عقب إنتهاء مهلة الإنسحاب من جنوب لبنان .. إلى أين تتجه الأحداث؟
تم التوصل إلى اتفاق لوقف إطلاق النار بين حزب الله اللبناني والجيش الإسرائيلي، في 27 نوفمبر 2024، بعد تصعيد عسكري استمر لأكثر من عام، نتيجة دعم حزب الله للمقاومة في غزة عقب عملية "طوفان الأقصى".
و جاء هذا الاتفاق بوساطة أمريكية، وقد أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن أنه يهدف إلى وقف دائم للعمليات القتالية.
وفي هذا السياق، حظي الاتفاق بموافقة مجلس الوزراء الأمني الإسرائيلي وقيادة حزب الله، ورحبت به حكومة تصريف الأعمال اللبنانية برئاسة نجيب ميقاتي.
أبرز بنود الاتفاق
وقف الأعمال القتالية: بدءًا من صباح 27 نوفمبر 2024، حيث تتوقف إسرائيل عن تنفيذ أي عمليات عسكرية ضد الأراضي اللبنانية، بما في ذلك استهداف المواقع المدنية والعسكرية.
وفي المقابل، توقف جميع الجماعات المسلحة في لبنان، بما فيها حزب الله وحركة أمل ، عملياتها ضد إسرائيل.
انسحاب القوات: ينسحب الجيش الإسرائيلي تدريجيًا من جنوب لبنان خلال فترة لا تتجاوز 60 يومًا، مع بدء عودة النازحين من الجانبين إلى ديارهم.
كما ينسحب حزب الله إلى شمال نهر الليطاني، الذي يبعد حوالي 30 كيلومترًا شمال الحدود مع إسرائيل.
وينتشر الجيش اللبناني في جنوب الليطاني بحوالي 10,000 جندي، بما يشمل 33 موقعًا على الحدود مع إسرائيل.
آلية المراقبة: تشرف على تنفيذ الاتفاق آلية ثلاثية تضم قوة الأمم المتحدة المؤقتة في لبنان (اليونيفيل)، والجيش اللبناني، والجيش الإسرائيلي، مع توسيعها لتشمل الولايات المتحدة وفرنسا، حيث تترأس واشنطن هذه المجموعة.
ويتم الإبلاغ عن أي انتهاكات محتملة، وتحدد فرنسا والولايات المتحدة ما إذا كان قد حدث انتهاك.
بالإضافة إلى ذلك، ينص الاتفاق على تقديم الجيشين الأمريكي والفرنسي دعمًا عسكريًا للجيش اللبناني، والاعتراف بأهمية القرار 1701، مع التأكيد على حق الطرفين في الدفاع عن النفس وفقًا للقانون الدولي.
كما يشمل تفكيك المنشآت العسكرية غير المرخصة ومصادرة الأسلحة غير المرخصة، وبدء مفاوضات غير مباشرة بين لبنان وإسرائيل لحل النقاط المتنازع عليها على طول الخط الأزرق، تحت إشراف الولايات المتحدة والأمم المتحدة.
انتهاء المهلة
انتهت مهلة الستين يوماً لاتفاق الهدنة على الحدود اللبنانية الإسرائيلية، فجر اليوم الأحد، وبينما أعلن الجانب الإسرائيلي تمديد المهلة بالإبقاء على قواته في المناطق الجنوبية، كثّف لبنان اتصالاته الدبلوماسية مع جهات دولية للضغط على إسرائيل للالتزام بالقرار 1701 والانسحاب من أراضيه.
ومع انتهاء المهلة، تتزايد المخاوف الدولية بشأن عدم التزام الأطراف بالاتفاق.
فالرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون دعا السبت الأطراف المعنية إلى الوفاء بالتزاماتهم "في أقرب وقت ممكن"، مشدداً على أهمية استعادة لبنان سيادته على كامل أراضيه.
تحذيرات الجيش الإسرائيلي
وعلى الرغم من تحذيرات الجيش الإسرائيلي لسكان البلدات الحدودية بعدم العودة إلى منازلهم، شهدت المنطقة، منذ ساعات الصباح الأولى، عودة عدد كبير من الأهالي إلى قراهم، خاصة في حولا وميس الجبل، حيث عبر البعض الطريق في وادي الحجير سيرا على الأقدام.
ونشر الجيش اللبناني حواجز عند المداخل الرئيسية للقرى الحدودية، محذراً من العودة إلى بلدات عيتا الشعب ومارون الراس وعيترون وميس الجبل وحولا وغيرها.
لكن أمام إصرار الأهالي، فتح الجيش اللبناني الطريق العام بين الطيري وبنت جبيل، وفي الطيبة، أزال السكان العوائق الحديدية ودخلوا البلدة.
