مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

وعد الطائي يكتب: بغداد بعيون عشاقها

نشر
الأمصار

بالتأكيد من يعيش هنا في بغداد، يعتبر الموضوع عادي جداً، أما جيل ما بعد الألفية الثانية، فهم أيضاً لديهم الموضوع عادي أو غير مهم بالمطلق، وطبعاً من ينل بهذه المناطق القديمة من بغداد بالنسبة له شيء مضحك أن ينشر عراقي صور هذه الأماكن ويكتب عنها وترافق ضحكته جملة (اهوووو باع هذا البطران لو ليفيك) هذه بالعراقي وتعني هذا شخص يُحب الاستعراض !!

وهذه الأماكن هي تأريخ بغداد بأخر 200 سنة يمكن لأنه لم يبقى شيء من القديم فقط باب القشلة والمدرسةِ المستنصرية لكن لجيلي وجيل ماقبل جيلي طبعاً أكثر معنى آخر، وذكريات حزينة ومضحكة ومؤلمة كثيرة وعميقة عبارة عن خليط عجيب غريب.

هذه المناطق قبل مجيء المولات والمناطق الجديدة بمناطق بغداد في المنصور والكرادة وزيونة وووالخ كانت هي العصب الوحيد للتجارة والسلع ببغداد يعني أي شيء ترغب به تجده (تعثر عليه) فقط بهذه الأماكن وصعب جداً تجدها بغير مكان أبداً في بغداد. فكان المواطن المقيم ببغداد وأيضاً من البغادلة الأصليين وقاصدين بغداد من المحافظات وخارج العراق يتواجدون بهذه الأماكن على مدار السنة منها تبضع ومنها تجارة ومنها سياحة ومنها استمتاع بالأكلات الشعبية التي كانت مميزة انذاك بشكل كبير.

بالنسبة لي عشت أجمل أيام الطفولة بهذه المناطق كنت أزورها طبعاً مع الأهل أو خوالي واتذكر كل شارع وزاوية ودربونة ورصيف.

كانت عربة الخيل (الحنطور) نلف بها بشارع الرشيد بدرهمين فقط والجاكي يرتدي الجراوية على رأسه وصاية ويمزح ويضحك، والمصلحة وهي الباص الإنكليزي الأحمر ذو طابقين تمر بالقرب منك ترى الناس هادئة وحركة سير بطيء محلات عامرة وجوه طيبة تخرج من لسانهم كلمات كلها احترام وخجل ممزوج بضحكات طيبة، وطبعاَ بعيداً عن العراقيين كان موجود عرب من مصريين وفلسطينيين ولبنانيين بكثرة وكان أيضاً كوريين وصينيين وهؤلاء ليسوا سياح بل ناس تعيش هنا ولديهم محلات وجنابر بسطيات كان الموضوع عادي جداً تقابل كوريين أو صينيين يبيعون ساعات واقلام وميداليات بالشارع وعلى الرصيف أو يتجولون بحقائب جلدية بين الناس.

تمر بمنطقة الكفاح ترى حياة صاخبة وسوق قوي وحركة وتجارة وفلوس، وأكراد من فئة الشباب أجسامهم قوية يعملون أعمال شاقة.

تذهب الشارع النهر ترى أمهر الخياطيين بالعراق وبغداد من عراقيين ومصريين ولبنانيين تخرج تتمشة ترى الصياغ من الصابئة ومهاراتهم الجميلة وبضاعاتهم من الهند وغيرها والفضيات الجميلة إلى تضاهي الذهب بجمالها ورقيها.

تذهب السوق العربي تنسة نفسة بين البضائع الحلوة والملابس والجلود من أحذية وأحزمة.

تطلع تستمتع بوجبة خفيفة تكة لو كباب لو تقفل على فلافل وعنبة هندية أم الباخرة وياهن بطل ببسي من شركة بغداد.

كل هذه ذكريات مؤلمة لأن وضع هذه المناطق الأن يرثى لها وللأسف محد اهتم بيها وحافظ عليها من بين كل أمناء بغداد لأن ولا واحد منهم عاش بيها ومر بهذه الأزمان الحلوة وشاف هذه الصور والناس بعينة ومشى وأكل وضحك واتونس واشترة بيناتهم ولا قطع نهر دجلة بقارب قديم أو جديد لأن هنة نفسهن بقن متغير شي للأسف.

البارحة أمشي وأفكر بالناس بهذه المناطق اكول شلون كلشي بالحياة تغير الة همة ومناطقهم فقط السيارات صارت جديدة.

“نصيحة كبة السراي بالمتنبي بس برغل ومطيبة”.