خلاف حول سياسة الرسوم يُثير القلق في فريق ترامب ويعكس انقسامات داخلية
في إطار سياسته التجارية الجديدة، تعهد الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب»، بفرض رسوم جمركية على «المنتجات الأجنبية»، مما أثار جدلاً كبيرًا في الأوساط الاقتصادية والسياسية، حيث يهدف هذا القرار إلى «حماية الاقتصاد الأمريكي ومكافحة التهريب والهجرة غير الشرعية»، ولكن يُعتبر أيضًا تحديًا للعلاقات التجارية الدولية وسياسات التبادل التجاري.
خلاف حول سياسة الرسوم يُثير القلق في فريق ترامب
وفي هذا الصدد، تسبب قرار فرض رسوم على المنتجات الأجنبية، تسبب في حدوث شرخ في فريق الرئيس الأمريكي «دونالد ترامب»، حسبما أفادت صحيفة «بوليتيكو» الأمريكية، مُشيرة إلى أن «المستوى غير المسبوق من حالة عدم اليقين والارتباك بشأن الرسوم هو أول وأهم مثال على الانقسامات في دائرة ترامب حول المواقف السياسية الرئيسية».
وقالت الصحيفة الأمريكية: إنه «بعد توليه منصبه، لم يتطرق ترامب بعد إلى مسألة الرسوم. وكما قالت ثلاثة مصادر مطلعة على مناقشات أعضاء الإدارة الرئاسية للصحيفة، ولم يتم الكشف عن هويتهم، فإن هذا النهج يدل على أن رئيس الدولة لم يُقرر بعد كيف ومتى سيتم فرض الرسوم على المنتجات».
وكما أكد مصدر مطلع على المناقشات، ولم يكشف عن اسمه، «سيتم فرض رسوم شاملة وعالمية في الشهرين المُقبلين». ويُوضح المقال أن عدم اليقين بشأن بقية سياسة الرسوم يرجع جزئيًا إلى أن ترامب يُناقش المسألة مع معسكرين. يضم المعسكر الأول مرشح مدير المجلس الاقتصادي الوطني «كيفن هاسيت» ووزير الخزانة «ستيفن منوتشين». وهم يُفضلون فرض قيود أكثر سلاسة ومرحلية بدلًا من القيود التي قد تزيد من التضخم، وفقًا للصحيفة الأمريكية.
وأضافت «بوليتيكو»: «في المعسكر الثاني يوجد المرشح لمنصب الممثل التجاري الأمريكي روبرت لايتهايزر، ومدير مجلس التجارة الوطني بيتر نافارو، ونائب رئيس الموظفين للشؤون السياسية ستيفن ميلر. وهم يمثلون موقفًا يدعم فرض رسوم جمركية واسعة النطاق».
وكما أشار أحد الجمهوريين الذين يتواصلون مع إدارة الرئيس الأمريكي بشأن فرض الرسوم، والذي لم يكشف عن اسمه، للصحيفة إلى أن المسؤولين الاقتصاديين في إدارة ترامب تواصلوا مع ممثلي الصناعات التي يحتمل أن تتأثر بفرض الرسوم، لفهم تأثير فرض الرسوم على المنتجات الأجنبية وكيفية التعامل معها.
ترامب يتعهد بفرض رسوم جمركية على كندا والمكسيك
وفي وقت سابق، قال «ترامب»، إنه سيفرض رسومًا جمركية بنسبة 25 في المائة على السلع الواردة من كندا والمكسيك بعد توليه الرئاسة، وذلك بسبب مشكلة الهجرة غير الشرعية وتهريب المخدرات إلى الولايات المتحدة التي لم تُحل. كما وعد بإضافة عشرة في المائة إلى الرسوم الجمركية على السلع الواردة من الصين.
وأشارت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأمريكية، إلى أن الرسوم الجديدة تُهدد بتقويض النظام التجاري العالمي، وقد تُلحق أضرارًا بالغة بقطاعات رئيسية في الاقتصاد الأمريكي، بما في ذلك صناعة السيارات، مما يفتح فرصًا جديدة للصين في الأسواق الدولية.
