مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

ذكرى اغتيال “سميرة موسى” التى حاربت إسرائيل بالعلم النووي

نشر
الأمصار

ولدت سميرة موسى في 3 مارس 1917 في قرية سنبو الكبرى بمركز زفتي بالغربية، وعرفت بنبوغها منذ الصغر إذ حفظت القرآن الكريم في سن مبكرة كما حصلت على المركز الأول بين قريناتها في مدراس القاهرة التي انتقل إليها والدها سعيًا وراء تعليمها.

وفي عام 1932 قامت سميرة موسى بتأليف كتاب في تبسيط مادة الجبر لزميلاتها أثناء دراستها في الصف الأول الثانوي وما لبثت أن حصلت على المركز الأول في شهادة البكالوريا.

التحقت بكلية العلوم بجامعة فؤاد الأول وتخرجت فيها سنة 1939 بتقدير امتياز مع مرتبة الشرف وكانت الأولى على دفعتها، وأوائل الدفعات يتم تعينهم كمعيدين.

إلا أنه حدث جدل في مسألة تعيينها كمعيدة في الجامعة حيث لم يكن قد تقرر بعد تعيين المرأة في هيئة التدريس وبعد إصرار عميد كلية العلوم العالم المصري الشهير الدكتور مصطفى مشرفة على تعيينها اجتمع مجلس الوزراء وأصدر قرار تعيينها في كلية العلوم كأول معيدة في تاريخ الجامعات المصرية.

بعد ذلك حصلت على شهادة الماجيستير من القاهرة بامتياز في موضوع التواصل الحراري للغازات.

سافرت إلى بريطانيا في بعثة دراسة لمدة 3 سنوات إلا إنها حصلت على الدكتوراه في أقل من عامين في موضوع الأشعة السينية وتأثيرها على المواد المختلفة فكانت أول امرأة عربية تحصل على الدكتوراه.

استغلت سميرة موسى الفترة المتبقية من البعثة في دراسة الذرة وبحثت في إمكانية استخدامها للأغراض السلمية والعلاج. كانت تأمل أن تسخر الذرة لخير الإنسان وتقتحم مجال العلاج الطبي؛ إذ كانت تقول: “أمنيتى أن يكون علاج السرطان بالذرة مثل الأسبرين”.

عاصرت سميرة موسى ويلات الحرب وتجارب القنبلة الذرية التي دكت هيروشيما وناجازاكي في عام 1945، ولفت انتباهها بعد عام 1948 اهتمام إسرائيل المبكر بامتلاك أسلحة الدمار الشامل وسعيها للانفراد بالتسلح النووي في المنطقة فكانت تحلم بأن تحتل مصر والدول العربية مكانًا بين الدول التي تمتلك سلاحا نوويا إذ كانت تؤمن بأن ملكية أية دولة لسلاح نووي يسهم في تحقيق السلام، فالدول التي تتبنى فكرة السلام لا بد وأن تتحدث من موقف قوة.

فقامت بتأسيس هيئة الطاقة الذرية بعد ثلاثة أشهر فقط من إعلان الدولة الإسرائيلية عام 1948.

كما كانت عضوًا في كثير من اللجان العلمية المتخصصة على رأسها “لجنة الطاقة والوقاية من القنبلة الذرية” التي شكلتها وزارة الصحة المصرية.

في سنة 1951 حصلت على منحة دراسية لدراسة الذرة بجامعة كاليفورنيا في الولايات المتحدة الأمريكية، وأظهرت نبوغًا منقطع النظير في أبحاثها هناك فسمح لها بزيارة معامل جامعة سان لويس بولاية ميسوري الأمريكية والتي تحاط نتائج التجارب بها بالسرية الشديدة.

تلقت عروض مغرية عدة لكي تبقى في أمريكا لكنها رفضت قائلة: “ينتظرني وطن غالى يسمى مصر”.

وفى آخر رسالة لها كتبت: “لقد أستطعت أن أزور المعامل الذرية في أمريكا، وعندما أعود إلى مصر سأقدم لبلادي خدمات جليلة في هذا الميدان، وسأستطيع أن أخدم قضية السلام” فكانت تنوى إنشاء معمل خاص لها في منطقة الهرم ..

في 15 أغسطس 1952 لقت العالمة الدكتورة سميرة موسى حتفها في الولايات المتحدة الأمريكية في ظروف غامضة.

فقبل الذهاب إلى المفاعل جاءها اتصال هاتفي بأن مرشدًا هنديًا سيكون بصحبتها في الطريق إلى المفاعل وهو طريق جبلي كثير المنحنيات وعلى ارتفاع 400 قدم وجدت سميرة موسى أمامها فجأة سيارة نقل كبيرة كانت متخفية لتصطدم بسيارتها وتسقط بقوة في عمق الوادي بينما قفز المرشد الهندي الذي أنكر المسئولون في المفاعل الأمريكي بعد ذلك أنهم أرسلوه.

ويؤكد الكثيرون احتمالية اغتيالها على يد الموساد الإسرائيلي، لسعيها لنقل تكنولوجيا الذرة من أمريكا إلى مصر والعالم العربي في تلك الفترة المبكرة.

كانت بعض الأوساط قد اتهمت الممثلة المصرية اليهودية راقيه إبراهيم، بالضلوع في عملية اغتيال عالمة الذرة المصرية سميرة موسى وهو ما تم تأكيده على يد ريتا ديفيد توماس حفيدة راقية إبراهيم من زوجها الأمريكي اليهودي الذي تزوجته عقب هجرتها من مصر سنة 1954، إذ كشفت من واقع المذكرات الشخصية لراقية إبراهيم (والتي كانت تخفيها وسط كتبها القديمة في شقتها بكاليفورنيا) عن أن جدتها قد ساهمت بشكل رئيسي في اغتيال وتصفية عالمة الذرة المصرية سميرة موسى مستغلة علاقة الصداقة التي كانت تجمعهما بها، والتي كانت تسمح لها بالذهاب لمنزلها، وتصويره بشكل دقيق.

تقول الحفيدة إن جدتها استطاعت سرقة مفتاح شقة الدكتورة سميرة موسى وطبعته على «صابونة» وأعطتها لمسئولي الموساد وبعد أسبوع قامت راقية إبراهيم باستدراج سميرة موسى للعشاء في الاوبيرج مما أتاح للموساد دخول شقة سميرة موسى وتصوير أبحاثها ومعملها الخاص.

أثناء وجود سميرة موسى في الولايات المتحدة في عام 1952 كان في استقبالها صديقة مشتركة مع راقية إبراهيم، تقول ريتا إن هذه الصديقة قامت بإخبار راقية إبراهيم بجدول مواعيد وتحركات سميرة موسى في الولايات المتحدة.

وفقًا للمذاكرات.. قامت راقية إبراهيم بإبلاغ الموساد الإسرائيلي بموعد زيارة الدكتورة سميرة موسى إلى أحد المفاعلات النووية ليتم اغتيالها في حادث سيارة في مثل هذا اليوم 15 أغسطس 1952.

ورغم مرور أكثر من ستين عامًا على رحيلها، فما زال حادث مقتلها في أمريكا محاطًا بالغموض.