عقب اتفاق وقف إطلاق النار.. ماذا تحتاج غزة لإعادة إعمارها؟

غزة، كإقليم يعاني من صراعات مستمرة وتحديات اقتصادية وإنسانية، تحتاج إلى خطة شاملة لإعادة الإعمار والتنمية المستدامة وخاصة عقب العدوان الذي شهده القطاع والذي أدى إلى تدميره بالكامل. 

مدينة غزة الواقعة شمالي القطاع، والتي كان عدد سكانها 600 ألف نسمة قبل الحرب، تعرض ما يقرب من ثلاثة أرباع المباني 74 في المئة للقصف.

وبحسب تقديرات الأمم المتحدة فإن 350 عاما هي الفترة الزمنية التي قد تحتاجها غزة لإعادة القطاع إلى ما كان عليه قبل السابع من أكتوبر 2023 إذا ما استمر الحصار.

وبالحديث عن إعادة الإعمار تجدد، بعد إحياء الأمل بوقف كامل للحرب مع هدنة وقف إطلاق النار التي وافقت عليها إسرائيل وحماس.

تدمير مرافق الحياة في غزة

وتكشف تقديرات خبراء أن حوالي 70 في المئة من مباني قطاع غزة متضررة أو مدمرة جراء الحرب التي دامت أكثر من 15 شهرا.

تقديرات الأمم المتحدة جاءت في تقرير صدر في سبتمبر 2024 كشفت فيه أن ما فقده الاقتصاد في القطاع، تحتاج إلى ثلاثة قرون ونصف على الأقل، لتعود مستويات الناتج المحلي الإجمالي للأعوام التي سبقت الحرب.

مؤتمر دولي" من أجل إعادة إعمار غزة"

وأعلنت مصر التي لعب دورا هاما مع الوسطاء الدوليين في التوصل إلى وقف إطلاق النار بين إسرائيل وحماس، استعدادها الخميس "لاستضافة مؤتمر دولي" من أجل إعادة إعمار غزة.

ودعت الخارجية المصرية في بيان المجتمع الدولي إلى "البدء في مشروعات التعافي المبكر" تمهيدا لإعادة الإعمار، إلى جانب دعم الجهود الإنسانية.
وبحسب تقديرات الأمم المتحدة فإن إعادة إعمار القطاع من ناحية البنية التحتية والمباني ستستغرق ما يصل إلى 15 عاما، وستكلف أكثر من 51 مليار دولار.

إعادة إعمار غزة

وفي هذا الصدد قال الخبير الاقتصادي، دانييل إيغل يقدر تكاليف إعادة إعمار غزة بأكثر من 80 مليار دولار، إذا ما تم احتساب جميع النفقات المباشرة وغير المباشرة، على ما أكد لوكالة بلومبرغ.

وقال "يمكن إعادة بناء مبنى، ولكن كيف يمكن إعادة بناء حياة مليون طفل؟".

وفي ديسمبر، أكدت الأمم المتحدة أن "سرعة وحجم القتل والدمار في قطاع غزة غير مسبوقين في التاريخ الحديث".

وتضررت 70 في المئة من شبكة الطرق بنحو 1190 كلم من الشوارع، من بينها 415 كلم تضررت بشدة و1440 كلم تضررت بشكل متوسط، وفقا لـ "تحليل أولي" أجراه مركز الأمم المتحدة للأقمار الصناعية "يونوسات" في أغسطس من 2024.

ولإزالة مخلفات الحرب في غزة من أنقاض المباني والطرق المدمرة، نحتاج إلى 15 عاما، بسيناريو وجود 100 شاحنة تعمل على مدار اليوم، وقد تمتد إلى 30 عاما، إذ أنتجت الحرب الإسرائيلي على غزة في 2014 حوالي 2.5 طن من المخلفات احتاجت عامين لإزالتها بحسب الأمم المتحدة.

50 مليون طن من الأنقاض

وتقدر الأمم المتحدة أن الحرب خلفت أكثر من 50 مليون طن من الأنقاض، أي ما يعادل 12 ضعف حجم أكبر هرم في مصر.

وتشير إلى أن أعمال إزالة الأنقاض قد تكون معقدة لاحتوائها على "كميات هائلة من الذخائر غير المنفجرة والمواد الضارة"، ناهيك عن البقايا البشرية، حيث يعتقد وجود الآلاف من القتلى المدفونين تحت الأنقاض.

بحسب آخر تقييم للأضرار أجراه مركز الأمم المتحدة للأقمار الصناعية "يونوسات"، حتى مطلع ديسمبر الماضي تضرر أو دمر ما يقرب من 69 في المئة من مباني القطاع، أي ما مجموعه 171 ألف مبنى.

وأحصى الباحثان الأميركيان كوري شير وجامون فان دين هوك، استنادا أيضا إلى تحليلات الأقمار الصناعية باستخدام منهجية مختلفة، 172 ألف مبنى متضررا جزئيا أو كليا في القطاع حتى 11 يناير الجاري أي ما يعادل، وفق حساباتهما، 60 في المئة من مباني القطاع الفلسطيني.

