مقترح مدني لوقف حرب السودان.. عملية نيون بسويسرا تدعو لتفكيك نظام البشير
أقامت قوى سياسية ومدنية وحركات مسلحة في السودان، اتفاقاً لإنهاء النزاع وتسهيل توصيل المساعدات الإنسانية، بالإضافة إلى إنشاء جيش موحد، حيث تم التوصل إلى هذه الوثيقة في مدينة "مونترو" السويسرية يوم الجمعة وتم الإعلان عنها يوم السبت.
وتنص الوثيقة المعروفة باسم "عملية نيون" (وهى منطقة في مونترو) على ضرورة تشكيل جبهة مدنية واسعة من أجل إنهاء الحرب وتفكيك "نظام الثلاثين من يونيو 1989" (نظام الإنقاذ الوطني)، وتسليم المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية (في إشارة إلى الرئيس السابق عمر البشير ومساعديه)، بالإضافة إلى بناء مسار سياسي موحد يتفق عليه، على أن يقدم للأطراف غير المشاركة في اجتماعات سويسرا للتوافق بشأنه. عُقدت في مونترو الاجتماعات المكثفة بين 25 و28 نوفمبر، حيث جمعت قوى سياسية ومدنية وعسكرية سودانية، وتم تنسيقها من قبل منظمة فرنسية، وذلك كجزء من سلسلة اجتماعات سابقة في القاهرة وجنيف.
محادثات سويسرا: إعلان عن إنهاء الحرب وتأسيس جيش سوداني موحد.. نص على حل نظام الإنقاذ وتسليم البشير ومساعديه للمحكمة الجنائية الدولية
وأعلنت قوى سياسية ومدنية وحركات مسلحة في السودان عن توافق بشأن اقتراح "إعلان مبادئ وأسس وآليات الحل السياسي الشامل للأزمة الوطنية"، والذي يتضمن إنشاء جبهة مدنية واسعة لإنهاء الحرب وتوصيل المساعدات الإنسانية، بالإضافة إلى تفكيك نظام الثلاثين من يونيو (الإنقاذ الوطني)، وتسليم المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية، وإطلاق عملية شاملة للعدالة الانتقالية، وبناء مسار سياسي موحد يتفق عليه. كما سيتم عرض هذا المقترح على القوى التي لم تشارك في هذه الاجتماعات بغرض الوصول إلى توافق حوله.
وشهدت مدينة "مونترو" السويسرية خلال الفترة من 25 إلى 28 نوفمبر الحالي، اجتماعات غير رسمية مكثفة بين قوى سياسية ومدنية وعسكرية سودانية، قامت بتنظيمها منظمة "بروميديشن" الفرنسية.
وتأتي هذه الاجتماعات امتدادًا لسلسلة من اللقاءات التي عُقدت في القاهرة وجنيف، وآخرها في العاصمة المصرية في أكتوبر الماضي، حيث توصل المشاركون إلى توصية تهدف إلى توحيد الجبهة المدنية، والتي وقع عليها المشاركون باستثناء الحركات المسلحة من دارفور التي تدعم الجيش.
القوى المشاركة
عقد اجتماع مونترو تجمعًا بين قوى سياسية مؤيدة للجيش في معركته ضد قوات الدعم السريع في السودان، وأخرى تعارض الحرب، ومن أبرزها تنسيقية القوى الديمقراطية المدنية "تقدم" وبعض مكونات ما يُعرف بتحالف قوى إعلان الحرية والتغيير "الكتلة الديمقراطية" التي تدعم الجيش.
شاركت في اجتماعات مونترو قوى سياسية ومدنية وحركات مسلحة، بالإضافة إلى قوى مجتمعية أخرى، من أبرزها حزب "الأمة القومي" برئاسة نائبة الرئيس مريم المهدي ومساعد الرئيس صديق المهدي، وحزب "الاتحادي الديمقراطي" برئاسة نائب رئيس الحزب جعفر الميرغني، وحزب "التجمع الاتحادي" بزعامة رئيسه بابكر فيصل، وحزب "المؤتمر السوداني" برئاسة عمر الدقير.
كما شارك في الاجتماعات كل من حزب "البعث القومي" برئاسة أمينه العام كمال بولاد، و"الحركة الشعبية لتحرير السودان – شمال" ومثّلتها سلوى آدم بنية، وإبراهيم آدم عن "حركة تحرير السودان" التي يقودها عبد الواحد محمد النور، ورئيس "حركة تحرير السودان – المجلس الانتقالي" الهادي إدريس، وحزب "المؤتمر الشعبي" برئاسة دكتور علي الحاج، ومثّله جمال عبد العال، بالإضافة إلى تنظيمات وقوى مدنية وسياسية وشخصيات وطنية مستقلة.
