«جبال الشعانبي» تحت المجهر.. مخاوف متجددة من الإرهاب في قلب تونس
من اغتيالات استهدفت عسكريين إلى ذبح الجنود والرعاة والمدنيين وزرع الألغام القاتلة في تونس خلال عشرية حكم الإخوان، باتت جبال الشعانبي، وسط غربي تونس، بؤرة توتر وملاذا خصبا للإرهاب نظرا لطبيعتها الجغرافية.
ورغم الجهود المكثفة لجيش تونس، بما في ذلك تفكيك مئات الألغام اليدوية، لا تزال المخاوف تتجدد مع تصاعد النقاش حول احتمالية عودة الإرهابيين التونسيين المفرج عنهم من السجون السورية، واحتمال تجدد العمليات الإرهابية في تونس وعودة الحياة للخلايا النائمة.
وفي الثامن من يناير الجاري، قال وزير الدفاع في تونس، خالد السهيلي، إن التشكيلات العسكرية العاملة بالمناطق المعلنة مناطق عمليات عسكرية تمكنت من إبطال مفعول 491 لغما يدوي الصنع بصفة استباقية إلى حدود أغسطس 2024.
وأفاد بأن التشكيلات العسكرية تعمل على تمشيط الدروب والمناطق المشبوهة على مدار الساعة، من خلال وحدات مختصة في نزع الألغام.
تضاريس وعرة
ووفق المحلل السياسي حمدي الصديق فإن جبل الشعانبي يعتبر القمة الأعلى في تونس، إذ يبلغ ارتفاعه 1544 متر فوق سطح البحر، ويقع في الوسط الغربي التونسي وتنتشر فيه المغارات والخنادق التي سهلت كثيراً تمركز العناصر المسلحة ووفرت لهم فرصة أكبر للتخفي والمناورة.
وأوضح الصديق، أن الإرهاب يعشش في الجبال، لافتا إلى أن "الخلايا النائمة ما زالت موجودة وتنتظر التعليمات للتحرك من جديد ومن المؤكد أنها ستنقض على أول فرصة سانحة لتنفيذ مخططاتها".
ودعا السلطات في تونس إلى توخي الحذر ومزيد اليقظة للتصدي لأي محاولة تستهدف أمن واستقرار البلاد، مؤكدا أن جبل الشعانبي تحول إلى بؤرة توتر منذ أن شهد حادثة قتل ضابط في الحرس (الدرك) الوطني يوم 10 ديسمبر 2012 في مواجهة مع مجموعة إرهابية، تنتمي لكتيبة عقبة بن نافع، التابعة لتنظيم "القاعدة في بلاد المغرب"، ومع الأيام أصبحت تلك الجماعة المسلحة مسؤولة عن كل العمليات الإرهابية بالمنطقة ذاتها.
خطر الخلايا النائمة
بدوره، يرى الخبير الأمني التونسي توفيق الرويسي أن العناصر "التكفيرية" المتخفّية والمتحصّنة بالفرار هي الأخطر على أمن تونس.
وأكد الرويسي، أنه بالرغم من انهزام الإرهاب على أرض الميدان فإن الخلايا النائمة ما زالت موجودة، لافتا إلى أن خطر "العائدين من بؤر التوتر" بعد الأحداث الأخيرة في سوريا يمثل تهديدا خطيرا على تونس.
وأوضح أنه في حال تمكن عدد من الإرهابيين من دخول تونس سيتمركزون في جبل الشعانبي لأنهم يستطيعون التخفي في أحشائه لذلك فإنه على الدولة مزيد اليقظة في تلك المنطقة التي تشهد حاليا جهودا مكثفة لإزالة الألغام التي زرعها الارهابيون خلال السنوات الماضية والتي تضرر منها المئات.
وشدد على أهمية دور وزارة تكنولوجيات الاتصال لمراقبة أي تحركات محتملة، إضافة إلى تكثيف المراقبة للتفطن لأي أعمال استقطابية.
والجمعة، أعلنت الأجهزة الأمنية في تونس توقيف عنصر «تكفيري» بسبب الانتماء لتنظيم إرهابي، وتلاحقه شبهات التواصل مع أطراف في سوريا وهو من "العناصر الفاعلة صلب التيار التكفيري بعد أن عمد إلى ترويج أفكار تكفيرية، ودعا إلى النفير وتمجيد العناصر الإرهابية بالخارج".
وفي إفادة سابقة أمام البرلمان، قدّر وزير الداخلية التونسي الأسبق الهادي المجدوب عدد الإرهابيين التونسيين الموجودين في بؤر التوتر بنحو 2929 شخصا.
وبحسب تحقيقات رسمية، فإن حركة النهضة الإخوانية -حين كانت بالحكم- لعبت دورا رئيسيا في تسهيل عبور الإرهابيين من مطار قرطاج في تونس، إضافة إلى تدريب عدد من الشباب على استعمال الأسلحة في 3 مراكز تابعة لوزارة الداخلية، وتمرير حقائب من الأموال.
وعلى أثرها، يلاحق القضاء التونسي وزير الداخلية الأسبق ورئيس الحكومة الأسبق الإخواني علي العريض في "ملف التسفير"، إضافة إلى تورط رئيس حركة النهضة الإخوانية راشد الغنوشي والقيادي الإخواني الحبيب اللوز، والنائب السابق بالبرلمان ورجل الأعمال محمد فريخة، وقيادات أمنية تولت سابقا مسؤوليات بوزارة الداخلية خلال فترة حكم الترويكا التي قادتها حركة النهضة بين 2011 و2014.