في غضون ذلك، تُحاول «المكسيك وكندا» وضع خلافاتهما جانبًا، وتشكيل جبهة أكثر اتحادًا، في مواجهة تهديد الرئيس الأمريكي دونالد ترامب بفرض رسوم جمركية باهظة عليهما، الأسبوع المُقبل، حسبما أفادت صحيفة «فايننشال تايمز» البريطانية.
وهدد ترامب، مرارًا وتكرارًا، أكبر شريكين تجاريين لبلاده بفرض رسوم جمركية بنسبة 25% على جميع الصادرات إلى الولايات المتحدة، ردًّا على ما يقول إنه مستويات متزايدة من الهجرة غير الشرعية والاتجار في مادة الفنتانيل الأفيونية إلى البلاد، وحذر من أن تطبيق الرسوم الجمركية سيبدأ بدءًا من مطلع فبراير.
وتُرسل المكسيك وكندا ثلاثة أرباع صادراتهما إلى الولايات المتحدة، على أساس اتفاقية التجارة بين الدول الثلاث، التي تم توقيعها خلال ولاية ترامب الأولى.
تدفق المهاجرين غير الشرعيين والمخدرات إلى أمريكا
وتعتمد المكسيك على الولايات المتحدة في نحو 70% من احتياجاتها من الغاز الطبيعي، ولطالما ألقى ترامب باللوم عليها في تدفق المهاجرين غير الشرعيين والمخدرات إلى الولايات المتحدة.
وتتوقع غرفة التجارة الكندية انكماش الناتج المحلي الإجمالي للبلاد بنسبة 2.6%، أو ما يقرب من 78 مليار دولار كندي (54 مليار دولار أمريكي)، إذا نفذ ترامب تهديداته، ما يُكلّف الكنديين نحو 1900 دولار كندي للشخص الواحد سنويًا.
ورغم التهديد المشترك من جانب «ترامب، توترت العلاقات بين المكسيك وكندا العام الماضي، في البداية، بسبب مخاوف سفير أوتاوا بشأن إصلاح القضاء المكسيكي.
وتفاقمت التوترات بشكل كبير في نوفمبر الماضي، بعد أن ألمح رئيس الوزراء الكندي «جاستن ترودو»، إلى أنه سيكون مُنفتحًا على استبعاد المكسيك من اتفاقية الولايات المتحدة والمكسيك وكندا، واتفق مع ترامب على أن الاستثمار الصيني في المكسيك كان إشكاليًا، في محاولة واضحة لكسب ودِّ الرئيس الأمريكي.
وأثارت هذه التعليقات وغيرها غضبًا في مكسيكو سيتي، لكن البلدين اتفقا على التعاون في مواجهة تحذير ترامب بشأن الرسوم الجمركية، وجرت سلسلة من المكالمات الهاتفية بين الوزراء في الشهر الماضي، حسبما قال مسؤولون لفايننشال تايمز.
وقال دييجو ماروكين بيطار، الباحث في شؤون أمريكا الشمالية في مركز ويلسون للأبحاث: «ربما تسببت الضوضاء السياسية في تأخيرات وأحكام غامضة في أوتاوا، ولكن الكنديين ربما أدركوا أخيرًا أن التنسيق الأفضل مع المكسيك أمر بالغ الأهمية».
التعريفات الجمركية الأمريكية
وكان أحد الأهداف الرئيسية للتقارب هو توحيد سرديات البلدين حول كيف أن التعريفات الجمركية الأمريكية ستكون بمثابة اقتراح خاسر للجميع، من شأنه أن يدفع الأسعار إلى الارتفاع بالنسبة للمستهلكين في الدول الثلاثة.
وقال «ترودو»، هذا الأسبوع: «أعلن ترامب أنه يُريد عصرًا ذهبيًا للاقتصاد الأمريكي.. وهذا يعني أنهم سيحتاجون إلى المزيد من الطاقة والمعادن والفولاذ والألومنيوم والأخشاب والخرسانة، والمزيد من الأشياء التي ترسلها كندا إليهم بالفعل».
