بعد حلب.. عودة التصعيد في حماة
تحركات دولية شهدتها الساعات الأخيرة، إزاء تطورات الأوضاع في سوريا بعد تقدم فصائل المعارضة المفاجئ والسريع وسيطرتها على أجزاء واسعة من شمال سوريا، بما فيها مدينة حلب ثاني كبرى المدن السورية والعاصمة الاقتصادية للبلاد.
استمرار المعارك في الأراضي السورية
تشهد المدينة السورية “حلب” تطورات متسارعة تعكس حالة من التصعيد العسكري والسياسي، باعتبارها مركزاً محتملاً لتحولات استراتيجية قد تعيد رسم ملامح النزاع السوري.
وتخوض قوات الجيش السوري اشتباكات عنيفة بمختلف الأسلحة مع التنظيمات الإرهابية المسلحة على محور جبل زين العابدين شمال شرقي مدينة حماة ومحور الريف الشمالي الغربي للمدينة.
شن الجيش السوري "هجوما معاكسا" في محافظة حماة وسط سوريا، فيما أعلن تأمين مدينة حماة بنحو 20 كلم بعد مقتل أعداد من عناصر التنظيمات المسلحة وتدمير آلياتهم.
وأسفرت الاشتباكات عن سقوط عدد من القتلى بين صفوف الفصائل المسلحة بقيادة هيئة تحرير الشام "جبهة النصرة سابقا" وقدر التليفزيون السوري أن هناك 1600 قتيل من الفصائل، وأوضح أن الاشتباكات العنيفة مستمرة على عدة محاور بريف حماة، مع تراجع للتنظيمات المسلحة، حيث تتركز الاشتباكات بريف حماة الشمالي والشرقي.
أما في الريف الغربي تتحصن قوات الجيش بشكل كبير في بلدة السقيلبية، كما سمعت أصوات انفجارات ضخمة في المنطقة ناجمة عن ضربات جوية عنيفة على مواقع التنظيمات وخطوط إمدادها لوقف تقدمها باتجاه مدينة حماه.
وتقدمت وحدات الجيش السوري بريف حماة الشمالي الشرقي، بمسافة تزيد عن 15 كم من المدينة، تزامناً مع استمرار وصول التعزيزات العسكرية إلى محاور ريف المحافظة الشمالية والشمالية الشرقية والغربية. وفيما يبدو أفشل الجيش السوري هجوم التنظيمات المسلحة على مدينة حماة وأمّن النقاط التي تقدم إليها بريف حماة الشمالي الشرقي، بمسافة تزيد عن 20 كم من المدينة. وتمكن من استعادة بعض المناطق من قوات المعارضة السورية، في محيط مدينة حماة إثر هجوم معاكس .
وكشفت قوات سوريا الديمقراطية "قسد" عن إحباط عملية تسلل للتنظيمات المسلحة، بين قريتي الصيادة والدندنية في الريف الشمالي الغربي لمدينة منبج.
وفي دير الزور، شنت مقاتلات أميركية ضربات جوية استهدفت مواقع تعود للمليشيات الموالية لإيران في مناطق الجلاء والغبرة والسيال وحسرات والحزام الأخضر ضمن منطقة البوكمال، بالتزامن مع استمرا الاشتباكات بين مجلس دير الزور العسكري التابع لقسد والفصائل الموالية لإيران في القرى السبع، في محاولة للسيطرة عليها وإنهاء الوجود الإيراني شرقي الفرات.
ووسط دعوات لوقف التصعيد والقتال والعودة للمسار السياسي، نشطت اتصالات إقليمية ودولية بين العواصم الإقليمية والدولية، لا سيما أنقرة وطهران وموسكو:
إيران
إيران تحاول الحفاظ على نفوذها في سوريا حيث قال رئيس أركان الجيش الإيراني اللواء محمد باقري إن توقيت هجمات المسلحين في سوريا المتزامن مع وقف إطلاق النار في لبنان، مؤامرة صهيو - أمريكية لإضعاف سوريا وحلفائها ومحور المقاومة، وجاءت تصريحات اللواء باقري خلال اتصالات هاتفية منفصلة أجراها الثلاثاء مع وزير الدفاع الروسي أندريه بيلاوسوف، ورئيس أركان الجيش العراقي الجنرال عبد الأمير رشيد يار الله، ورئيس أركان الجيش السوري العماد عبد الكريم محمود إبراهيم. واستعرض رئيس أركان القوات الإيرانية خلال الاتصالات آخر التطورات الإقليمية وخاصة هجمات المسلحين على مناطق في سوريا.
