لبنان يعاني من أعلى معدلات المديونية في العالم
هناك الكثير من الأسباب التي أدت إلى انهيار الاقتصاد اللبناني منها المديونية التي فاقمت من الأزمة السياسية وجائحة كورونا التي زادت من حدتها؛ إذ يصل حجم الدين العام إلى أكثر من 150% من الناتج الإجمالي بجانب انفجار مرفأ بيروت في الرابع من أغسطس 2020.
وبات أكثر من نصف اللبنانيين تحت خط الفقر، وفقدت الليرة اللبنانية أكثر من 90 في المئة من قيمتها أمام الدولار، فيما ارتفعت أسعار المواد الأساسية بأكثر من 700 في المئة.
تصاعدت أزمة الوقود المتفاقمة في لبنان إلى حد الخروج عن السيطرة، بعدما اضطرت المخابز والشركات والمستشفيات إما إلى تقليص ساعات عملها أما الإغلاق التام، مما يزيد من صعوبة الحياة للبنانيين الذين يعانون بالفعل من آثار الانهيار المالي.
وفي مستشفيات لبنان، نفدت بعض أدوية التخدير وجراحة القلب ويبحث الموظفون عن الوقود والماء، حسب رئيس نقابة أصحاب المستشفيات الخاصة سليمان هارون.
أزمة الوقود
انقطاع التيار الكهربائي أصبح متكررًا لدرجة أن المطاعم تخصص ساعاتها وفقًا لجدول الكهرباء من المولدات الخاصة، وتندلع المشاجرات في المحلات؛ إذ يندفع المتسوقون لشراء الخبز والسكر وزيت الطهي قبل نفادها أو ارتفاع أسعارها.
اختفى زيت الوقود من الأسواق وتصبب اللبنانيون عرقا في المنازل بلا إضاءة أو أجهزة تكييف، وباتوا يتخلصون بطبيعة الحال من محتويات أجهزة التبريد (الثلاجات)، في الوقت الذي يضطرون فيه للوقوف بالساعات في محطات الوقود بانتظار البنزين الذي تحول إلى سلعة نادرة.
في أحدث الإخفاقات السياسية دخلت الحكومة في خلاف مع البنك المركزي حول قراره وقف دعم المحروقات وهي مقدمة تفضي إلى قفزة كبيرة في الأسعار.
وقال وزير الطاقة اللبناني ” إن البلاد بحاجة إلى 3000 ميجاوات من الكهرباء لكنها لا تملك من الوقود إلا ما يكفي لإنتاج 750 فقط. ويقول الناس إن الكهرباء لا تصل إليهم إلا لساعة أو ساعتين من الشبكة يوميًا، إن وجدت من الأساس”، ومن شأن نقص المازوت أن يحرم الناس من تشغيل المولدات الخاصة لسد النقص.
2020
سيظلّ العالم يتذكّر، ولسنوات طويلة، عام 2020 الذي ركّع الاقتصاد العالمي ومعه أسواق النفط. فقد تسبّبت جائحة كورونا بفرض تحديات غير مسبوقة على كل بلدان العالم. إذ إنّ الاقتصادات التي كانت لا تزال تُعتبر متينة منذ فترة ليست ببعيدة، قد تعرّضت لصفعة قوية، وهي لا توحي اليوم بأنها ستتعافى بشكل كامل. وبالنسبة الى بلد مثل لبنان يعاني من تهالك هياكله الاقتصادية فيما يتخبّط بأزمة داخلية كبيرة تسبّب بها لنفسه، سيكون التأثير أكثر حدة.
تعرض سوق النفط للاضطراب – أولًا بسبب نزاع بين المنتجين الرئيسيين، ثم بسبب الانهيار التاريخي في الطلب الناجم عن إغلاق النشاط الاقتصادي العالمي بسبب الجائحة. والنتيجة؟ انهيار لا مثيل له في أسعار النفط.
وفي ظل ظروف السوق العادية، ما كان هذا الوضع ليطرح مشكلة كبيرة؛ لأن الثقوب الجافة أكثر شيوعًا من الاكتشافات التقنية ولا سيما من الاكتشافات التجارية. ولكن عندما تواجه الصناعة “أزمة لا مثيل لها” على حد تعبير صندوق النقد الدولي، فإن هذا المزيج من شأنه أن يقلّل من قدرة لبنان على جذب رأس المال الدولي الى حدّ كبير.
ولفهم حجم التحدي الذي تواجهه الصناعة، قد يصحّ النظر في التطورات السريعة غير المسبوقة التي ضربت أسواق النفط خلال الأشهر القليلة الماضية.
فشلت منظمة الدول المصدّرة للنفط (أوبك +)، وهي ، في التوصل إلى اتفاق عندما رفضت روسيا المشاركة في تخفيضات الإنتاج التي أوصت بها المنظمة. وأعلنت المملكة العربية السعودية على الفور أنها ستضع في السوق 2.6 مليون برميل إضافي في اليوم، أي ما يعادل تقريبًا إنتاج المملكة المتحدة والنرويج معًا. كما خفضت المملكة العربية السعودية أسعار صادراتها بشكل كبير. وقد وُصف تصريحها هذا بأنه حرب أسعار تُشنّ ضد روسيا، أو حرب تشنّها المملكة العربية السعودية وروسيا معًا لأخذ حصص من السوق تعود إلى الولايات المتحدة، المنتج العالمي الكبير، أو ببساطة حصل سوء تقدير؛ إذ فاجأ أطراف منظمة أوبك زائد بعضهم البعض وتجاهلوا عواقب أفعالهم. مهما كان الدافع الحقيقي، كان التوقيت سيئًا بالتأكيد.
في الوقت الذي صدر هذا الإعلان عن المملكة العربية السعودية وردّت روسيا على الفور قائلة إنها ستزيد الإنتاج هي أيضًا، بدأت تتضح معالم أزمة فيروس كورونا وحدّتها. وسرعان ما بدأت التوقعات الاقتصادية تؤشر إلى التراجع. فحسب أحدث توقعاته الاقتصادية العالمية، يشير صندوق النقد الدولي إلى أن النمو الاقتصادي العالمي انخفض في عام 2020 بنسبة 3٪، أي انخفاض بنسبة 6.3٪ عن توقعاته الأخيرة التي صدرت في ديسمبر ، وهذه إعادة نظر بارزة بالنسبة الى هذه الفترة الزمنية القصيرة جدًا. وإذا تحقق ذلك، ستتحوّل عملية “الإغلاق الكبير”، كما سمّاها صندوق النقد الدولي، إلى أسوأ تدهور اقتصادي منذ الكساد الكبير، وأسوأ بكثير من الأزمة المالية العالمية لعام 2008.
ويصنف البنك الدولي أزمة لبنان على أنها أسوأ من أزمة اليونان، التي اندلعت في عام 2008، وتسببت في تشريد عشرات الآلاف من الأشخاص ودخول سنوات من الاضطرابات الاجتماعية، وأكثر حدة من أزمة عام 2001 في الأرجنتين، والتي أسفرت أيضًا عن اضطرابات واسعة النطاق.
فهل الحكومة اللبنانية ستكون قادرة على إنقاذ البلاد من حالة الركود الحالية؟ وحده الالتزام القوي والحقيقي بالإصلاحات الاقتصادية التي يجد لبنان نفسه بأمس الحاجة إليها ؟