مهندس الطوفان .. ما هو دور يحيى السنوار في عملية طوفان الأقصى؟
أعلنت مصر وقطر والولايات المتحدة التوصل إلى هدنة إنسانية في غزة بدأت يوم الأحد 19 يناير 2025.
ويتضمن الاتفاق الذي توصل إليه الطرفان 3 مراحل، تشتمل المرحلة الأولى ومدتها 42 يومًا على وقف لإطلاق النار، وانسحاب وإعادة تموضع القوات الإسرائيلية خارج المناطق المكتظة بالسكان، وتبادل الأسرى والمحتجزين، وتبادل رفات المتوفين، وعودة النازحين داخليًا إلى أماكن سكناهم في قطاع غزة، وتسهيل مغادرة المرضى والجرحى لتلقي العلاج .
وخلال التقرير التالي نستعرض دور مهندس طوفان الأقصى، يحيى السنوار .
يحيى السنوار، أحد أبرز قادة المقاومة الفلسطينية، يُعد شخصية محورية في الصراع الفلسطيني-الإسرائيلي.
و بصفته قائدًا لحركة حماس في قطاع غزة، لعب دورًا بارزًا في التخطيط والإشراف على العمليات العسكرية، وكان لقيادته تأثيرٌ كبيرٌ على الأحداث التي شهدتها المنطقة خلال عملية "طوفان الأقصى" التي انطلقت في أكتوبر 2023.
يحيى إبراهيم حسن السنوار
وُلد يحيى إبراهيم حسن السنوار في مدينة خان يونس بقطاع غزة عام 1962، وقد نشأ في ظل الاحتلال الإسرائيلي، وتعرض منذ صغره إلى اضطهاد الاحتلال، مما شكل وعيه الوطني والنضالي. انخرط السنوار في العمل السياسي والمقاوم مبكرًا، وانضم إلى صفوف حركة حماس منذ تأسيسها عام 1987.
الحياة العلمية للسنوار
خلال فترة شبابه، تلقى السنوار تعليمًا أكاديميًا، حيث تخرج من الجامعة الإسلامية في غزة حاصلًا على شهادة في اللغة العربية. ومع ذلك، كان تركيزه الأساسي منصبًا على النشاط النضالي، مما أدى إلى اعتقاله عدة مرات من قبل السلطات الإسرائيلية.
و قضى السنوار حوالي 22 عامًا في السجون الإسرائيلية قبل أن يُفرج عنه في صفقة "وفاء الأحرار" عام 2011، والتي تم بموجبها إطلاق سراحه مع مئات الأسرى الفلسطينيين مقابل الجندي الإسرائيلي جلعاد شاليط.
صعوده في حركة حماس
وعقب إطلاق سراحه، سرعان ما برز السنوار كأحد أبرز قادة حماس. في عام 2017، انتُخب رئيسًا للمكتب السياسي للحركة في قطاع غزة.
كان يُعرف بحنكته السياسية وصلابته العسكرية، مما جعله شخصية مؤثرة ليس فقط على مستوى القيادة في غزة، بل على مستوى القضية الفلسطينية عمومًا.
مهندس الطوفان
في السابع من أكتوبر 2023، أطلقت حركة حماس عملية "طوفان الأقصى"، وهي واحدة من أكبر العمليات العسكرية التي نُفذت ضد الاحتلال الإسرائيلي منذ عقود.
لعب السنوار دورًا أساسيًا في وضع الاستراتيجية العامة للعملية، وبصفته قائدًا سابقًا في الجناح العسكري لحركة حماس، كتائب عز الدين القسام، يمتلك خبرة عسكرية كبيرة يُعتقد أنها ساهمت في تنسيق الهجوم المفاجئ.
وتشير التقارير إلى أن نطاق الهجوم وتعقيده وابتكاراته التكتيكية يعكس تأثير السنوار في صياغة الاستراتيجيات العسكرية والسياسية لحماس.