وقال باقري إن هجوم الجماعات الإرهابية التكفيرية في سوريا يمثل الخطوة الأولى في سيناريو خطير للمنطقة"، وأضاف أن "تزامن هذه الهجمات مع وقف إطلاق النار الهش للكيان الصهيوني مع لبنان، يعكس مؤامرة منسقة أمريكية - عبرية لإضعاف سوريا وحلفائها ومحور المقاومة"، ووفق ما نقلته وكالة "إرنا" الإيرانية، أكد الجميع على دعم الحكومة في سوريا واتفقوا على اتخاذ الإجراءات اللازمة لحماية الجيش السوري.
تركيا
تعتبر تركيا عنصر أساسي في البحث عن حلول، ولكنها في نفس الوقت تمثل أيضًا جزءًا من الأزمة، حيث أن "هيئة تحرير الشام"، المصنفة كجماعة إرهابية على المستويين الدولي والتركي، بدأت عملياتها في المناطق المحمية من قبل تركيا، بما يشير إلى أن تركيا ليست جهة محايدة، بل جزء من المشكلة. ووفقا لاتفاقيات سوتشي وآستانا تُعتبر تركيا الضامن لوقف إطلاق النار، وبالتالي لا يمكن اتخاذ أي خطوات في هذه المناطق دون موافقتها غير المباشرة.
روسيا
أعلن نائب رئيس مركز المصالحة الروسي في سوريا أولية إغناسيوك أن الجيش السوري بدعم من القوات الجوية الروسية قضى على ما لا يقل عن 100 إرهابي و12 دبابة في محافظات حلب وحماة وإدلب.
وقال "يواصل الجيش السوري، بمساعدة القوات الجوية الروسية، عملية صد العدوان الإرهابي في محافظات إدلب وحماة وحلب، وخلال الـ 24 ساعة الماضية، تم تنفيذ هجمات صاروخية على أماكن تجمعات المسلحين".
وأكد أنه تم القضاء على ما يصل إلى 100 إرهابي، وتم تدمير نقاط المراقبة وملاجئ المسلحين ومواقع أنظمة الصواريخ المضادة للطائرات وأنظمة إطلاق الصواريخ المتعددة ومستودعات الذخيرة والأسلحة والمعدات العسكرية". كما ذكر أنه تم تدمير "12 دبابة ومركبتين من طراز MLRS و27 آلية وثلاثة مدافع هاون ومركز تحكم ومستودع ذخيرة".
أمريكا
أعلنت وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاجون) تنفيذ ضربة استهدفت أنظمة أسلحة في شرق سوريا، وقالت الوزارة الأمريكية إن الضربة لا علاقة لها بالتقدم الحالي الذي تحرزه المعارضة في البلاد.
وقد ضرب الجيش الأمريكي أنظمة أسلحة تشمل ثلاث منصات إطلاق صواريخ متحركة ودبابة من طراز تي-64 بعد إطلاق قذائف باتجاه القوات الأمريكية في موقع الفرات للدعم العسكري، يذكر أن نحو 900 جندي أمريكي يتواجدون في سوريا، يركزون على مواجهة مسلحي تنظيم الدولة الإسلامية.
وتشير تلك التطورات والتدخلات إلى أن الأزمة السورية بكل تعقيداتها سوف تشهد مزيد من المواجهات بسبب تشابك وتضارب المصالح بين دول المنطقة واسرائيل والصراع على النفوذ بين الولايات المتحدة الأمريكية وروسيا بما يؤثر فعليا على تطورات الأوضاع العسكرية والسياسية والحل السياسي للأزمة السورية.