومة السودانية، التي اعتبرت هذا التصرف محاولة لفرض "سلطة الأمر الواقع".
منذ اندلاع الحرب بين الجيش وقوات الدعم السريع في أبريل 2023، انقسم السودان إلى مناطق سيطرة بين الطرفين، وبرزت دارفور كأحد أبرز مناطق النفوذ لقوات الدعم السريع. وتسيطر الأخيرة على معظم ولايات الإقليم الخمس، حيث ترى قوى معارضة أن ما يحدث هو بداية لتفكك السودان، وسط اتهامات متبادلة بين الجانبين بشأن نوايا التقسيم، في حين تعلن قوات الدعم السريع أنها تسعى لإدارة المناطق التي تسيطر عليها دون التطرق للانفصال بشكل صريح.
في هذا السياق، صرح مستشار قائد قوات الدعم السريع، محمد طبيق، بضرورة تشكيل حكومة في المناطق التي تسيطر عليها قوات الدعم كخطوة لحفظ استقرار السودان، مؤكداً على وجوب دعم المجتمع الدولي لهذه الخطوة. وفي مدينة الفاشر، تتواصل المعارك بين القوات الحكومية والدعم السريع، حيث تظل الفاشر المعقل الأخير للجيش شمال دارفور.
التركيبة العرقية والتاريخية المعقدة لدارفور
يقع إقليم دارفور في غرب السودان، ويعد من أكثر المناطق تنوعاً عرقياً؛ حيث تتوزع فيه قبائل الفور، والزغاوة، والبجا، والنوبة. ويتنوع سكانه بين العرب والأفارقة، مما يجعله بؤرة صراع دائم حول ملكية الأرض وحقوق الرعي، والتي كانت من أبرز أسباب النزاع منذ عام 2003 حين بدأ جيش تحرير السودان وجبهة العدل والمساواة شن هجماتهم على أهداف حكومية، متهمين السلطات باضطهاد المجموعات ذات الأصول الأفريقية السوداء.
وفي سياق الصراعات الأهلية السابقة، تزايدت الاتهامات للميليشيات الموالية للحكومة السودانية بمهاجمة القرى الأفريقية.
ووفقاً للشهادات، كان يُسبق هجوم هذه الميليشيات بغارات جوية من الطيران الحكومي، مما أدى إلى مقتل وتشريد مئات الآلاف، بالإضافة إلى نزوح الكثيرين إلى تشاد.
رغم اتفاقيات السلام التي وُقعت، لا تزال التوترات قائمة، حيث تتكرر الاشتباكات بين القوات الحكومية والفصائل المسلحة. ووفقاً للتقارير، منذ بداية العام الحالي، نزح الآلاف من المدنيين، معظمهم من النساء والأطفال، نتيجة للصراع في منطقة جبل مرة بوسط دارفور.
عودة مخاوف التطهير العرقي
منذ انطلاق القتال بين الجيش وقوات الدعم السريع، أُجبر الآلاف من سكان دارفور على الفرار، وسط تقارير عن عمليات قتل واستهداف على أساس عرقي. وارتفعت المخاوف من وقوع تطهير عرقي، خاصةً بعد سيطرة قوات الدعم السريع على مقر الجيش في مدينة الجنينة، حيث تُشير التقارير إلى مقتل مئات المدنيين.
وكان من أبرز الأحداث مقتل حاكم غرب دارفور، خميس أبكر، بعد اتهامه لقوات الدعم السريع بارتكاب "إبادة جماعية". ومنذ ذلك الحين، أُصيب سكان المنطقة بحالة من الذعر، فيما تنفي قوات الدعم السريع تورطها، وتصف ما يحدث بأنه "صراع قبلي".
ومع تزايد نفوذ قوات الدعم السريع في دارفور، يبقى مستقبل الإقليم، بل السودان بأكمله، في مهب الريح.
وكانت قالت إيمى بوب، رئيسة منظمة الهجرة الدولية، إن الوضع في السودان كارثي، مشيرة إلى أن الشعب السوداني، يعيش كابوس، بسبب الصراع والأوبئة المنتشرة والعنف الجنسي، مؤكدة نزوح أكثر من 14 مليون سوداني.
وأكدت إيمى بوب، رئيسة منظمة الهجرة الدولية، في لقاء لتلفزيون الأمم المتحدة، اليوم الثلاثاء، من بورتسودان، أن معاناة السودانيين تزيد بشكل يومى، وأشارت لحديث أنطونيو جوتيريش الأمين العام للأمم المتحدة، عن احتياج 25 مليون شخص للمساعدة الفورية، ووصفت التقارير عن وقوع عنف جنسي وعلى أساس عرقي، في ولاية الجزيرة، بأنها صادمة للغاية.
وقالت إيمى بوب، رئيسة منظمة الهجرة الدولية، إن أكثر من 14 مليون شخص فروا من منازلهم في السودان، إما داخل البلاد أو عبر حدودها، وإن نحو 200 ألف شخص فروا منذ الشهر الماضي، وفقا لرويترز.
وقالت إيمى بوب، رئيسة منظمة الهجرة الدولية، للصحفيين "هناك 11 مليون شخص نازحون داخليا داخل البلاد، و3.1 مليون شخص عبروا الحدود، وهذا يعنى في الواقع أن هناك أكثر من 14 مليون شخص يتنقلون الآن".
ومن جهة أخرى، شدد أنطونيو جوتيريش، الأمين العام للأمم المتحدة، على أن الظروف الحالية، ليست ملائمة لنشر قوة تابعة للأمم المتحدة في السودان، وأكد في تقرير قدمه لمجلس الأمن الدولى، أن شعب السودان يواجه كابوسًا من العنف والجوع والأمراض والنزوح وتنامى العنف العرقي، محذرًا من تداعيات الصراع على الاستقرار الإقليمي.
وخلال الفترة الماضية، تزايدت الدعوات الدولية لاتخاذ تدابير حازمة لحماية المدنيين، كما أوصت بعثة تقصى الحقائق التابعة لمجلس حقوق الإنسان بنشر قوة دولية في السودان، لحماية المدنيين.