كما أعدت أوتاوا ومكسيكو سيتي قوائم منفصلة للرسوم الجمركية الانتقامية، في حين أرسلتا في الوقت نفسه أغصان الزيتون العامة والخاصة إلى فريق ترامب بشأن أمن الحدود، حسبما قال أشخاص مطلعون على الأمر.
وأعدت المكسيك تعريفات جمركية يطلق عليها محليًا اسم «دوارة» المنتجات التي يتم ضغطها لعدة أشهر قبل أن يتم تحويلها إلى ولايات أخرى تستهدف المشرعين الجمهوريين الرئيسيين.
كما أشارت كندا إلى أنها تستعد لفرض عقوبات متبادلة من شأنها أن تخلق «أكبر قدر من القلق في الولايات المتحدة مع أقل قدر من الألم في كندا»، بحسب جوناثان ويلكينسون، وزير الطاقة والموارد الطبيعية.
وتُجري حاليًا مراجعة اتفاقية التجارة الحرة بين الولايات المتحدة والمكسيك وكندا المقررة في عام 2026، فيما يضغط ترامب من أجل إدخال تغييرات للحد من بصمة الصين في المنطقة، وبدأت المشاورات العامة هذا الأسبوع في واشنطن، وطلب الرئيس من الممثل التجاري الأمريكي تقديم توصيات بشأن مستقبل الاتفاقية بحلول الأول من أبريل.
إعادة التفاوض على اتفاقية أمريكا والمكسيك وكندا
وتستعد أوتاوا ومكسيكو سيتي لدفع ترامب نحو إعادة التفاوض على اتفاقية الولايات المتحدة والمكسيك وكندا، والتي أعاد الرئيس التفاوض عليها خلال ولايته الأولى فيما أسماه «انتصارًا هائلًا للعمال الأمريكيين» بدلًا من «المراجعة» غير المحددة المقرر إجراؤها بموجب الاتفاقية.
ويقول أشخاص مطلعون على خطط البيت الأبيض، إن الولايات المتحدة تُريد إجراء تغييرات للحد من المحتوى الأجنبي في السيارات وتقليص الروابط الصينية المتنامية مع الاقتصاد المكسيكي.
كما أثار ترامب مسألة العجز التجاري المرتفع للولايات المتحدة مع شريكتي اتفاقية الولايات المتحدة والمكسيك وكندا، مُحذرًا أوتاوا من أن واشنطن قد تستخدم «القوة الاقتصادية» لجعل كندا الولاية رقم 51.
وفي الواقع، تستورد الولايات المتحدة نحو 40% من النفط الخام الذي تكرره بواقع 60% من هذه الكمية تأتي من كندا و11% من المكسيك.
تأثير فرض الرسوم الجمركية
وقال مارك شولتز، الرئيس التنفيذي للجمعية الكندية لمقاولي الطاقة، إن «فرض الرسوم الجمركية سيُؤثر سلبًا ليس فقط على المستهلكين الأمريكيين، بل وأيضًا على مصالح أمن الطاقة الأمريكية».
واستجابت كندا لمطالب ترامب بشأن الحدود، وتعهدت بإنفاق أكثر من مليار دولار على الأمن باستخدام المروحيات والطائرات بدون طيار وزيادة القوى العاملة، رغم أن ترودو أشار إلى أن 1% فقط من المهاجرين غير الشرعيين يدخلون الولايات المتحدة يأتون من كندا، وكذا المخدرات غير المشروعة.
كما عززت «المكسيك» إجراءاتها الخاصة بالهجرة، وسوف تستقبل الآن طالبي اللجوء الذين ينتظرون البت في طلباتهم في الولايات المتحدة، وهدد «ترامب» بنشر قوات خاصة أمريكية في المكسيك للقضاء على عصابات المخدرات.
كندا تُهدد برد فعل صارم إذا فرض «ترامب» رسومًا جمركية
وفي وقت سابق، صرح رئيس الوزراء الكندي «جاستين ترودو»، بأن أوتاوا تدرس كافة الخيارات في حال قرر الرئيس الأمريكي المنتخب «دونالد ترامب»، فرض رسوم جمركية بنسبة 25% على جميع صادرات السلع الكندية، حسبما أفادت وكالة «نوفوستي» الروسية، الخميس.