وثيقة «عملية نيون»
حثت الوثيقة المسماة "عملية نيون" (التي تعود إلى ضاحية في مونترو السويسرية) أطراف النزاع على العودة إلى طاولة المفاوضات بسرعة، بهدف إنهاء الأعمال العدائية بشكل فوري، ولتنفيذ التزاماتها المحددة في "إعلان جدة الإنساني".
كما دعت الدول كافة إلى الامتناع عن أي تصرف قد يؤدي إلى إطالة أمد الحرب، وإنشاء "آلية" للمراقبة والرصد والإبلاغ، وتعزيز الترتيبات الرسمية لوقف إطلاق النار.
وحددت الوثيقة مبادئ الحل السياسي التي ترتكز على وحدة السودان، وبناء دولة مدنية ديمقراطية محايدة تأخذ مسافة متساوية من الأديان والثقافات والهويات، وتعكس مكونات البلاد، وذلك وفق أسس العدالة وسيادة القانون، وجعل المواطنة أساس الحقوق والواجبات، بالإضافة إلى الاعتراف بالتنوع، وعدم التمييز على أساس العرق أو الدين أو اللون أو اللغة أو الجهة.
ونصت وثيقة مقترح إعلان مبادئ الحل السياسي على ضرورة اتفاق القوى السياسية والمدنية على تبني "عملية سلام" شاملة وموحدة، تتزامن مع المسارات الإنسانية والعسكرية والأمنية والسياسية، بالإضافة إلى تشكيل هيكل تنسيقي يضمن التناغم والتنسيق بين فاعليات هذه المسارات المختلفة.
ودعت إلى بدء المسار السياسي في أقرب وقت ممكن، وعدم ربط تقدم العملية السياسية بالمسارات الأخرى الأمنية والعسكرية، وعقد "منتدى" حوار سوداني يحقق عملية سياسية متفق عليها تعالج جذور الأزمة الوطنية، شرط أن تتبنى الدولة برامج شاملة لإصلاح النسيج الاجتماعي والتعافي الوطني، والتعامل مع آثار الحرب الاجتماعية.
وتبنى المجتمعون بدء عمليات شاملة لإعادة الإعمار والبناء وإصلاح المؤسسات الحكومية، وعلى رأسها الجهاز القضائي والخدمة المدنية. وتم مراعاة مبدأ التمييز الإيجابي، بالإضافة إلى تضمين حقوق الأفراد ذوي الاحتياجات الخاصة في جميع مشروعات الدولة وخطط التنمية، وفقاً للمعايير الدولية.
تشديد على «جيش واحد»
وأبرزت القوى السياسية والمدنية في البيان أهمية إنشاء جيش قومي مهني موحد لا يتدخل في الأمور السياسية، وتأسيس نظام حكم فيدرالي يعترف بالحق الأساسي للأقاليم في إدارة شؤونها السياسية والاقتصادية والثقافية.
كما أكدت ضرورة إدراج قضايا المرأة في العملية السياسية، وتعزيز جهود صنع السلام وضمان المشاركة العادلة للنساء في بناء مؤسسات تحقق العدالة النوعية والمساواة في الحقوق والواجبات.
وتنص عملية "نيون" على بدء عملية شاملة للعدالة الانتقالية، تضمن محاسبة الجناة عن الجرائم التي ارتكبت منذ انقلاب 30 يونيو 1989 وتفكيك النظام، وإنهاء السيطرة على الدولة، واستعادة الأموال والممتلكات العامة المنهوبة، والتحول من دولة الحزب إلى دولة الوطن، وتسليم المطلوبين للمحكمة الجنائية الدولية، بما في ذلك الرئيس الأسبق عمر البشير ووزير دفاعه ووزير داخليته، ومحاسبتهم على جرائم الحرب التي وقعت في 15 أبريل، وتحقيق العدالة للضحايا وإنصاف المظلومين.
وتعهدت القوى السياسية بتبني سياسة خارجية متوازنة ترتكز على المصالح الوطنية، وتعزيز التعاون الإقليمي والدولي في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والأمنية، مع الالتزام بمبدأ حسن الجوار للحفاظ على الأمن الإقليمي والدولي والتعاون في مكافحة الإرهاب والجرائم العابرة للحدود.