لماذا أخفقت الولايات المتحدة في السيطرة على حريق لوس أنجلوس ؟
شهدت مدينة لوس أنجلوس في ولاية كاليفورنيا حرائق غابات مدمرة بدأت في 7 يناير 2025، واستمرت لعدة أيام، متسببة في خسائر بشرية ومادية جسيمة لم تشهدها الولايات المتحدة من قبل .
فشل منظومة مُكافحة الحرائق
وفي هذا الصدد ألقت صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية الضوء على فشل منظومة مُكافحة الحرائق الأمريكية في التعامل مع حرائق مدينة لوس أنجلوس في ولاية كاليفورنيا.
وأشارت الصحيفة في تقرير لها إلى أن النظام البيئي في مدينة لوس أنجلوس يتميز بالغابات الكثيفة، وتعتبر حرائق الغابات في الجبال أمرًا معتادًا كل عام، ولكن عندما انتقلت هذه الحرائق إلى الأحياء السكنية في وقت لاحق من هذا الأسبوع -ما أسفر عن مقتل ما لا يقل عن 11 شخصًا وتدمير آلاف المنازل- وجدت المدينة نفسها فجأة في مواجهة وضع كارثي.
إخفاق في التصدي لحرائق الغابات
وأوضحت الصحيفة أن السؤال الحاسم أصبح هو: لماذا لم تتمكن أكبر مدينة في ولاية كاليفورنيا، وهي ولاية أنفقت سنوات في تعزيز نفسها ضد حرائق الغابات، من إيقاف الحرائق هذه المرة، حيث كانت اللوائح الحكومية تتطلب من السكان في الأحياء عالية المخاطر أن يقوموا بإنشاء مناطق خالية من النباتات حول منازلهم، كما استثمرت الولاية مليارات الدولارات لتقليل كمية الوقود الخشبي الذي يُمكن أن تلتهمه النيران، كذلك تمتلك أكبر قوة إطفاء في البلاد، ومع ذلك، خلال بضعة أيام، اختفت المجتمعات القديمة والمعالم المحبوبة، وتُرك السكان يتساءلون عن السبب.
عوامل رئيسية لتسبب في عدم السيطرة على الحريق
وقال الخبراء إن عدة عوامل رئيسية -بما في ذلك التوسع الحضري، ومقاومة إزالة النباتات حول المنازل، ونظام المياه الذي لا يصمم للتعامل مع عدة حرائق كبرى في نفس الوقت- جعلت لوس أنجلوس عرضة للكوارث، ومع احتدام تغير المناخ، الذي يسبب درجات حرارة قياسية، مما يجعل التلال مستعدة لتصبح مواقع خصبة لاندلاع حرائق كبيرة، ساهمت هذه العوامل في الكارثة.
قال تيموثي إنجالسبي، المدير التنفيذي لمؤسسة "فاير فايتر يونيتد فور سيفتي، إيثيكس أند إيكولوجي" في ولاية أوريجون: "كان هناك الكثير مما كان يمكن ويجب القيام به، وقبل عقود من معرفتنا بتغير المناخ، كنا نعلم أن هذا النوع من التوسع الحضري يمثل مخاطرة كبيرة".
عيوب التخطيط
ولطالما كانت عيوب التخطيط التي تفاقمت بسبب حرائق الغابات مشكلة مستمرة في جنوب كاليفورنيا، والمجتمعات التي دمرتها الحرائق، مثل ألتا دينا و"باكِفيك باليسيدز"، تم بناؤها قبل عقود في سفوح الجبال التي تحترق بشكل مُتكرر، وهذه المناطق مليئة بالمنازل المنفردة الواقعة على شوارع ضيقة ومتعرجة؛ مما يجعل الدفاع عنها وإخلاءها أمرًا صعبًا.
وقالت الصحيفة إنه ما كان يعتبر خطوة خطيرة في ذلك الوقت، أصبح الآن أكثر خطورة، حيث أدى الجفاف وارتفاع درجات الحرارة وقمع الحرائق لعقود إلى نشوء حرائق أكبر، وفقًا للخبراء.
وأظهرت الدراسات التي تناولت تأثيرات تغير المناخ، أن شدة الحرائق زادت في ولاية كاليفورنيا بنسبة 30% بين الثمانينيات والعقد الأول من القرن الواحد والعشرين، بينما تزداد احتمالية أن تلتهم النيران منازل تقع على أو بالقرب من الأراضي البرية في مقاطعة لوس أنجلوس، فإن شدة الطقس المتطرف تتصاعد.
وأضافت الصحيفة أنه بحلول صباح أمس، كان أكثر من 70% من المناطق المتضررة من الحرائق في مقاطعة لوس أنجلوس، تقع في مناطق حددتها الدولة على أنها ذات مخاطر حرائق عالية جدًا، ووفقًا لتحليل أجرته "واشنطن بوست" باستخدام بيانات من إدارة الغابات والحماية من الحرائق في كاليفورنيا ومركز الحرائق الوطني المشترك، انتشرت حرائق "باكِفيك باليسيدز" عبر منطقة كانت بالكامل تقريبًا تحت تصنيف الخطر العالي .
ومن جانبه، قال زيكي ليندر، خبير في خرائط الحرائق في "شيكو"، ولاية كاليفورنيا، ومدير موقع "ذا لوك أوت" المتخصص في تقديم المعلومات حول الحرائق: "إن موقع وتصميم حي "باكِفيك باليسيدز"، الذي يقع بين حديقة "توبانجا" الحكومية والمحيط الهادئ، جعله عرضة للغاية للحرائق، وكان من المستحيل تقريبًا حمايته".
وأضاف ليندر: "إن المنازل تقع بشكل مثالي في اتجاه الرياح السائدة من نوع "سانتا آنا" (الرياح الدافئة التي تهب من الداخل إلى الساحل في جنوب كاليفورنيا). "بعد أن تم بناء المدينة، أصبح من المستحيل التفكير في هذه الأمور".
خسائر فادحة
وقد كشفت الاحصائيات الأخير إلى أنه قد دُمر حوالي 10,000 مبنى، بما في ذلك منازل وشركات ومرافق عامة.
و قدرت صحيفة "واشنطن بوست" الخسائر الاقتصادية الناجمة عن هذه الحرائق بحوالي 150 مليار دولار، مما يجعلها من بين الأكثر تكلفة في تاريخ الولايات المتحدة.