من يخلف عباس؟.. تساؤلات وصراعات تُحيط برئاسة السلطة الفلسطينية
في ظل تعقيدات المشهد السياسي الفلسطيني والتحديات المتزايدة، أصدر الرئيس محمود عباس إعلانًا دستوريًا يحدد آلية انتقال السلطة حال شغور منصب الرئاسة.
هذا الإعلان أثار جدلًا واسعًا، خاصة مع اختيار روحي فتوح، رئيس المجلس الوطني الفلسطيني، لتولي المنصب بشكل مؤقت.
فمن هو فتوح؟ وما الذي يعنيه هذا القرار لمستقبل السلطة الفلسطينية؟ في هذا التقرير نستعرض التفاصيل خلف هذا الإعلان، ونسلط الضوء على شخصية فتوح ودوره السياسي، مع قراءة قانونية وسياسية لأبعاد القرار وانعكاساته المحتملة.
روحي فتوح: الوجه البارز لرئاسة السلطة الفلسطينية المؤقتة
أصدر الرئيس الفلسطيني محمود عباس إعلانًا دستوريًا يقضي بتولي رئيس المجلس الوطني الفلسطيني، روحي فتوح، منصب رئيس السلطة الوطنية "مؤقتًا" في حال شغور منصب الرئاسة.
وقال في الإعلان الدستوري أنه جاء إيمانا ووعيا منا بهذه المرحلة الدقيقة من تاريخ الوطن والقضية الفلسطينية، ووفاء بمسؤوليتنا التاريخية والدستورية في حماية النظام السياسي الفلسطيني وحماية الوطن، والحفاظ على سلامة أراضيه وكفالة أمنه، وما يعيشه اليوم من أزمة سياسية واقتصادية تتمثل فيما يتكبده شعبنا بفعل حرب الإبادة من تهديد وجودي يمس كافة جوانب الحياة في فلسطين.
وإيماناً منا بأن كرامة الوطن ما هي إلا انعكاس لكرامة كل فرد من أفراده، الذي هو أساس بناء الوطن، وبأن حرية الإنسان وسيادة القانون وتدعيم قيم المساواة والديمقراطية التعددية والعدالة الاجتماعية هي أساس الشرعية لأي نظام حكم يقود البلاد للفترة المقبلة من تاريخ شعبنا".
يأتي هذا القرار في ظل غياب المجلس التشريعي الفلسطيني، حيث ينص القانون الأساسي على أن رئيس المجلس الوطني يتولى الرئاسة المؤقتة لمدة لا تتجاوز 90 يومًا، تجرى خلالها انتخابات حرة ومباشرة لاختيار رئيس جديد.
من هو روحي فتوح؟
ولد روحي فتوح عام 1949 في قرية برقة جنوب قطاع غزة، وعاش تجربة اللجوء مع عائلته في مدينة رفح. التحق بصفوف حركة فتح عام 1968، وشغل مناصب عدة في الثورة الفلسطينية، منها التدريب العسكري في الأردن والعراق.
حصل على بكالوريوس في اللغة الإنجليزية من جامعة دمشق وماجستير في العلوم السياسية، ما أهّله لشغل أدوار قيادية داخل الحركة.
المسيرة السياسية والمناصب
يُعتبر فتوح أحد أبرز قيادات حركة فتح، حيث انتُخب عضوًا في المجلس الثوري للحركة عام 1989، وواصل صعوده السياسي حتى أصبح عضوًا في المجلسين المركزي والوطني.
شغل منصب رئيس المجلس التشريعي الفلسطيني عام 2004، وتولى رئاسة السلطة الفلسطينية مؤقتًا بعد وفاة الرئيس ياسر عرفات لمدة 60 يومًا.
خلال مسيرته، تقلّد فتوح مناصب حكومية، منها وزير الزراعة في حكومة أحمد قريع، كما تم اختياره لاحقًا رئيسًا للمجلس الوطني الفلسطيني منذ عام 2022.
محطات جدلية في حياة فتوح
لم تخلُ مسيرة فتوح من الجدل، إذ اتُهم في عام 2008 بتهريب آلاف الهواتف المحمولة عبر سيارة تابعة له من الأردن إلى الضفة الغربية. ورغم حصوله على البراءة لاحقًا، أثارت القضية تساؤلات حول استغلاله نفوذه.
كما خضع لمحاكمة على خلفية استغلال بطاقة VIP الممنوحة لقيادات السلطة.
الإعلان الدستوري وتأثيراته السياسية
جاء إعلان الرئيس عباس الأخير في سياق نقاشات دبلوماسية وضغوط دولية تهدف إلى ضمان انتقال سلس للسلطة الفلسطينية.
وبحسب مصادر مقربة، ناقش عباس القرار مع قادة إقليميين ودوليين، بينهم ملك الأردن والرئيس المصري، لتجنب حدوث فراغ سياسي.
هذا التحرك يعكس حرص القيادة الفلسطينية على استباق أي أزمة قد تنجم عن غياب الرئيس، خاصة في ظل التحديات السياسية التي تواجهها السلطة. ومع ذلك، يثير القرار جدلاً حول مدى دستوريته، إذ يرى خبراء أن عباس تجاوز الإطار القانوني الأساسي، واصفًا القرار بأنه "حل للرجل الواحد".
تحديات المرحلة المقبلة
يرى مراقبون أن اختيار المجلس الوطني، بقيادة روحي فتوح، يعكس رغبة عباس في تجنب تعيين شخصيات مثيرة للجدل داخل حركة فتح. مع ذلك، قد يفتح هذا الاختيار الباب أمام صراعات داخلية على منصب الرئاسة.
كما أشار محللون إلى صعوبة إجراء انتخابات حرة في ظل الانقسام الفلسطيني الراهن بين الضفة الغربية وقطاع غزة.
ضغط دولي لضمان الاستقرار
تتزايد الضغوط الدولية على القيادة الفلسطينية لضمان استمرارية السلطة في حال شغور المنصب الرئاسي.
يُنظر إلى تدخل الولايات المتحدة والسعودية على أنه محاولة لضمان بقاء الوضع السياسي الفلسطيني تحت السيطرة، خاصة مع الحديث عن إمكانية توسيع نفوذ السلطة ليشمل قطاع غزة.
إعلان دستوري أم بداية صراع؟
يُثير قرار عباس تساؤلات حول مستقبل المشهد السياسي الفلسطيني، حيث يرى البعض أنه خطوة ضرورية لتجنب فراغ دستوري، فيما يعتبره آخرون تجاوزًا للقانون الأساسي.
وبينما يُعِد فتوح نفسه لتحمل مسؤولية الرئاسة المؤقتة، يبقى السؤال حول ما إذا كان هذا القرار سيؤدي إلى الاستقرار أم إلى تصعيد الصراعات داخل أروقة السياسة الفلسطينية.