الشرق الأوسط على صفيح ساخن.. تحديات ترامب في بداية ولايته الثانية
مع عودة دونالد ترامب إلى البيت الأبيض خلال أسابيع قليلة، يجد الرئيس الأمريكي المنتخب نفسه أمام إرث ثقيل من التوترات والأزمات المتصاعدة في الشرق الأوسط، منطقة لا تزال تعج بالتحديات السياسية والعسكرية المعقدة.
وفقًا لتقرير نشره موقع "أكسيوس" الأمريكي، تُعد الأوضاع المضطربة في الشرق الأوسط واحدة من أبرز الملفات التي ستستحوذ على اهتمام إدارة ترامب منذ اللحظة الأولى، على الرغم من تصاعد المواجهات التكنولوجية والعسكرية مع الصين في منطقة المحيطين الهندي والهادئ.
التوترات في الشرق الأوسط: ملفات ساخنة بانتظار الحل
تظل منطقة الشرق الأوسط محورًا للعديد من الأزمات المستعصية، مع استمرار الصراعات التي تهدد الاستقرار العالمي. تشمل أبرز هذه التحديات:
1. الأزمة السورية
تستمر المعارك في سوريا وسط محاولات روسية للحفاظ على نفوذها. في هذا السياق، تحتفظ الولايات المتحدة بنحو 900 جندي هناك، مما يعكس استمرار الاهتمام الأمريكي بالملف السوري.
2. الحرب في غزة
شهدت غزة منذ أكتوبر الماضي أشهرًا من التصعيد العسكري، ما وضع العلاقات الأمريكية-الإسرائيلية على المحك، خصوصًا مع مطالبات بالشفافية حول استخدام الأسلحة الأمريكية.
3. الأوضاع في اليمن
أثارت الهجمات التي شنها الحوثيون مخاوف عالمية بشأن أمن حركة الشحن البحري، مما سلط الضوء على التحديات التي تواجه البحرية الأمريكية في المنطقة.
4. الملف الإيراني
تستمر إيران في تطوير برنامجها النووي، وسط تصعيد في استخدام الطائرات المسيرة والصواريخ، على الرغم من نجاح الدفاعات الجوية في اعتراض معظمها.
استراتيجية ترامب: مقاربة مختلفة أم تكرار للسياسات؟
تستعد إدارة ترامب لتبني نهج جديد يعتمد على توظيف شخصيات عسكرية ذات خبرة واسعة في مكافحة الإرهاب، مثل بيت هيغسيث وتولسي جابارد. يشير المحللون إلى أن هذا الاختيار يعكس رغبة ترامب في مواجهة الأزمات بصرامة، مع التركيز على تقنيات الدفاع الجوي والطائرات بدون طيار، التي أصبحت ضرورة في الشرق الأوسط.
في تصريحات حديثة، هدد ترامب بـ"ثمن باهظ" في حال عدم إطلاق سراح الرهائن المحتجزين لدى حماس قبل تنصيبه. ويُظهر هذا التصريح استعداد ترامب لاتخاذ مواقف حاسمة قد تؤثر على ديناميكيات الصراع في المنطقة.
رؤية متباينة بين الصين والشرق الأوسط
في الوقت الذي يرى فيه البعض أن تركيز واشنطن يجب أن ينصب على مواجهة الصين، يجادل آخرون بأن المصالح الأمريكية لا يمكن فصلها عن الشرق الأوسط. يشير السيناتور ليندسي غراهام إلى أن ترامب يمثل قوة ردع كبيرة، مضيفًا: "إذا كنت شخصًا سيئًا ولا تخاف من ترامب، فأنت شخص غبي."
من جانبه، أكد تقرير "أكسيوس" أن إعطاء الأولوية لمنطقة على حساب أخرى يمثل افتراضًا خاطئًا، خاصة وأن التحديات الأمنية في الشرق الأوسط ترتبط بشكل مباشر بالمصالح الأمريكية العالمية.
هل تنجح مقاربة ترامب؟
مع اقتراب دخوله البيت الأبيض، سيواجه ترامب قرارات صعبة بشأن كيفية موازنة مواقفه الانعزالية مع التحديات الإقليمية في الشرق الأوسط. وبينما يرى البعض أن عودته قد تعيد التوازن المفقود في المنطقة، يحذر آخرون من أن سياساته قد تعمق الأزمات بدلًا من حلها.
تبقى الأسابيع المقبلة حاسمة في تشكيل مستقبل المنطقة، حيث يترقب العالم كيف ستتعامل إدارة ترامب مع هذا الإرث الثقيل من التوترات والصراعات
وكان الرئيس الروسي فلاديمير بوتين، أعرب في وقت سابق، عن "استعداده لاستئناف التواصل" مع ترامب، بعد فوزه بـ الرئاسة الأمريكية، موجهًا إليه التهنئة بذلك.
