شبح عودة “طالبان” يخيم على أفغانستان بعد انسحاب القوات الأجنبية
تقف أفغانستان على حافة الهاوية في ظل تراجع قواتها أمام التقدّم السريع لحركة طالبان التي صارت تسيطر على غالبية مدن البلاد وأريافها فيما تستعد واشنطن ولندن لإجلاء رعاياهما.
لم تخف الحركة على الإطلاق رغبتها في إرساء نظام الجديد المزعوم شبيه بذلك الذي فرضته إبّان حكمها البلاد بين 1996 و2001.
وكان الكثير من المحللين يناقشون المسار الذي ستتبعه حركة طالبان لتحقيق هدفها، عبر المفاوضات أو القوة أو من خلال مزيج من الاثنين، إلا أنّ الاستراتيجية العسكرية تبدو كافية لإرباك القوات الحكومية في ظل تعمّد الحركة شنّ هجمات على جبهات عدة واختيارها أهدافًا في كل أرجاء البلاد.
ووقّعت الحركة قبل ذلك اتفاقًا مع واشنطن حول انسحاب قواتها، والتزمت بموجبه عدم التعرّض لأهداف أمريكية.
وفي إطار هذا الاتفاق الذي وقع في فبراير 2020 في العاصمة القطرية الدوحة، ضغطت واشنطن على الحكومة الأفغانية للإفراج عن آلاف من موقوفي طالبان الذين عادوا في غالبيتهم لحمل السلاح.
طالبان بعد سلسلة نجاحاتها الميدانية
وبلغت طالبان بعد سلسلة نجاحاتها الميدانية في الأيام الثمانية الأخيرة، موقعا يخوّلها دعوة الحكومة الأفغانية إلى الاستسلام دون شروط، وفي حال امتناع الحكومة، يرجّح أن تسعى الحركة لفرض سيطرتها بالقوة في كابول.
يرجّح أن يكون الفساد وعدم الرغبة في القتال من الأسباب التي أدت دورًا في انهيار الجيش الأفغاني، إلى جانب الفراغ الذي خلّفه انسحاب القوات الأمريكية.
الإدارات الأمريكية
وكانت الإدارات الأمريكية المتعاقبة نشرت طوال السنوات الماضية تقارير عن حجم الفساد الذي ينخر بنى القوات الأفغانية، فكان قادة يحتفظون بالأموال الموجهة لقواتهم، أو يبيعون الأسلحة في الأسواق السود ويكذبون بشأن كثير الجنود في صفوفهم.
كما أنّ القوات الأفغانية كانت تعتمد في شكل كامل على المساندة التي توفرها القوة الجوية الأمريكية على الصعد اللوجستية والضربات ولكن أيضًا في مجال الصيانة، ويضاف إلى ذلك وجود قيادة مدنية في القصر الرئاسي من دون أية تجربة عسكرية، ترافقها مجموعة من الجنرالات المتقدمين في العمر والمنخرطين في الصراعات السياسية العقيمة بعيدًا من الحرب الدائرة.
وكان التعويل كبيرًا على فرق الكومندوس التي أنشأتها الولايات المتحدة، ولكنها لم تكن كافية لقلب المعطيات.
الغلبة صارت لطالبان. فالحكومة لم تعد تسيطر سوى على ثلاث مدن كبيرة، ومن المستبعد وجود عددٍ كافٍ من القوات للدفاع بشكل فعّال عن العاصمة.
وتقترب طالبان بسرعة من كابول وسط تقارير تشير إلى تقدّم عناصرها عند خاصرتي العاصمة، الشمالية والجنوبية.
ويرجّح أن تمارس الولايات المتحدة والأسرة الدولية ضغوطا على طالبان والحكومة الأفغانية من أجل التوصل لاتفاق. ولكنّ الحركة باتت ممسكة بجميع الأوراق في نهاية المطاف.