مجلس التحرير: مجموعة صحفيين عرب
الموقع قدم أوراق اعتماده
الى نقابة الصحفيين العراقيين

إيران وترامب.. «فخاخ» على طريق الدبلوماسية «المرة»

نشر
الأمصار

رغم التكهنات حول إعادة فرض سياسة «الضغط الأقصى» ضد إيران، أعرب الرئيس الأمريكي دونالد ترامب عن تفضيله لحل دبلوماسي للتوترات مع طهران.

ففي تصريحات بثتها قناة فوكس نيوز في 23 يناير الجاري، قال ترامب، إن «الشيء الوحيد» الذي أصر عليه هو أن إيران «لا يمكن أن تمتلك سلاحًا نوويًا»، متجاهلا أي شيء عن سياسات طهران الإقليمية أو صراعها مع إسرائيل، كما لم يعبر عن أي ميل لقصف إيران أو تغيير النظام في ذلك البلد.

ونظراً لأن زعماء إيران أنفسهم أكدوا مراراً وتكراراً على أنهم لا يسعون إلى امتلاك أسلحة نووية، فإن التوصل إلى اتفاق بين واشنطن وطهران يبدو ممكناً إلى حد كبير، بحسب موقع «ريسبونسبل ستيت كرافت» الأمريكي

لكن على الرغم من الإرادة السياسية الواضحة لدى الجانبين، فإن الطريق إلى الاتفاق ليس مباشرا على الإطلاق، فالسياق يختلف بشكل كبير عن عام 2015 عندما تم إبرام الاتفاق النووي المعروف باسم خطة العمل الشاملة المشتركة بين إيران والقوى العالمية والذي نجح في كبح جماح البرنامج النووي الإيراني.

وبعد انسحاب ترامب من خطة العمل الشاملة المشتركة في عام 2018 وفشل سلفه جو بايدن في استعادتها، تقدمت إيران بثبات في برنامجها، فرفعت من بين خطوات أخرى، تخصيب اليورانيوم إلى 60%، وركبت أجهزة طرد مركزي أكثر تقدمًا.

ووفقًا للخبير النووي كيسلي دافنبورت، فإنه يمكن لإيران الآن إنتاج ما يكفي من المواد المستخدمة في صنع الأسلحة لصنع خمس إلى ست قنابل في غضون أسبوعين تقريبًا.

تفاقم المخاوف

وتتفاقم المخاوف بشأن هذه التطورات بسبب محدودية قدرة الوكالة الدولية للطاقة الذرية على الوصول إلى إيران منذ عام 2021، مما يزيد من خطر انتشار المواد النووية دون مراقبة إلى مواقع سرية.

وقال موقع ريسبونسبل ستيت كرافت الأمريكي، إن ما يزيد الأمور تعقيداً هو التحولات التي طرأت على الخطاب النووي الإيراني، فالخط الرسمي لا يزال يقول إن طهران لا تسعى إلى التسلح النووي ــ ولا تزال فتوى المرشد الأعلى علي خامنئي التي تحرم الأسلحة النووية سارية المفعول، لكنّ عدداً من الانتكاسات الإقليمية، مثل الضربات الإسرائيلية لحليف إيران في لبنان، حزب الله، وسقوط نظام بشار الأسد في سوريا، وهو عنصر رئيسي آخر فيما يعرف بـ«محور المقاومة» المتحالف مع إيران، خلقت حوافز قوية لإيران للحصول على رادع نووي. 

والآن يلمح المسؤولون وصناع السياسات علانية إلى إمكانية إعادة النظر في العقيدة النووية الإيرانية نحو التسلح على عتبة الحد، فيما تحفز رغبة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، لمهاجمة إيران، (بمساعدة أمريكية، لأن إسرائيل لا تملك مثل هذه القدرة بمفردها)، الأخيرة على السير على هذا الطريق.

وبحسب الموقع الأمريكي، فإن هذه المجموعة من الاعتبارات تؤكد على حجم المهمة التي يتعين مواجهتها في التعامل مع إيران، ذلك أن المفاوضات الفنية بشأن البرنامج النووي الإيراني سوف تكون طويلة وممتدة نظراً للحالة المتقدمة التي بلغها البرنامج النووي الإيراني.

استراتيجية إقليمية

كما يتعين دمج هذه المفاوضات في استراتيجية إقليمية أوسع نطاقاً تعالج المخاوف الأمنية الإيرانية ـ جنباً إلى جنب مع اللاعبين الآخرين في الشرق الأوسط ـ الأمر الذي من شأنه أن يحد من الحوافز التي تدفعنا إلى الحصول على رادع نووي في المقام الأول.