دمار شامل بالقطاع

من جهتها، تقول منظمة العفو الدولية إن أكثر من 90 في المئة من المنشآت المبنية على مساحة تزيد عن 58 كيلومترا مربعا والواقعة على طول الحدود بين القطاع الفلسطيني وإسرائيل، "دمرت أو تضررت بشدة" على ما يبدو بين أكتوبر 2023 ومايو 2024.

وخلال الحرب كثيرا ما استهدفت القوات الإسرائيلية مستشفيات القطاع بزعم أنها تأوي مقاتلي حماس.
وبحسب منظمة الصحة العالمية فإن مستشفى كمال عدوان، أحد المرافق الطبية القليلة في شمال قطاع غزة التي لا يزال ممكنا تشغيلها، أصبح "فارغا" و"خارج الخدمة" منذ استهدفته عملية عسكرية إسرائيلية كبيرة في أواخر ديسمبر.

وتقول المنظمة الصحية الأممية أيضا إن 18 مستشفى فقط من أصل 36 مستشفى 50 في المئة تعمل "جزئيا"، بقدرة إجمالية تبلغ 1800 سرير.

أما بالنسبة لأماكن العبادة، فمن خلال الجمع بين بيانات مركز الأمم المتحدة للأقمار الصناعية وقاعدة بيانات أوبن ستريت ماب الدولية يتبين أن 83 في المئة من مساجد القطاع تضررت جزئيا أو كليا.

دفعت مدارس القطاع التي تستخدم منذ بدء الحرب مراكز إيواء للنازحين، بما في ذلك تلك التي ترفع علم الأمم المتحدة الأزرق، ثمنا باهظا أيضا في الحرب، إذ يتهم الجيش الإسرائيلي حركة حماس باستخدام هذه المنشآت التعليمية مخابئ لمقاتليها.

وحتى الأول من ديسمبر، أحصت اليونيسف تضرر ما لا يقل عن 496 مدرسة، أي ما يقرب من 88 في المئة من أصل 564 منشأة مسجلة. ومن بين هذه المدارس هناك 396 مدرسة أصيبت بقصف مباشر.

ويمكن تقسيم احتياجات غزة  لإعادة الإعمار إلى عدة مجالات رئيسية:

1. البنية التحتية
إعادة بناء المنازل والمباني: دُمّر جزء كبير من المنازل والبنية السكنية خلال النزاعات المتكررة. تحتاج غزة إلى خطط سريعة لبناء مساكن تلبي احتياجات السكان، بما في ذلك النازحين.
ترميم شبكات المياه والصرف الصحي: تعاني غزة من بنية تحتية مهترئة في هذا القطاع، مما يسبب تلوث المياه ونقص المياه النظيفة.
الكهرباء: تحتاج إلى إعادة تأهيل محطات توليد الكهرباء، وتحسين شبكات النقل والتوزيع، وزيادة الاعتماد على مصادر الطاقة المتجددة.
الطرق والجسور: إصلاح الطرق المتضررة وتحسين وسائل النقل العامة لتسهيل حركة الأفراد والبضائع.
2. الخدمات الأساسية
التعليم: إعادة بناء المدارس التي دُمّرت أو تضررت، مع توفير مواد تعليمية وأدوات تقنية للطلاب.
الصحة: تحسين المرافق الصحية وتجهيز المستشفيات بالأدوية والمعدات الطبية اللازمة، مع التركيز على الرعاية النفسية للمتضررين.
المياه والغذاء: تعزيز الأمن الغذائي وضمان توفير المياه النظيفة بشكل دائم للسكان.
3. الاقتصاد وفرص العمل
إعادة بناء الاقتصاد: دعم المشاريع الصغيرة والمتوسطة، وتشجيع الاستثمار في القطاعات الإنتاجية.
خلق فرص عمل: توفير برامج تدريب وتأهيل للشباب، مع التركيز على القطاعات التكنولوجية والزراعية.
الزراعة والصيد: تقديم الدعم للمزارعين والصيادين لاستعادة نشاطهم، وتوفير المعدات اللازمة لذلك.
4. الدعم النفسي والاجتماعي
تقديم برامج دعم نفسي للمصابين والنازحين، وخاصة الأطفال، لتخفيف آثار الصدمات الناتجة عن النزاعات.
تعزيز الروابط المجتمعية وتنفيذ برامج دعم للفئات الضعيفة مثل الأيتام والأرامل.
5. الإدارة والحكم
تحسين كفاءة الإدارة المحلية وتوفير آليات شفافة لتوزيع المساعدات وضمان وصولها للفئات المستحقة.
تعزيز الشراكة بين الجهات الحكومية والمجتمع المدني والمنظمات الدولية.
6. التعاون الدولي
الدعم المالي: تحتاج غزة إلى مساعدات مالية كبيرة من المجتمع الدولي لتمويل إعادة الإعمار.
رفع الحصار: تسهيل دخول المواد اللازمة للإعمار دون قيود تعيق العملية.
الشراكات التنموية: تعزيز التعاون مع المنظمات الأممية والدول المانحة لضمان تنفيذ المشاريع بكفاءة.