وتابع بوتين: "تأثرت بسلوك ترامب أثناء محاولة اغتياله، انه رجل شجاع، لقد كان لديَّ انطباع أنه تعرض لتنمر خلال ولايته الأولى".
أوكرانيا
- تطمح لاستعادة حدودها التي سبقت عام 2014، بما يشمل مناطق شرقي البلاد مثل دونيتسك ولوغانسك، إضافة إلى شبه جزيرة القرم.
- تسعى للانضمام إلى حلف شمال الأطلسي (الناتو) أو الحصول على ضمانات أمنية صارمة من حلفائها لمنع تكرار الهجوم الروسي.
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي حذر من أن أي تجميد للصراع دون موقف قوي لأوكرانيا يعني أن "بوتين سيعود في غضون أعوام قليلة لتدميرنا بالكامل".
كما قدم زيلينسكي خطة من 10 نقاط تشمل قضايا رئيسية، مثل:
- انسحاب القوات الروسية.
- استعادة الحدود الأوكرانية.
- معاقبة مرتكبي جرائم الحرب.
- حماية البيئة وضمان الأمن الغذائي والطاقة.
روسيا
على الجانب الآخر، تتمسك موسكو بشروطها لإنهاء الحرب، والتي تشمل:
- انسحاب أوكرانيا من المناطق التي تطالب بها روسيا.
- التخلي عن الانضمام إلى الناتو.
- التحول إلى دولة محايدة.
- ضمان حقوق الناطقين بالروسية في أوكرانيا.
المتحدث باسم الكرملين دميتري بيسكوف أكد أنه "لا بديل عن تحقيق أهداف روسيا بالكامل، وستكتمل العملية العسكرية بمجرد تحقيقها".
خطط السلام المقترحة: فرص وإنذارات
خطة ترامب
ترامب أعلن عن تعيين كيث كيلوغ مبعوثًا خاصًا للتفاوض على هدنة بين كييف وموسكو. خطة كيلوغ تتضمن:
- تقديم إنذار للطرفين لإجبارهما على التفاوض.
- استمرار الدعم العسكري الأمريكي لأوكرانيا إذا قبلت بالمفاوضات.
- تعليق عضوية أوكرانيا في الناتو مقابل اتفاق أمني.
لكن مراقبين يرون أن روسيا قد ترفض هذه الخطة ما لم تُلَبِّ مخاوفها الأمنية.
الخطة البرازيلية-الصينية
في مايو الماضي، طرحت الصين والبرازيل مبادرة تدعو إلى:
- تجميد القتال دون تصعيد أو استفزازات.
- عقد مؤتمر دولي للسلام.
- تقديم مساعدات إنسانية وتبادل الأسرى.
زيلينسكي وصف الخطة بأنها "مدمرة"، في حين أبدت روسيا اهتمامًا مشروطًا بها، مع التشكيك في إمكانية تطبيقها.
نماذج أخرى للحل
- نموذج إسرائيل: يقضي بمنح أوكرانيا دعمًا عسكريًا ودبلوماسيًا من الغرب دون الانضمام للناتو. لكن هذا الحل يترك كييف معرضة لهجمات مستقبلية.
- نموذج ألمانيا: يقترح تقسيم أوكرانيا إلى مناطق غربية متحالفة مع الناتو وشرقية خاضعة للسيطرة الروسية، وهو خيار يدعمه بعض السياسيين الأوروبيين، لكنه يواجه رفضًا أوكرانيًا وروسياً.
- نموذج فنلندا: يعتمد على حياد أوكرانيا وتقديم تنازلات إقليمية مقابل إنهاء النزاع، لكنه قوبل بانتقادات واسعة، خاصة من الجانب الأوكراني.
بعد 30 شهرا على حرب أوكرانيا.. روسيا «مهددة» بظاهرة اقتصادية «مؤلمة»
مخاوف متصاعدة من أن يضرب الخطر المزدوج المتمثل في تباطؤ النمو وارتفاع التضخم (أو الركود التضخمي) اقتصاد روسيا هذا العام، إذ تؤدي الحرب الأوكرانية إلى تفاقم تباطؤ تعافي الاقتصاد.
في السنوات الأخيرة ارتفع سعر الخبز في روسيا إلى حد بات أوليغ إيفانوفيتش مضطرا إلى الاستغناء عنه في بعض الأيام، لكنه يبدي استعداده للقيام بتضحيات مع استمرار الحرب الروسية الأوكرانية.
وقال المتقاعد البالغ 67 عاما لوكالة فرانس برس في موسكو "إننا نتعايش مع هذا الأمر، وحين تنتهي العملية العسكرية الخاصة ستعود الأسعار إلى مستواها الاعتيادي".
والتضخم الحاد الذي تخطى 9% في أغسطس هو من النتائج المباشرة للحرب الروسية الأوكرانية التي مر على انطلاقها خلال سنتين ونصف سنة.