عقب سقوط الأسد.. إلى أين يتجه مصير العلويين؟

في فجر يوم الأحد الثامن من ديسمبر/ كانون الأول 2024، أعلنت هيئة تحرير الشام، بقيادة أحمد الشرع المعروف بأبو محمد الجولاني، السيطرة على العاصمة السورية دمشق وإسقاط نظام الرئيس بشار الأسد.
ونقلت وكالة تاس الروسية عن مسؤول في محافظة اللاذقية قوله إن "المعارضة تسيطر كليا على محافظتي طرطوس واللاذقية".
وأضاف أن "القوات المسلحة للمعارضة لم تقم ولا تعتزم اقتحام القواعد العسكريّة الروسية، الّتي لا تزال تعمل بشكل طبيعي".
وعقب سقوط نظام العلويين برئاسة بشار الأسد فإلى أين يتجه مصير العلوين
العلويون أو النُصيريون هم مجموعة دينية تعيش في بلاد الشام، وهي طائفة نشأت من الإسلام الشيعي.
ويتمركز العلويون في سوريا بشكل رئيسي على ساحل البحر الأبيض المتوسط في البلاد، في مدينتي اللاذقية وطرطوس. خارج سوريا، توجد مجتمعات علوية أصغر في تركيا (خاصة في محافظة هاتاي)، وشمال لبنان، وفي مناطق أخرى من الشرق الأوسط
يُعتقَد أن المجموعة أسَّسها محمد بن نصير في القرن التاسع، كان ابن نصير من تلاميذ الإمام الاثني عشري العاشر علي الهادي والإمام الحادي عشر الحسن العسكري، لهذا السبب يُطلَق على العلويين أيضًا اسم النصيريين

العلويين يمثلون 17.2٪ من السكان السوريين
تشير الدراسات الاستقصائية إلى أن العلويين يمثلون 17.2٪ من السكان السوريين، بزيادة من 11.8٪ في عام 2010، وهم أقلية مهمة في مقاطعة هاتاي التركية وشمال لبنان. كما يعيشون في قرية الغجر في هضبة الجولان. يشكل العلويون المجموعة الدينية المهيمنة على الساحل السوري والبلدات القريبة من الساحل، والتي يسكنها أيضًا السنة والمسيحيون والإسماعيليون. غالبًا ما يُخلط بينهم وبين العلويين، طائفة دينية متميزة في تركيا تتبع الطريقة البكتاشية.
ولا إحصاءات دقيقة لأعداد العلويين في سوريا، غير أن التقديرات تشير إلى أنهم يشكلون 12% من سكان البلاد، البالغ عددهم 23 مليون نسمة.
وعقب أحداث عام 1970، بقيادة حافظ الأسد، والد الرئيس بشار الأسد، عزز العلويون سلطتهم على المؤسسات الرئيسية والأجهزة الأمنية في سوريا.

يقول أحد شهود العيان في سوريا، إنه شاهد عناصر من هيئة تحرير الشام وهم يمرون على المنازل في طرطوس لمطالبة السكان بتسليم أي أسلحة لديهم، مما عزز لديه الشعور بالعجز والضعف.
لكنه في الوقت ذاته، يؤكد إنه لم يتعرض أو أحد من معارفه لمضايقات من أعضاء هيئة تحرير الشام.
"لا شيء يحمينا أبدا، نحن غير قادرين أن نفعل شيئاً. نشاهد ونبكي من الخوف والعجز ولأن لا مكان لنا نحتمي فيه".
رجال دين ومشايخ علويين في منطقة القرداحة
وكان قد انتشر بيانات عدة موقعة من رجال دين ومشايخ علويين في منطقة القرداحة - مسقط رأس الأسد في شمال محافظة اللاذقية - يعربون فيها عن تأييدهم "للنهج الجديد وللجيش الوطني"، كذلك "التعاون مع الهيئة والجيش الوطني الحر لبناء سورية الجديدة". كما يدعو البيان "المواطنين في المنطقة إلى عدم حمل السلاح وتسليمه "وإزالة جميع التماثيل والصور في الأماكن العامة".
وجاء هذا البيان بعد لقاء مجموعة من مشايخ الطائفة العلوية في القرداحة مع ممثلي عن هيئة تحرير الشام.
ويقول علي إن ما زاد الأمور سوءًا هو الغارات الجوية الإسرائيلية على مناطق متعددة في سوريا. يصف الوضع الحالي للعلويين بأنهم "باتوا عالقين بين مطرقة المعارضة السورية وسندان الهجمات الإسرائيلية"، على حد تعبيره.

استهداف مستودعات الذخيرة في جنوب سوريا
وبعد الإطاحة بالأسد، شنت القوات الإسرائيلية غارات كثيرة تقول وسائل إعلام سورية إنها استهدفت مستودعات الذخيرة في جنوب سوريا، تشمل مواقع بريف درعا ومحافظة القنيطرة جنوب غربي البلاد، هذا إلى جانب محيط مطار المزة العسكري في دمشق.
وبحسب وسائل إعلام إسرائيلية، تسعى إسرائيل لتدمير الأسلحة الإستراتيجية في سوريا، لتحول دون استيلاء المعارضة السورية على مخزون الأسلحة التابع للجيش السوري "خوفا من استخدامها ضدها في المستقبل".
مغادرة عدد كبير من العائلات العلوية
وعلى مدار اليومين الماضيين، غادر عدد كبير من العائلات العلوية المقيمة في العاصمة السورية دمشق باتجاه الساحل.
وتقول إحدى العائلات إنها وعائلتها غادروا دمشق بعد تردد كبير فجر الاثنين الماضي، وإنهم اضطروا للمرور بـ11 حاجزا في طريقهم من العاصمة السورية إلى مدينة جبلة باللاذقية، مشيرة إلى أنهم لم يسلموا من "العبارات الطائفية" طوال الرحلة التي استغرقت نحو 15 ساعة، وهي في المعتاد لا تتجاوز مدتها 3 ساعات.
وأضافت : "في كل حاجز كان عناصر هيئة تحرير الشام، يسألوننا هل أنتم سنة أم علويون؟ اضطررنا للقول إننا سنة، وكانت النساء منا ترتدي غطاء الشعر على طول الطريق خوفا من المعارضة".
وتصف التعامل من قبل أعضاء هيئة تحرير الشام في الغالبية الساحقة من الحواجز "بالمهين" باستثناء اثنين ممن التقوا بهم على الحواجز كانا "يتعاملان بلطف معنا". ولكن "في أغلب الوقت" كانوا يتعمدون سؤال الرجال من أفراد أسرتها عما إذا كانوا مدنيين أم عسكريين.
تقول: "سبقتنا عائلات من أصدقائنا على الطريق ومنهم من قال لنا إنهم أجبروا على ترك سياراتهم للمعارضة، حتى نحن سرقت سيارتنا، ووجه أحد أفراد المعارضة المسدس نحو رأس والدي وخيره بين البقاء في السيارة أو المغادرة، وبالفعل أخذوا سيارتنا على الطريق".
غادرت عائلات كثيرة مقيمة في أحياء ذات غالبية علوية في دمشق - مثل حي الورود- العاصمة باتجاه الساحل، وكان القرار بحسب فرح سريعا ومفاجئا.
"كنا نرى عائلات تتجه سيرا على الأقدام نحو الساحل. أخذنا ما يمكن أن نأخذه من أغراضنا في أكياس بلاستيكية".