وأفاد شهود عيان بإلقاء مسيّرة إسرائيلية قنبلتين قرب تجمع للأهالي في ميس الجبل، كما سُجلت إصابات نتيجة إطلاق الجيش الإسرائيلي الرصاص على الأهالي في بلدة كفركلا.
ووفقاً لمشاهدات الأهالي، وضع الجيش الإسرائيلي سواتر ترابية عند مداخل القرى.
تبادل الهجمات بين حزب لله اللبناني والاحتلال
وفتح الحزب جبهة "إسناد" لحليفته حركة حماس غداة اندلاع الحرب في قطاع غزة في أكتوبر 2023.
واعتبارا من سبتمبر 2024، كثّفت إسرائيل غاراتها على معاقل للحزب في جنوب لبنان وشرقه وضاحية بيروت الجنوبية، ونفذت عمليات توغل برية في مناطق حدودية واسعة.
وبموجب الاتفاق المبرم بوساطة أمريكة، يتوجب على إسرائيل سحب قواتها خلال 60 يوما، أي بحلول 26 يناير، وأن يترافق ذلك مع تعزيز انتشار الجيش اللبناني وقوة الأمم المتحدة الموقتة (يونيفيل).
كما يتوجب على الحزب ، سحب عناصره وتجهيزاته والتراجع إلى شمال نهر الليطاني الذي يبعد حوالى 30 كيلومترا من الحدود، وتفكيك أي بنى عسكرية متبقية في الجنوب.
لكن إسرائيل أكدت، الجمعة، أن قواتها لن تنجز الانسحاب نظرا لعدم تنفيذ لبنان الاتفاق "بشكل كامل".
نتنياهة: عملية الانسحاب المرحلي ستتواصل بالتنسيق مع الولايات المتحدة".
وأكد بيان لمكتب رئيس الوزراء، بنيامين نتانياهو، أن "عملية الانسحاب المرحلي ستتواصل بالتنسيق مع الولايات المتحدة".
وشدد على أن الاتفاق نصّ على "انتشار الجيش اللبناني في جنوب لبنان" وفرض "انسحاب حزب الله إلى ما وراء (نهر) الليطاني".
وتقديرا منها أن الواقع مخالف للنص، فإن إسرائيل "لن تعرّض بلداتها ومواطنيها للخطر، وستحقق أهداف الحرب في الشمال، بالسماح للسكان بالعودة إلى منازلهم بأمان"، وفقا للبيان.
واتخذ المجلس الوزاري للشؤون السياسية والأمنية هذا القرار في جلسة، الخميس، حيث ناقش تطورات وقف إطلاق النار مع لبنان، وعمليات الجيش الإسرائيلي داخل الأراضي اللبنانية.
وقالت مصادر إسرائيلية، مؤخراً، إن "إسرائيل طلبت من الولايات المتحدة مزيداً من الوقت للانسحاب من جنوب لبنان، بعد انتهاء فترة الستين يوماً".
بقاء جيش الاحتلال في 5 مواقع في جنوب لبنان
في حين، أفادت "القناة 13" الإسرائيلية، أن وزير الشؤون الإستراتيجية رون ديرمر، نقل رسالة من رئيس الوزراء بنيامين نتانياهو لإدارة ترامب، يطلب فيها إمكانية بقاء الجيش الإسرائيلي في 5 مواقع استراتيجية في جنوب لبنان لما بعد انتهاء مهلة المهلة المحددة بالاتفاق.
من جهته، حمّل الجيش اللبناني إسرائيل مسؤولية عدم استكمال انتشاره.
وأكد في بيان أنه يواصل "تطبيق خطة عمليات تعزيز الانتشار في منطقة جنوب الليطاني... منذ اليوم الأول" لوقف إطلاق النار بالتنسيق مع اللجنة الخماسية المشرفة على تطبيقه وقوة الأمم المتحدة الموقتة (يونيفيل).
وأقر بحصول "تأخير في عدد من المراحل نتيجة المماطلة في الانسحاب" من الجانب الإسرائيلي، مؤكدا جاهزيته لاستكمال انتشاره "فور انسحاب" الأخير.
وأعلنت الرئاسة اللبنانية، السبت، أن الرئيس جوزاف عون الذي كان قائدا للجيش حتى انتخابه رئيسا للجمهورية في التاسع من يناير، أكد للرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون ضرورة إلزام إسرائيل تطبيق الاتفاق "ووقف انتهاكاتها المتتالية، لا سيما تدمير القرى المحاذية للحدود الجنوبية، وجرف الأراضي، الأمر الذي سيعيق عودة الأهالي الى مناطقهم".