عُرف السنوار بتبنيه استراتيجية تصعيد مدروسة لتحدي إسرائيل، ويتماشى توقيت العملية وحجمها مع فلسفته التي تعتمد على تنفيذ إجراءات مفاجئة وكبيرة لتأكيد تأثير حماس.
وخلال أيام قليلة من وقوع هجمات السابع من أكتوبر، توصل المحققون الإسرائيليون إلى تحديد هوية يحيى السنوار، قائد حركة حماس في غزة آنذاك، كالعقل المدبر للعملية، ولدهشتهم، تبين أن السنوار لم يكتفِ بتخطيط "عملية طوفان الأقصى"، بل قام بتنظيم الهجوم والإشراف على تنفيذه بشكل شبه فردي.
ولم يتم السماح سوى لعدد قليل من المساعدين المقربين بالاطلاع على الخطط، قبل عملية الطوفان.
وُصفت العملية بأنها كانت مفاجئة وغير مسبوقة في نطاقها وأهدافها، حيث تضمنت اقتحام المستوطنات الإسرائيلية في محيط غزة، وإطلاق آلاف الصواريخ نحو أهداف استراتيجية في العمق الإسرائيلي.
الدور القيادي للسنوار
بصفته قائدًا لحماس في غزة، كان يحيى السنوار مسؤولًا عن التخطيط الاستراتيجي لعملية طوفان الأقصى.
ووفقًا لمصادر إسرائيلية ودولية، يُعتبر السنوار العقل المدبر للعملية، حيث أشرف على تنسيق الجهود بين الأجنحة العسكرية المختلفة، بما في ذلك كتائب عز الدين القسام، الجناح العسكري لحماس.
وكان هدف العملية تحقيق مفاجأة استراتيجية تكسر التوازن الأمني الذي فرضته إسرائيل في السنوات الأخيرة. وبالفعل، نجحت العملية في تحقيق أهدافها الأولية، حيث ألحقت خسائر فادحة في الجانب الإسرائيلي، وأثارت أزمة سياسية وأمنية داخل إسرائيل.
رد الفعل الإسرائيلي
بعد تنفيذ عملية طوفان الأقصى، صنفت إسرائيل يحيى السنوار كهدف أول لها. شنت قوات الاحتلال غارات مكثفة على قطاع غزة، مستهدفة مقرات القيادة ومنازل قادة حماس. وُضع اسم السنوار على قائمة المطلوبين الرئيسيين، إلى جانب محمد الضيف، القائد العام لكتائب القسام.
نموذج للقائد
يشكل يحيى السنوار نموذجًا للقائد الذي يجمع بين الصلابة العسكرية والمرونة السياسية، و بفضل خبرته الطويلة في المقاومة وقيادته الحكيمة، نجح في إعادة تشكيل بنية حماس وتعزيز قدراتها العسكرية والسياسية. كانت عملية طوفان الأقصى بمثابة تتويج لسنوات من التخطيط والإعداد، حيث أثبتت المقاومة قدرتها على مواجهة الاحتلال بطرق غير تقليدية.
في 16 أكتوبر 2024، قتل يحيى السنوار خلال اشتباك مع القوات الإسرائيلية في مدينة رفح جنوب قطاع غزة. شكّل استشهاده خسارة كبيرة لحركة حماس وللمقاومة الفلسطينية، لكنه أيضًا زاد من تصميم الفلسطينيين على مواصلة النضال.
يحيى السنوار يظل رمزًا للنضال الفلسطيني وقائدًا استثنائيًا ترك أثرًا عميقًا في حركة المقاومة، و من خلال دوره في عملية طوفان الأقصى، أثبت أن المقاومة قادرة على إحداث تغيير جذري في معادلة الصراع.
وبالرغم من مقتله ، يظل إرثه النضالي حيًا في قلوب الفلسطينيين وأذهانهم، محفزًا للأجيال القادمة على مواصلة الكفاح من أجل الحرية والاستقلال.
