البنك الدولي: الدولة المصرية تمضي قدمًا في تنفيذ تدابير التصدي لتغير المناخ
أفاد تقرير حديث صادر عن البنك الدولي، بأن الدولة المصرية تمضي قدماً بالفعل في تنفيذ العديد من التدابير للتصدي لتغير المناخ، ففي مايو 2022، أطلقت أول إستراتيجية وطنية بشأن تغير المناخ 2050، تضمنت مشروعات ذات أولوية قصوى من المقرر استكمالها بحلول عام 2030.
وأضاف التقرير أنه في إطار التحديث الثاني لمساهمة مصر الوطنية في جهود مكافحة تغير المناخ، تم تحديد أهداف طموحة لخفض الانبعاثات في قطاع الكهرباء بهدف الوصول إلى 42 بالمئة من مصادر الطاقة المتجددة في مزيج توليد الكهرباء بحلول عام 2030، وهو مستهدف سبق تحديده لعام 2035.
وأشار التقرير إلى أن هناك منافع عديدة للعمل المناخي للدولة المصرية، أهمها الاستفادة من مصادر الطاقة المتجددة والممارسات المستدامة لدفع عجلة التنمية الاقتصادية، وخلق فرص عمل جديدة، وتشجيع الابتكار.
وأكد التقرير أن مصر تستطيع تحقيق نمو اقتصادي كبير من خلال العمل المناخي، وتحويل مدنها إلى مراكز تتسم بالقدرة على الصمود وتحمل آثار تغير المناخ، لجذب الاستثمارات وخلق فرص العمل، وتحسين جودة الحياة للمواطن المصري، حيث إن العمل المناخي الفعال والمستدام سوف يُمكّن مصر من زيادة كفاءة استخدام الموارد الطبيعية وتخصيصها، والحد من آثار تغير المناخ على المواطنين والشركات ومؤسسات الأعمال، فضلاً عن تعزيز قدرة مصر على المنافسة في الأسواق العالمية.
وأشار التقرير إلى أن التقديرات وجدت أن مصر قد تواجه خسارة في إجمالي الناتج المحلي تتراوح بين 62 بالمئة بحلول عام 2060 إذا لم تبذل جهودا مستدامة للتصدي لتحديات تغير المناخ، فعلى سبيل المثال، تبلغ تكلفة تلوث الهواء على الصحة وحدها نحو 1.4 بالمئة من إجمالي الناتج المحلي لمصر في عام 2017، وفقا للتقديرات.
وكان تقرير المناخ والتنمية الصادر عن مجموعة البنك الدولي في عام 2022، بشأن مصر قد ساعد على توجيه الجهود الوطنية لمكافحة تغير المناخ، وإحداث نقلة نوعية في زيادة مشاركة القطاع الخاص في الاقتصاد الأخضر، وبناء على الإستراتيجية الوطنية وتقرير المناخ والتنمية، أطلقت الدولة المصرية برنامجاً رائداً، هو منصة "نوفي" (محور العلاقة بين المياه والغذاء والطاقة) لتحديد الروابط والتداخلات بين هذه القطاعات.
وتعمل هذه المنصة على تعظيم الاستفادة من الموارد، والتحول إلى البنية التحتية منخفضة الانبعاثات، وتعزيز الأمن المائي والغذائي. وفي المرحلة الأولى من إطلاقها، تركز المنصة على تسعة مشروعات ذات أولوية في قطاعات المياه والغذاء والطاقة، تم اختيارها بناء على الإستراتيجية الوطنية لتغير المناخ، وتم إضافة مشروعات النقل المستدام.
وتعليقا على ذلك، صرحت خبيرة المناخ داليا صقر، المؤسِسة والرئيسة التنفيذية لمؤسسة شيفتيرا المصرية للاستشارات قائلة: "تتطلب خطط مصر الطموحة للتحول إلى اقتصاد منخفض الكربون جهوداً كبيرة للحد من انبعاثات غازات الاحتباس الحراري، من خلال التحول إلى مصادر بديلة للطاقة، مثل الطاقة الشمسية وطاقة الرياح، ورفع كفاءة استخدام الطاقة، وغير ذلك من التدابير الأخرى، لكن على الرغم من هذه الجهود الجارية، فإن ارتفاع درجات الحرارة على مستوى العالم يمكن أن يؤدي إلى آثار كارثية، لا سيما في منطقة الدلتا، مما يستلزم اتخاذ تدابير عاجلة لحماية المواطنين من الآثار السلبية لتغير المناخ".
ويحدد بيان الموازنة العامة للدولة للسنة المالية 2024 خطة طموحة لزيادة الاستثمارات العامة الخضراء إلى 50 بالمئة من إجمالي الاستثمارات بحلول السنة المالية 2025، بناءً على ما يُقدر بنحو 40 بالمئة في السنة المالية 2024، الأمر الذي يمثل زيادة كبيرة قياسا بـ 15 بالمئة فقط في السنة المالية 2021، ويعكس التزام مصر بتوسيع نطاق المشروعات الصديقة للبيئة.
تأتي هذه الجهود في إطار إستراتيجية أوسع نطاقا لتوسيع محفظة المبادرات المستدامة في مصر التي تدفع عجلة النمو الاقتصادي وتعزز رفاهية المواطنين، وبالإضافة إلى ذلك، فإن المبادرات الوطنية التي نفذتها الحكومة مثل "حياة كريمة" و"القرية الخضراء" مصممة خصيصاً لتعزيز الاستدامة في المجتمعات الريفية، حيث من المنتظر أن تغطي مبادرة القرية الخضراء في نهاية المطاف 175 قرية، مما يعزز القدرة على الصمود وتحمل آثار المناخ من خلال تطبيق معايير البناء الأخضر وإنشاء شبكات ري حديثة.
كما تلزم اللوائح والضوابط الصادرة مؤخرا جميع الوزارات بتقديم موازناتها مع مصفوفات برامج تقدم معلومات مفصلة عن البرامج المتعلقة بالاقتصاد الأخضر، والمشروعات البيئية لضمان الاتساق مع رؤية مصر 2030.
ويمثل تمكين القطاع الخاص للقيام بدور نشط في التحوّل الأخضر أولوية قصوى في خطط العمل المناخي للحكومة، تنفيذاً لتوصيات تقرير المناخ والتنمية لمجموعة البنك الدولي، ويشمل ذلك اتخاذ خطوات لتشجيع الاستثمار في القطاعات الخضراء مثل إدارة النفايات والقمامة على نحو يؤدي إلى خفض انبعاثات الكربون وتحقيق التنمية العمرانية المستدامة، وإطلاق الطاقات الكامنة لاستثمارات القطاع الخاص المخطط لها، من خلال الحوافز والمزايا الضريبية المصممة على نحو جيد.
وقد وافقت الحكومة على إستراتيجية وطنية للهيدروجين منخفض الكربون في عام 2023، كما وافقت على قانون حوافز إنتاج الهيدروجين الأخضر، وتدشين المجلس الوطني للهيدروجين الأخضر في عام 2024 لطرح التوجيهات والإرشادات على مستوى السياسات واللوائح التنظيمية، وإزالة معوقات الاستثمار الخاص، وضمان الاتساق مع الإستراتيجيات الاقتصادية والاجتماعية للدولة .