وقال الموقع الأمريكي، إن العناصر الأكثر استشرافا للمستقبل، والتي يمثلها في الأغلب إدارة بزشكيان الإصلاحية، تفضل التواصل مع واشنطن بشكل استباقي من أجل تشكيل المفاوضات المستقبلية، لكن خصومهم الأكثر تحفظا يصرون على أنه بما أن الولايات المتحدة كانت الطرف الذي تخلى عن خطة العمل الشاملة المشتركة، فيجب عليها أن تتخذ الخطوة الأولى لاستعادة ثقة طهران.

فضلاً عن ذلك، فإن هؤلاء المتشددين لا يرون أي حافز استراتيجي في التخلي عن النفوذ النووي الإيراني في مقابل تخفيف العقوبات غير المؤكد إلى حد كبير. وفي الوقت نفسه فإن المحافظين واثقون أيضاً من أن الشراكة الاستراتيجية التي تم توقيعها مؤخراً مع روسيا، وخاصة البنود المتعلقة بالتعاون العسكري والأمني، من شأنها أن توفر لإيران قدراً من الردع ضد الهجمات المستقبلية من جانب إسرائيل و/أو الولايات المتحدة.

ويبدو أن أنصار انتظار التحرك الأمريكي أصبحوا الآن يتمتعون باليد العليا في المناقشات الداخلية في طهران، لكنّ الإصلاحيين يعتقدون أن مجرد انتظار الاقتراح الأمريكي خطأ وإهدار للوقت. وهم يقدرون، أن ترامب حريص على التوصل إلى اتفاق سريع لتعزيز أوراق اعتماده في صنع السلام ــ والآن بعد أن أصبحت النهاية السريعة للحرب في أوكرانيا غير محتملة إلى حد كبير ، فقد تثبت إيران أنها ثمرة سهلة المنال.

وأشار الموقع الأمريكي، إلى أن اتفاق إطاري محدود على غرار الاتفاق الذي وقعه ترامب مع كوريا الشمالية في ولايته الأولى يمكن أن يكون بمثابة مخطط عمل، وكما تعتقد المصادر الدبلوماسية الإيرانية، يمكن إعداده في غضون أسبوعين إذا كان هناك قرار سياسي.

منشأة نووية إيرانية - أرشيفية

مخاوف مشروعة

إلا أن هناك مخاوف مشروعة، حتى بين أولئك الذين قد يفكرون في مثل هذا المسار من العمل، بشأن جدوى المتابعة الأكثر جوهرية لمثل هذا الاتفاق.

ومع ذلك، فإنه حتى الاتفاق المحدود، الذي يتبعه في الحالة المثالية خطوة رمزية للغاية، مثل المصافحة بين ترامب وبيزشكيان، من شأنه أن يعمل بالفعل على تهدئة التصعيد بشكل كبير، ويثبط عزيمة المفسدين من جماعات الضغط المؤيدة لنتنياهو، ويكسب الوقت والمساحة السياسية للتفاوض على اتفاق مستدام وجوهري يعالج البرنامج النووي الإيراني.

وفي حين أن الدبلوماسية مع الولايات المتحدة لا تزال في مرحلة استكشافية، فقد انخرط الإيرانيون بالفعل مع الاتحاد الأوروبي ومجموعة الدول الأوروبية الثلاث (بريطانيا وفرنسا وألمانيا)، بهدف «منعهم من لعب دور المفسدين»، مثل إعادة فرض عقوبات مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة على إيران قبل الموعد النهائي في أكتوبر/تشرين الأول 2025.

لكن هذه المفاوضات تهدف أيضا إلى إرسال إشارة إلى واشنطن بأن طهران جادة هذه المرة بشأن التوصل إلى اتفاق، كما مهدت المفاوضات بين إيران والثلاثي الأوروبي الطريق إلى خطة العمل الشاملة المشتركة الأصلية في البداية.

ولدى الولايات المتحدة حافز واضح للانضمام إلى المحادثات الموضوعية في صيغة متعددة الأطراف، وإلا فإن انخرطت فقط في مسار ثنائي مع إيران ينطوي على خطر يتمثل في أن تلعب الدول الأوروبية الثلاث، التي تخشى أن تُستبعد من اتفاق محتمل بين واشنطن وطهران، دور المفسد من خلال تفعيل آلية الإعادة القسرية ــ وخاصة وأن العلاقات بين الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي نفسهما تنجرف إلى مياه مجهولة.

وبحسب موقع ريسبونسبل ستيت كرافت الأمريكي، فإن التوصل إلى اتفاق ثنائي محدود من شأنه أن يخفف من حدة التوترات بين الولايات المتحدة وإيران، يليه محادثات متعددة الأطراف أعمق تشمل التوقيعات الأصلية للاتفاق النووي، هو السبيل الأكثر واقعية للمضي قدما، مشيرًا إلى أنه مع توفر الإرادة السياسية على ما يبدو بين جميع الأطراف المعنية، فقد حان الوقت للمضي قدما.